الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

فتحها المسلمون وتعاقب عليها الرومان والإسبان.. جزيرة “سردينيا” التي يعيش سكانها أكثر من 100 سنة


النهارالاخباريه وكالات
تعد جزيرة سردينيا في إيطاليا واحدة من أشهر "المناطق الزرقاء" الخمس في العالم، حيث يعيش عدد كبير من الناس حتى 100 عام أو أكثر.
وتحتل الجزيرة المرتبة الثانية من حيث الحجم بعد صقلية بين جزر غرب البحر الأبيض المتوسط، وتقع غرب إيطاليا وتشكل إحدى المناطق الإدارية الخاصة بها.
 تتميز الجزيرة بطبيعتها الخلابة وسواحلها الشاطئية الجميلة التي تمتد على مسافة طويلة على البحر الأبيض المتوسط. 
 
كما يعود تاريخ سردينيا إلى آلاف السنين، حيث عرفت بأنها موطن لحضارات قديمة متعددة  مثل الفينيقيين والرومان والعرب والإسبان وغيرهم، مما جعلها تمتلك تراثاً ثقافياً غنياً ومتنوعاً..
في هذا التقرير سوف نطلعكم على كل ما تودون معرفته حول جزيرة سردينيا أجمل جزر إيطاليا، فلماذا سميت بهذا الاسم؟ وما هي الحضارات التي تعاقبت عليها؟ وما هي الأماكن السياحية التي يمكن زيارتها في هذه الجزيرة الإيطالية؟
 أصل تسمية جزيرة سردينيا
مملكة سردينيا هي التسمية التي تشير إلى الأراضي التي حكمها سلالة سافويا الملكية منذ عام 1720 حتى 1723  بعدما تسلم الملك فيتوريو أميديو الثاني سافويا عرش سردينيا وبييمونتي؛ وذلك بموجب معاهدة لاهاي (1720). 
وتم تقديم هذه الأراضي للملك كتعويض له عن فقدانه عرش صقلية لصالح النمسا، وسمح له بالاحتفاظ بلقب الملك، حيث كان لقب "ملك سردينيا" معروفاً منذ القرن الرابع عشر. 

ضمت المملكة، إلى جانب سردينيا، كل من سافويا وبييمونتي ونيس وليغوريا، بما في ذلك جنوى، والتي ضمتها المملكة بموجب مؤتمر فيينا عام 1815. 
في عام 1860، تم التنازل عن سافويا ونيس لصالح فرنسا مقابل الموافقة والمساعدة الفرنسية في توحيد إيطاليا. 
أصبح اسم الدولة رسمياً مملكة سردينيا  خلال معظم القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كانت تورينو عاصمة المملكة من الناحية السياسية والاقتصادية. 
وفي عام 1861، أصبحت مملكة سردينيا الدولة المؤسسة لمملكة إيطاليا الجديدة، حيث ضمت جميع الأراضي الإيطالية الأخرى، وتم نقل كل مؤسساتها إليها.
أين تقع الجزيرة؟
تتحد الجزيرة جيولوجياً مع كورسيكا، وكلتاهما محاذيتان على طول حزام جبلي يرتفع أكثر من 13000 قدم (3950 متراً) من قاع البحر المحيط. 
وتجاورها جزيرة كورسيكا الفرنسية وشبه الجزيرة الإيطالية وصقلية وتونس وجزر البليار الإسبانية.
 مناخ الجزيرة 
يعتبر مناخ سردينيا متنوعاً ومتغيراً بين منطقة وأخرى، ويتأثر بعوامل عدة مثل الامتداد الجغرافي والتضاريس المختلفة. 
يمكن تصنيفه بشكل عام ضمن مناخين رئيسيين: المناخ البحري المتوسطي والمناخ المعتدل القاري.
ويتسم مناخ سردينيا بتقلبات موسمية وفترات هطول مطري تتركز في الشتاء والخريف، بينما تكون فترة الصيف شبه خالية من الأمطار.
تختلف درجات الحرارة في الجزيرة خلال الشتاء والصيف، حيث تتميز المناطق الساحلية بشتاء معتدل وصيف دافئ، بينما تتسم المناطق الجبلية بشتاء بارد وصيف معتدل. ويتراوح متوسط درجات الحرارة فيها بين 11 إلى 17 درجة مئوية في الشتاء، وبين 23 إلى 26 درجة مئوية في الصيف على الساحل، بينما تتراوح بين -2 إلى 4 درجة مئوية في الشتاء، وبين 16 إلى 20 درجة مئوية في الصيف في المناطق الجبلية.
