وكالة النهار الاخبارية/ عبد معروف
يعيش أهالي قطاع غزة اليوم واحدة من أكثر الكوارث الإنسانية والبيئية قسوة في التاريخ الحديث، نتيجة العدوان الإسرائيلي الذي استمر لأكثر من عامين، والذي خلّف وراءه حجمًا هائلًا من الدمار والركام غير المسبوق. فقد تحولت مناطق واسعة من القطاع إلى مشاهد تشبه المدن المنكوبة بالحروب العالمية، حيث لم يسلم بيت أو شارع أو مرفق من آثار القصف والتدمير العشوائي.
تشير تقديرات المؤسسات الدولية إلى أن أكثر من 80 بالمئة، من مباني غزة قد دُمرت أو تضررت بشكل جزئي، ما يعني فقدان مئات آلاف العائلات لمنازلها وممتلكاتها. أما في مدينة غزة وخان يونس ورفح، فقد تلاشت أحياء كاملة عن الوجود، وأصبحت أكوامًا من الإسمنت والحديد الملتوي. وقدّر خبراء الأمم المتحدة أن كمية الركام تجاوزت 40 مليون طن، وهو رقم يعادل ما خلفته الحرب في أوكرانيا خلال عامين، ما يجعل عملية إزالة الأنقاض مهمة معقدة قد تستغرق سنوات طويلة.
وعن خطورة ركام غزة شددت تقارير صادرة عن الأمم المتحدة على احتواء ركام غزة على مادة شديدة السمية ووصفتها التقارير بأنها مصائد للموت بسبب احتوائها على مادة «الأسبستوس» والتى تتسبب بالإصابة بالسرطانات المختلفة فضلا عن العديد من الأمراض المزمنة الأخرى ومنها الخاصة بالجهاز التنفسى والجلد وهى المادة التى قد تُعرقل عملية إزالة الأنقاض بعد توقف الحرب.
وأوضحت التقارير أن ذلك الركام يقدر بنحو 60مليون طن بمساحة تصل إلى 90% من مساحة غزة وأن إزالته قد تستغرق 21 عاما، وتكلف 1.2 مليار دولار.
وأوضح خبراء أمميون أن ركام غزة لا يحتوى على مئات الآلاف من مادة الأسبستوس فقط وإنما يضم أيضا العديد من الألغام غير المنفجرة.
هذا الركام لا يمثل مجرد حجارة مهدّمة، بل يختزل حياة آلاف العائلات التي فقدت مساكنها ومدارسها ومستشفياتها. فالقصف طال البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك شبكات المياه والكهرباء والاتصالات، مما جعل الحياة اليومية شبه مستحيلة. ومع انقطاع الخدمات الأساسية، تحوّلت غزة إلى منطقة منكوبة بيئيًا وصحيًا، حيث تنتشر الأمراض نتيجة تراكم النفايات والجثث تحت الأنقاض.
وتحذر منظمات الإغاثة من أن استمرار الحصار يمنع إدخال المعدات اللازمة لإزالة الركام أو إعادة الإعمار، ما يفاقم الأزمة الإنسانية. كما أن وجود الذخائر غير المنفجرة بين الركام يشكل خطرًا دائمًا على حياة السكان والعاملين في فرق الإنقاذ.
رغم هذا المشهد القاتم، يبقى سكان غزة مثالًا للصمود، إذ يواصلون محاولاتهم لإعادة بناء ما يمكن إنقاذه من منازلهم وأحيائهم بأدوات بسيطة. وتُعد عملية إعادة الإعمار تحديًا هائلًا يحتاج إلى دعم دولي واسع، ليس فقط لإعادة البناء المادي، بل لإعادة الحياة والأمل إلى هذا القطاع المنكوب.
إن حجم الدمار في غزة لا يُقاس فقط بمساحته الجغرافية، بل بما يمثله من كارثة إنسانية كبرى، تستدعي تحركًا عاجلًا من المجتمع الدولي لإنهاء الحصار، ومحاسبة المسؤولين عن هذا الدمار، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه في الحياة الكريمة على أرضه.
لا يمثل خطر الركام تحديا اجتماعيا وبيئيا وصحيا على سكان قطاع غزة بما يحتويه من مواد خطرة مسرطنة بجانب القنابل غير المتفجرة والتى تعنى أن مجرد الاقتراب من حطام المبانى يعد بمثابة موت محقق سواء من خلال استنشاق ذرات الغبار المشبع بالمواد السامة أو انفجار القنابل المخزنة بداخله وإنما هناك خطورة حقيقية من محاولة الاسترزاق من هذا الركام وإعادة استخدامه سواء فى عمليات وترميم منازل العائدين من النزوح بعد قرار وقف إطلاق النار أو من جانب بعض العمال الذين وجدوا فى ذلك الركام فرصة للعمل والاسترزاق من خلال تدوير الركام فى كسارات الركام، وهو ما يعتبر فرصة لجنى الأموال خاصة مع العجز الكبير فى مواد البناء بسبب الحرب والحصار الذى عانت منه غزة.