اسامه الغزالي
الذى يجرى الآن فى السودان الشقيق، والذى جذب اهتماما دوليا: سياسيا وإعلاميا قويا، لابد وأن يثير لدينا أيضا فى مصر اهتماما أكبر وأعمق. إننى أتابع بدقة تطورات الأوضاع هناك، التى تبلورت مؤخرا فى الخلاف أو الشقاق بين ما درج أشقاؤنا هناك على تسميته «المكون المدنى» و«المكون العسكرى» فى شركاء الحكم فى السودان، فى مجلس الحكم السيادى. هذا المجلس يدير شئون البلاد فى سياق مرحلة انتقالية، يفترض أن تؤدى إلى حكم مدنى من خلال انتخابات تجرى بعد نحو عامين فى بداية عام 2024. وقد أدى وقوع محاولة انقلابية فاشلة أعلنت عنها السلطة فى سبتمبر الماضى، إلى تفجير الخلافات والشكوك بين الطرفين، فضلا عن أنه استدعى تدخلات أجنبية كثيرة تحث على « دعم التحول نحو الحكم المدنى الديمقراطى» ..، وهو ما تبدى حينها بالذات فى تصريحات مستشار الأمن القومى الأمريكى جاك سوليفان «بالتزام إدارة الرئيس جو بايدن بدعم الانتقال الديمقراطى الذى يقوده المدنيون فى السودان». غير أن جوهر الأزمة السودانية الآن هو ذلك التضاد أو التصادم، الذى يدفع إليه دفعا، بين المكون المدنى والمكون العسكرى، أى بين الأحزاب والقوى السياسية من ناحية والجيش من ناحية أخرى . وتكررت المشاهد الإعلامية للمظاهرات الحاشدة التى شهدتها الخرطوم، بدفع «من قوى الحرية والتغيير»، المحتجة على «المكون العسكرى» ولكن الحقيقة التى ينبغى ألا تغيب عن جميع الأطراف فى السودان هى أنه لا غنى عن التكامل والتلاحم بين الطرفين، وهما معا عماد الدولة السودانية القوية والفاعلة، والقادرة على مواجهة المخاطر التى تحيط بها. ولذلك فإن مايقال عن رفض «قوى الحرية والتغيير» المتشدد والرافض لمشاركة الجيش فى السلطة الانتقالية، لا يمكن أن يتسق مع هدف حفظ الأمن والاستقرار فى السودان، خاصة بالمقارنة مع المشاكل والإخفاقات الأمنية فى إثيوبيا المجاورة. وأخيرا فإن قوة واستقرار السودان تمثل بلا شك مصلحة قومية مصرية أصيلة