اقتصاد الجزيرة
يعتبر اقتصاد الجزيرة واحداً من أكثر الاقتصادات تطوراً في جنوب إيطاليا، خاصة في المقاطعات الرئيسية مثل كالياري وساساري. 
وفقاً لإحصائيات وكالة الإحصاء الروسية "روستات"، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للجزيرة في عام 2014 حوالي 33.356 مليون يورو، مما جعل دخل الفرد يبلغ 19,900 يورو، وهو أعلى من متوسط الاتحاد الأوروبي بنسبة 72%.
ومن الجدير بالذكر أن سردينيا تمتلك فائضاً في إنتاج الكهرباء، حيث يتم تصدير الكهرباء إلى مناطق مثل كورسيكا والبر الإيطالي. 
 كما تتميز الجزيرة بوجود محطات لتوليد الطاقة من الغاز الطبيعي المسال وخطوط طاقة بحرية تقلل من تكلفة الكهرباء في المنطقة.
وتوجد ثلاث بنوك رئيسية في سردينيا، منها بانكو دي سردينيا وبانكا دي ساساري، التي تم تأسيسها في ساساري.
بالإضافة إلى ذلك، هناك فرصة لتحول سردينيا إلى ملاذ ضريبي، حيث تم إعفاء الجزيرة من الرسوم الجمركية وضريبة القيمة المضافة. 
وفي عام 2013، أصبحت بلدة بورتوسكوسو أول منطقة تجارة حرة في الجزيرة، مما يعزز موقعها كوجهة استثمارية مغرية.
تاريخ الجزيرة
الاحتلال الروماني
إن موقع سردينيا في وسط البحر الأبيض المتوسط  يجعلها دائما محلّ أطماع خارجية.. وصلت موجات متتالية من الغزاة – الفينيقييين والقرطاجيين والرومان – منذ حوالي عام 1000 قبل الميلاد إلى الجزيرة، وحققت نجاحات متفاوتة في إخضاع السكان الأصليين لها. 
كان سكان سردينيا يميلون إلى الفرار إلى الداخل من هذه الغزوات، وهو أحد أسباب وجود عدد قليل نسبياً من المستوطنات الساحلية اليوم. 
ومع ذلك، فقد جلب الغزاة معهم أيضاً أساليب جديدة للزراعة، والبنية التحتية، مثل شبكة الطرق الرومانية ومدرج كالياري وفق موقع SARDINIAN PLACES 
 الحكم الكاتالوني 
بعد أربعة قرون، وبعد حملة حربية طويلة، استسلمت سردينيا للحكم الكاتالوني في القرن الخامس عشر. 
ظل الأراغونيون هم القوة الحاكمة حتى أوائل القرن الثامن عشر، ولا يزال العديد من السكان يتحدثون اللغة الكاتالونية في المدينة اليوم.
القاعدة الإيطالية
في عام 1861، أصبحت سردينيا جزءاً من إيطاليا الموحدة، التي ساعد في إنشائها البطل القومي الإيطالي غاريبالدي.  
وعلى الرغم من الوحدة، ظلت الجزيرة تعاني من استغلال المضاربين الإيطاليين للموارد الطبيعية مثل خامات المعادن والغابات على حساب سردينيا وكان الفقر منتشراً، وأدّى ظهور الفاشية بين الحربين العالميتين إلى توسيع الفروقات بين المدينة والريف.
 في عام 1948، مُنحت الجزيرة الحكم الذاتي على البنية التحتية الإقليمية مثل الشرطة والغابات والنقل، ومنذ ذلك الحين أصبحت وجهة العطلات الرائعة التي نعرفها اليوم.
فتح سردينيا 
التاريخ الحافل لجزيرة سردينيا يعكس التنافس الشديد الذي كان قائماً بين المسلمين وأوروبا المسيحية على سيطرتها. تمت محاولات فتح الجزيرة عدة مرات خلال حكم الأمويين والعباسيين، وتناوبت النتائج بين النجاح والفشل.
أول محاولة لغزو سردينيا كانت خلال عهد الوليد بن عبد الملك في العام 92 هجرياً، حيث قاد موسى بن نصير جزءاً من جيشه لاحتلال الجزيرة بسهولة ودون مقاومة كبيرة، ورغم جمعهم لكميات هائلة من الثروات، إلا أن سفينتهم غرقت أثناء العودة إلى الأندلس.
وفيما بعد، قام عبد الرحمن بن حبيب الفهري بغزو سردينيا في عهد الخليفة العباسي أبو العباس السفاح، ونجح في فرض جزية على سكان الجزيرة بعد تخريب الكثير من ممتلكاتهم.
