السبت 25 تشرين الأول 2025

مصالحة الفصائل الفلسطينية.. خطوة إلى الأمام وخطوات إلى الوراء

وكالة النهار الاخبار/ عبد معروف
تطرح قضية المصالحة بين الفصائل الفلسطينية بين الفترة والأخرى، وعند كل محطة مصيرية تتعرض فيها القضية الفلسطينية لمخاطر وتحديات تهدد جميع من في قارب القضية بالغرق، في محاولة من قيادات الفصائل لإنقاذ نفسها، بـ"خشبة خلاص واحدة" بموقف موحد، لضمان استمرار بقائها، وحفظ ماء الوجه أمام الشعب الفلسطيني الذي يدفع ثمن التحديات والانقسامات من قضيته الوطنية والانسانية ومن حياته ومستقبل أجياله.
وبالعودة إلى الماضي القريب، والبعيد أيضا، نجد أن الفصائل الفلسطينية عقدت مئات من الاجتماعات والمؤتمرات وطاولات الحوار في عواصم عربية وأجنبية عدة، قبل وبعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان عام 1982، بهدف الوصول إلى مصالحة فلسطينية تؤدي إلى وحدة الصف الفلسطيني، لكن يجب الاعتراف أن كل تلك المحاولات باءت بالفشل ولم تتمكن الفصائل الفلسطينية من توحيد صفوفها أو توحيد مواقفها مما تتعرض له القضية الفلسطينية عسكريا وسياسيا وتنظيميا.
فقبل العام 1982، عندم كانت الفصائل في مجد قوتها وتأثيرها على أرض الواقع، كان الخلاف حادا بين الفصائل وتحديدا بين فصائل جبهة الرفض التي كان يقودها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من جهة وحركة "فتح" من جهة أخرى، حول مشروع التسوية والمفاوضات مع الاحتلال، وكان الخلاف دمويا في الكثير من الأحيان، وفشلت كل محاولات توحيد الصف الفلسطيني، رغم الهدنة او محاولة تجاوز هذه الخلافات.
وبالإضافة إلى الانشقاقات الدموية بين تيارات حركة"فتح" المختلفة، برزت ظاهرة الانقسام الحاد بين حركة "حماس" وما تمثل، وحركة "فتح" وما تمثل، وصلت إلى حد الانقلاب والاتهامات المتبادلة. حركة "فتح" تتهم "حماس" بالانقلاب في إطار مشاريع المغامرة العسكرية بإطار مشروع ديني إقليمي خارجي يتعارض كما تقول"فتح" مع النسيج الوطني الفلسطيني، وحركة "حماس" تتهم "فتح" بالخيانة والتنسيق الأمني مع العدو.
هذه الاتهامات واضحة ومباشرة ويمكن الاطلاع عليها لمن يريد الاطلاع، ورغم ذلك عقدت عشرات المؤتمرات والاجتماعات في عواصم ومدن عربية وأجنبية، في محاولة للمصالحة بين قيادات الفصائل وخاصة بين حركتي"فتح" و"حماس" لكنها فشلت في الوصول إلى الحد الأدني من المصالحة القائمة على تنسيق المواقف إن كانت المصالحة الشاملة والوحدة وتشكيل حكومة وحدة وطنية أمر متعثر في مرحلة ما.
ورغم ما تتعرض له القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني من عدوان وتحديات وضياع، إلا أن الفصائل لم تتمكن من توحيد صفوفها أو توحيد مواقفها لمواجهة هذه التحديات وإنقاذ نفسها وإنقاذ الشعب من حالة الضياع.
أولا لأن ما تعمل من أجله قيادة الفصائل هو المصالحة بينها أي مصالحة فصائلية وليست مصالحة وطنية، وهنا لا أتجنى على أحد، في ظل الاتهامات المتبادلة بين الطرفين، فالمصالحة الوطنية تتطلب أطرافا وطنية، لكنها تتهم بعضها بالخيانة والتنسيق الأمني والمشروع الديني المرتبط بأجندات خارجية والمغامرات غير المحسوبة وتوريط الشعب الفلسطيني بحروب ومعارك غير محسوبة.
ثانيا، الوحدة الوطنية تتشكل على برنامج وطني، فكيف تتم الوحدة بينهما وكل طرف يعمل في إطار برنامج متناقض مع البرنامج الآخر.
ثالثا: كيف ستكون وحدة الموقف، في ظل الامتدادات الخارجية لكل طرف، حيث لكل فصيل امتداد خارجي متناقض ومتصارع مع الآخر.
وبالتالي الخطين السياسيين لكل منهما خطان متوازيان لا يمكن لهما اللقاء، ورغم ما شهدته وما تشهده القضية الفلسطينية من تراجع وهزائم وضعف وتفكك، إلا أن ذلك لم يدفع الفصائل لاجتماع جاد، يتم خلاله تشريح المرحلة ليس بهدف الوحدة، وتشكيل حكومة وحدة بين الفصائل، بل بحد أدنى من الحد الأدني وهو عدم الصدام وعدم الاقتتال رحمة بالشعب والقضية.
لا شك أن الوضع الفلسطيني يتعرض لحالة اهتراء وضعف، ولتلك الحالة أسبابها الواقعية والتاريخية، وليس بمقدور الفصائل التي تعيش حالة عجز وشيخوخو وترهل أن تصنع نصرا أو تشكل وحدة وطنية صلبة، أو تدافع عن حقوق الشعب المشروعة داخل الوطن وفي الشتات، لكن عليها ومن منطلق الحس الانساني أن تبتعد عن تصعيد الخلاف وعدم الانزلاق للاقتتال فقط  فما قدمه مقترح الرئيس الأمريكي وتوج في قمة شرم الشيخ هو وصفة لاقتتال فلسطيني، يرجى من الفصائل عدم الانزلاق إلى هذا الفخ.