الجمعة 20 أيلول 2024

المسحراتي أبو الهيجاء... صدى الابتهالات الرمضانية في حي القيمرية الدمشقي


النهار الاخباريه وكالات

يغزل أبو الهيجاء، مسحراتي حي القيمرية الدمشقي، من خيوط الفجر الأولى نسيجاً ساحراً يمتزج بين الحارات الضيقة والأضواء المنعكسة على الحجارة المرتصفة، فيما تردد الجدران العتيقة صدى ابتهالاته وأدعيته.

فمنذ عشرين عاماً وحتى اليوم، يخرج محمود الصوان من بيته، مرتدياً لباسه التقليدي الشعبي، حاملاً في يده طبلته وعصاه؛ وعلى عاتقه مهمة إيقاظ أهالي حي القيمرية في موعد السحور خلال شهر رمضان المبارك.

يبين المسحراتي الدمشقي " أنه بدأ هذه المهنة منذ عشرين عاماً، ومن ذلك الوقت وفي كل يوم من أيام شهر رمضان المبارك يخرج قبل موعد أذان الفجر بساعة ليوقظ أهالي الحي ليتناولوا وجبة السحور.
يقول الرجل البالغ سبعاً وعشرون عاماً إن هذه المهنة هي جزء منه وهي مهنة مفعمة بالروحانية، وهو يتمسك بها لأنها جزء من روح الشام والتراث الدمشقي القديم.

يتنهد أبو الهيجاء وهو يسترجع ذكريات طفولته في حي القيمرية، فيشير إلى أنه كان حينها ينتظر المسحراتي حتى يأتي ويوقظه، ويتابع: "كنت أتبعه برفقة أطفال الحي لنشاهده وكنت أقف متأملاً لباسه التقليدي ومستمتعاً بصوته ومشدوهاً بجمال هذه الصورة المتكاملة... ومنذ تلك اللحظات أحببت هذه المهنة وعزمت على العمل بها".

يتردد صدى صوت محمود الصوان في أسماع وقلوب أهالي حي القيمرية وسط العاصمة دمشق ليعيد السكينة والأمان لقلوبهم التي أنهكها الخوف والذعر بعد عقد من الزمن خيمت فيه الحرب الإرهابية على دمشق، يعلو صوت المسحراتي وهو يردد الابتهالات والأدعية لمديح الله سبحانهُ وتعالى، ومديح النبي وآل بيته وأصحابه ودعوة الناس لتوحيد ربهم.

يا نايم وحد الدايم، قوموا على سحوركم إجا رمضان يزوركم، جيت يا شهر الخير، زرتنا يا شهر البركة"، وغيرها الكثير من الابتهالات يرددها أبو الهيجاء ليشكل صورة ساحرة للأجواء الرمضانية في دمشق.

يسترسل صوان في حديثه فيعدد الصفات المطلوبة لشخصية المسحراتي: "أن يكون ودوداً، لطيفاً، صاحب خير وأمانة، يساعد أهالي الحي الميسورين في توزيع المعونات الخيرية على الفقراء والمساكين، لأنه بطبيعة الحال يعرف كل أهالي الحي ويعرف أحوالهم".

ويمكن للناظر اذا أمعن النظر في حارات وزواريب حي القيمرية أن يلمح أبو الهيجاء حاملاً سلة من القش يوزع فيها حلويات رمضان كالتمر والزبيب وقطع الفواكه والسكاكر على العابرين وعلى الأطفال الذين تشرأب أعناقهم من أبواب بيوتهم المواربة ليسترقوا النظر إلى المسحر.

طالما فيي روح رح ضل مسحر، عم حاول تعليم المهنة لابني ليعلمها للأجيال القادمة، وأنا بدوري ورثت المهنة عن الأجداد وسأورثها للأبناء"، بإصرار وتصميم يؤكد الرجل الدمشقي على رغبته بالحفاظ على هذه المهنة من الاندثار.

يعد أبو الهيجاء الأيام المباركة بانتظار مطلع شمس أول أيام عيد الفطر المبارك ليطرق بيوت أهالي الحي بوجهه المشرق بانتظار "العيدية" ويطالع أهالي الحي بعبارة" كل عام وأنتم بخير".