ثم جاء دور الأمير الأفريقي المنصور بن القائم العلوي في العام 323 هجرياً، حيث أرسل أسطولاً إلى الجزيرة وقام بفتح بعض المدن قبل أن يغادرها مدمراً.
وكانت المحاولة الرابعة لفتح سردينيا في العام 406 هجرياً، عندما استغل المجاهد العامري غياب ملك الجزيرة وقام بغزوها، إلا أنه تعرض لهزيمة في معركة شرسة مع البيزنطيين، وهذه المعركة كانت الأخيرة التي ذكرها المؤرخ ابن الأثير عن جزيرة سردينيا.
السياحة في أجمل جزر إيطاليا
تعرف سردينيا بأنها جنة في قلب البحر الأبيض المتوسط فسواحلها المشمسة وشواطئها البيضاء والرملية هي مناطق الجذب السياحي الرئيسية، ولكن هناك قائمة لا حصر لها من الأماكن والوجهات التي يمكنك اكتشافها في هذه الجزيرة الإيطالية.
هنا بعض الاقتراحات حول الأماكن التي يمكنك زيارتها في سردينيا خلال عطلتك القادمة: 
  جيارا جيستوري  
تقع منطقة جيارا، في وسط شرق سردينيا، وتحتوي منتزهات تضمّ الخيول البرية الصغيرة وأشجار البحر الأبيض المتوسط. 
وتشتهر هذه المنطقة أيضاً بمعالمها الأثرية مثل باروميني نوراغي الشهير، المعروف أيضاً باسم "سو نوراكسي"، المُعلن كتراث ثقافي غير مادي للبشرية
 وفي ذات المنطقة توجد أيضاً نوراغ وهي أبراج دفاعية تتميز بشكلها المخروطي ومبنية بكتل كبيرة من الحجر المنحوت الجاف. 
 أرخبيل مادالينا
يتكون أرخبيل مادالينا من 7 جزر رئيسية، وهو أحد مواقع التراث العالمي   لليونسكو منذ عام 1994.
وفي كل عام يتم الترحيب بهواة الغطس في هذه المنطقة من جزر إيطاليا كما يتم تنظيم رحلات استكشافية بالقوارب ليوم كامل أو نصف يوم: فهي تسمح للسياح بزيارة بعض الشواطئ والخلجان الصغيرة التي لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق القوارب، والتي تتميز بطبيعتها المذهلة. 
 شواطئ شيا
أحد شواطئ الجزر الإيطالية الواقعة في سردينيا بمياهها الشفافة، التي تغمر ساحل شيا لمسافة حوالي 6 كم. 
وفي منطقة شيا يمكنك أيضاً زيارة موقع نورا الأثري ذي الأصول البونيقية، والذي يعتبر أقدم قرية في سردينيا.
 خليج أوروسي
يعد خليج أوروسي، في وسط شرق سردينيا، أحد أجمل المواقع السياحية في الجزيرة.
 تشتهر المنطقة بكهوف بوي مارينو، والحرف اليدوية والمناطق الأثرية مثل تيسكالي وسيرا أوريوس وغابات سوتاتيرا ووادي Su Gorroppu الأعمق في سردينيا كما يعد أحد أعمق الأودية  في أوروبا.. 
ألغيرو
تقع ألغيرو على الساحل الشمالي الغربي لجزر إيطاليا ولا تزال تظهر عليها آثار ماضيها الكاتالوني، تتميز المدينة بمعمارها التاريخي على الطراز القوطي مع كاتدرائية سانتا ماريا وقصر جيلوت وكنيسة سان فرانسيسكو التي تعود للقرن الرابع عشر ومتحف كورال وخليج طبيعي طويل يطل على البحر الزمردي.
بوسا
تقع على الساحل الشمالي الغربي، وتتمتع بالسحر الرومانسي للمدن النهرية والكثير من التقاليد التي لا تزال حية. 
المنطقة التاريخية في المدينة جديرة بالزيارة، وتتكون من منازل ملونة تتزين بالتلال. 
تهيمن قلعة مالاسبينا على المكان، والتي يطلق عليها اسم عائلة توسكان التي بنتها في القرن الثاني عشر. يمكن رؤية القلعة من جسر بونتي فيكيو التاريخي في بوسا، والذي يعتبر واحداً من أجمل 30 جسراً في إيطاليا.
 كهوف نبتون
هي الكهوف الأكثر شعبية في سردينيا، موجودة في ألغيرو وهي مخصصة لإله البحر نبتون. 
