الجمعة 20 أيلول 2024

الصين تحكم الشرق الأوسط كيف يحكم التنين قبضته حول المنطقة عبر سلاح الاستثمارات للجميع؟

النهار الاخباريه وكالات 
بعد أن كانت منطقة الشرق الأوسط نفوذاً أمريكياً خالصاً طوال عقود مضت، أصبحت الصين الآن تمتلك الكلمة الأولى في المنطقة من خلال سلاح الاقتصاد، فما حجم الاستثمارات حتى الآن؟
وتاريخياً يمثل الشرق الأوسط مطمعاً للقوى الدولية الكبرى لأسباب معلومة تتعلق بالموقع الجغرافي والثروات الطبيعية، وتمتعت الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية بنفوذ هائل في المنطقة، بينما كانت الصين تعاني لبناء قوتها الاقتصادية والعسكرية دون ضجيج على المسرح الدولي.
وبينما اعتمدت واشنطن على قوتها العسكرية تعتمد بكين على سلاح أقل ضجيجاً، لكنه بات أكثر تأثيراً وهو السلاح الاقتصادي، وتناول تقرير لصحيفة Haaretz الإسرائيلية هذه القصة في تقرير بعنوان "كيف تُحكِم الصين قبضتها الاقتصادية على الشرق الأوسط" رصد ما حققته الصين حتى الآن باستخدام سلاح المال
الصين تبني العاصمة الإدارية في مصر
وبداية القصة من مصر، حيث يرتفع أعلى برج في إفريقيا، بطول 385 متراً، نحو السماء في العاصمة الإدارية الجديدة، وهي مشروع الرئيس عبد الفتاح السيسي الرائد، التي تقع على بعد 45 كيلومتراً شرق القاهرة
ويستكمل آلاف العمال ومئات الشركات العمل على المدينة، التي من المتوقع أن تضم نحو 20 برجاً سكنياً ومكتبياً، بما في ذلك البرج الأيقوني المذكور أعلاه، و29 وزارة حكومية ومئات المكاتب الأخرى للشركات والمفوضيات التجارية
وتُقدَّر تكلفة العاصمة التجارية بنحو 3 مليارات دولار، يأتي معظمها (نحو 85% تحديداً) من الحكومة الصينية. وتمثل مصر مركزاً سريع التطور للاستثمارات الصينية، بعدما أصبحت في السنوات الأخيرة نقطة انطلاق للمستثمرين الأجانب، مثل روسيا التي تبني محطة نووية على البحر المتوسط، أو شركة Siemens الألمانية التي فازت بعقود لبناء نظام سكك حديدية مكهربة بتكلفة 23 مليار دولار.
والعاصمة الإدارية الجديدة ليست المشروع الوحيد الذي تشارك فيه الصين، فقد استثمرت بكين نحو 7 مليارات دولار في مشروعات صناعية على طول قناة السويس الموسعة -وهو مشروع آخر واسع النطاق بدأه السيسي ولكنه لم ينطلق بعد- وفي البنية التحتية
العاصمة الإدارية في مصر تبلغ استثمارات الصين فيها 85%
وتشير التقديرات إلى أنه منذ عام 2016، ضخت الصين ما بين 16 إلى 20 مليار دولار في مصر، في شكل استثمارات وقروض ومساعدات أخرى ضمن مبادرة الحزام والطريق، التي أُطلِقَت في عام 2013، وتهدف إلى ربط الصين بآسيا والشرق الأوسط وأوروبا.
ومن المؤكد الآن أن التنافس بين الصين والولايات المتحدة على زعامة المسرح الدولي قد وصل إلى مرحلة متقدمة، وأصبحت بكين وتنامي نفوذها الدولي تمثل الهم الأكبر لصناع السياسة الأمريكية. وفي ظل الأهمية الاستراتيجية القصوى التي تتمتع بها منطقة الشرق الأوسط، وهي المنطقة التي مثلت مسرحاً أمريكياً خالصاً منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تتعالى الأصوات في واشنطن محذرة من سعي التنين لأن يرث النفوذ الأمريكي في المنطقة
وكانت مجلة Foreign Affairs الأمريكية قد تناولت هذه الفرضية في تحليل مفصل أعده ستيفن كوك، الزميل الأول لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا بمجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، وجيمس غرين زميل البحث الأول بمبادرة الحوار الأمريكي الصيني حول قضايا العالم في جامعة جورج تاون الأمريكية
وخلص التحليل إلى أن الوجود الصيني في المنطقة يأتي مدفوعاً بالشواغل الاقتصادية والأوضاع السياسية الداخلية أكثر منه بالرغبة في الهيمنة.