الجمعة 22 تشرين الثاني 2024

في زمن الكورنا: انا بَعدين

في زمن الكورنا: انا بَعدين 
بسام صالح  
عملية اللقاح في ايطاليا تجري ببطئ، وحسب برنامج محدد بالعمر والمهنة والناس المعرضة للخطر، قصة حقيقية حدثت في احدى المدن الايطالية، جان كارلو البالغ من العمر 91 سنة، استلم اشعار من الدائرة الصحية بان جاء دوره لتلقى اللقاح الخاص بفيروس كورونا  كوفيد 19 ، فوجئ وهو يقراء الموعد المحدد، انه له لوحده، دون اي ذكر لنجله الوحيد من المعاق  منذ الصغر، تمعن في القراءة، واستذكر زوجته التي فقدها قبل خمس سنوات والحوار الذي دار بينهما، حول من سيعتني بابنهم  بعد وفاتهم، وقد بلغا من العمر قدرا؟ لم ينتظر كثيرا امسك بالهاتف واتصل بدائرة التطعيم، وعرف عن نفسه وعمره، قائلا انا لا اريد اللقاح اعطوه لابني المقعد، وانا لست بحاجة لمزيد من العمر. على الطرف الاخر من الهاتف فوجئ المستقبل بهذا الطلب الغير عادي، والمخالف للتعليمات الحكومية، والتي لا تسمح بالتنازل عن اللفاح لشخص اخر حتى لوكان من نفس العائلة. حاول بقدر المستطاع اقناع الرجل المسن ولكن دون ان يثنيه عن طلبه. 
جان كارلو الرجل المسن، وذو الخبرة في التعامل مع بيروقراطية الدولة، توجه مباشرة للاعلام وعبر صحيفة محلية شرح ما حدث معه بالتفصيل، مما جعل القضية ملك العامة من الشعب، الى ان وصلت كالبرق الى مكتب رئيس الدائرة، فقام بالاتصال بالرجل المسن، مستفهما بداية ومحاولا اقناعه بالعدول عن موقفه، فرد عليه انا بَعدين، وضرب له مثلا عن رجل شبعان يسير في الشارع وبيده سندويشه وامامه رجل اخر يطلب منه ما يسد جوعه، فناوله السندويش ومضى في طريقه فهو ليس بحاجة وليس جائعا، وهكذا بالنسبة للتطيعم بلقاح الفيروس. لم تمضي ساعات على محادثتهم الهاتفيه، حتى جاء الرد من الدولة ممثلة بحكومتها، بان يعطى اللقاح لكبار السن ومن يعيش معهم من المعاقين افراد العائلة وعلى مستوى الوطن، وتم ابلاغه رسميا بالذهاب للموعد لتلقي اللقاح هو وابنه، وعندما اقترب الممرض طالبا منه الكشف عن ذراعه لتلقي اللقاح، التفت جان كارلو قائلا انتظر  لحظة لو سمحت واتصل بالسيدة التي تشرف على رعاية ابنه وسالها هل كل شئ على ما يرام، فردت  نعم لقد تلقى اللقاح قبل خمس دقائق، عندها شمر عن ذراعه ليتلقى التطعيم ضد الفيروس الملعون.