تمتد الكهوف لمسافة حوالي 6 كيلومترات وقد تم حفرها على مدى آلاف السنين بالمياه العذبة. ويمكن الوصول إليهما عن طريق العبارة أو عن طريق درج مكون من 600 درجة،وتوفر إطلالات خلابة على البحر والساحل.
كارلوفورتي
يبلغ عدد سكانها حوالي 6.400 نسمة وهي البلدية الوحيدة في جزيرة إس بيترو الواقعة في الساحل الجنوبي الغربي لجزيرة سردينيا. 
مكان هادئ وجميل، يتميز بشواطئ صغيرة جميلة وشوارع ضيقة ساحرة، لأهل المنطقة لهجة خاصة وهي نوع مختلف من اللغة الليغورية.. 
منطقة كاستيلو القديمة
تطل منطقة كاستيلو القديمة على المدينة، وهي منطقة محصنة تقع على قمة تل ويعود تاريخها للقرون الوسطى.
تضم المدينة العديد من الأحياء التاريخية في ستامبيس (منطقة البرجوازية والتجار)، والمارينا (منطقة الصيادين والبحارة) وفيلانوفا (منطقة الرعاة والم ويعد حصن القديس ريمي أحد رموز المدينة، ويقع في منطقة كاستيلو، ويمكنك الاستمتاع بإطلالة جميلة على المدينة والمرسى الساحر الموجود فيها من شرفته. 
 من بين عوامل الجذب في المنطقة أيضاً: كاتدرائية كالياري من القرن الثالث عشر، والمتحف الأثري الوطني الذي يعرض القطع الأثرية من العصر النوراجي إلى العصر البيزنطي، والسيراميك الروماني وأيضاً لا يمكنك تفويت كنيسة سيدة بوناريا ومن المواقع الأثرية الجديرة بالزيارة المدرج الروماني وشاطئ بويتو.. 
سكان الجزيرة الإيطالية يعيشون 100 سنة 
ويعيش سكان هذه الجزيرة الإيطالية أكثر من 100 عام في المتوسط، مسجلين بذلك مستوى مرتفعاً من متوسط الأعمار، مقارنةً بغيرهم من شعوب العالم وحتى بغيرهم من سكان المدن الأخرى في إيطاليا.زارعين).
ويعود السبب الرئيس لارتفاع متوسط الأعمار في جزيرة سردينيا إلى نمط حياة السكان ونظامهم الغذائي وفق تقرير نشرته شبكة "CNBC" الأمريكية. 
إليك كيفية تناول الطعام مثل سكان سردينيا لعمر 100 عام
 استخدم المكونات المستوحاة من جزر إيطاليا
يتناول سكان جزر إيطاليا اللحوم بشكل ضئيل، في حين تتم زراعة جزء كبير من الطعام فيها محلياً، وهو خالٍ عموماً من المبيدات الحشرية أو الهرمونات أو الأصباغ أو السكريات.
ويركز سكان الجزيرة الإيطالية على تناول الخضار والسلطات وحساء الفاصوليا مع الشمر والفول والحمص والطماطم.
كما يتناول سكان الجزيرة منتجات حليب الماعز والأغنام، التي لها خصائص مضادة للالتهابات بكثرة، والتي وُجد أنها تخفض نسبة الكوليسترول السيئ..
ولسكان الجزيرة خبزهم المسطح المميز ("كارتا دي ميوزيكا")، مصنوع من حبوب التريكوم الكاملة عالية البروتين ومنخفضة الغلوتين، وهو المكون الرئيسي في المعكرونة الإيطالية ويستمتعون  بشاي الحليب، الذي يعتقدون أنه ينظف الكبد، يومياً.
ويحب سكان إيطاليا الطبخ كثيراً؛ لذلك يأخذون الوقت الكافي للاستمتاع بأصوات تقطيع البصل، وفرم الثوم، وسحق الطماطم الطازجة للحصول على  الصلصات اللذيذة..
ولينعموا بعمر أطول يظل سكان الجزيرة الإيطالية نشيطين طوال اليوم، يعتنون بأغنامهم، ويحلبون ماعزهم، ويبحثون عن الخضر البرية، ويطبخون، وينظفون ويهتمون بالحديقة.
لذلك إذا كنت ممن يجلسون أمام الكمبيوتر طوال اليوم، فاضبط مؤقت هاتفك أو ساعتك الذكية على فترات تتراوح من 30 إلى 45 دقيقة حتى تتمكن من النهوض من مكانك كل مرة، كما يمكنك المشي في ساعة الغداء.