النهار الاخبارية - وكالات
غسل الأموال قضية يلزمها قوة رادعة
غسل الأموال هي أبرز وأقوى الجرائم الفاسدة والمفسدة التي انتشرت في القرن الحديث، فهو يكون عن طريق تحويل متحصلات أو نقلها بقصد إخفاء المال أو تمويه طبيعته أو مصدره أو مكانه أو صاحبه أو صاحب الحق فيه أو تغيير حقيقته أو الحيلولة دون اكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى مرتكب الجريمة الأصلي.
ويتمتع المجرم بهذه الأرباح دون تعريض مصدرها للخطر، ويمكن أن يكتسب المتحصلات أو حيازتها أو استخدامها أو إدارتها أو حفظها أو استبدالها أو إيداعها أو ضمانها أو استثمارها أو التلاعب في قيمتها أو إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية لها أو لمصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها، ولها ثلاث مراحل هي الإيداع «بعد الأموال عن الارتباط المباشر مع الجريمة»، والتمويه «التستر على المسار لتضليل الملاحقة» والدمج «إتاحة الأموال للمجرم من مصدر يبدو أنه مشروع».
ولهذه الجريمة آثارها السلبية في السياسة العامة للبلاد التي تحدث فيها كانتشار الفساد السياسي والإداري واستغلال النفوذ، والإضرار بسمعة الدولة وبخاصة لدى المؤسسات المالية الدولية، ونفاذ المجرمين إلى مناصب سياسية مهمة بالدولة، واستغلال الأموال المغسولة في تمويل الإرهاب.
فنجد أنه مع ازدياد الحديث عن توسع جرائم غسل الأموال داخل بلادنا الحبيبة الكويت، فكيف تحصل عمليات غسل الأموال بالبلاد؟ فلقد كشفت محكمة الجنايات خلال حيثيات حكم قضائي صدر عنها أن مصطلح «غسل الأموال» يطلق على ما يسمى بالاقتصاد الخفي والاقتصادات السوداء أو اقتصادات الظل التي تنطوي في جزء كبير منها على كسب الأموال من مصادر غير مشروعة.. ولخوف أصحاب الأموال من المساءلة القانونية وخشيتهم من الناس، فإنهم يلجأون بعد كسبها في غفلة من القانون أو تواطؤ من القائمين عليه، إلى بلد آخر عبر تحويل هذه الثروة غير المشروعة إلى ثروة تبدو في ظاهرها مشروعة، بشراء أراض زراعية أو بناء عقارات أو إنشاء مصانع أو إيداعات في البنوك أو مشاركة الآخرين.
غسيل أموال المشاهير
النيابة العامة الكويتية حفظت بلاغات قدمت ضد عدد من مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي الذين اتُهموا بغسيل أموال أبرز القضايا التي عرفت إعلاميًّا بقضية «غسيل أموال المشاهير».
التحريات والتقارير التي تسلمتها النيابة رصدت متهمين من المشاهير في جرائم غسل أموال منظمة، وتمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على أحد أفراد الشبكة في مطار الكويت الدولي قبل أن ينجح في الهروب.
مشكلة حقيقية.. وحلها
مؤكد أنه توجد مشكلة في التعامل مع ملفات مكافحة الفساد وسرعة الفصل فيها، فالقضايا تمكث سنوات دون تحريات جدية، وهناك تناقضات كبيرة.
ففي الوقت الذي نطالب فيه أن تكون الكويت مركزًا ماليًّا وخالية من غسل الأموال، يتراجع ترتيبها على مؤشرات مدركات الفساد 7 درجات من المرتبة الـ77 إلى الـ85، وفي الوقت الذي يتحدث المسؤولون عن مكافحة الفساد، نكتشف أن بعض المسؤولين الكبار اتهموا في قضايا غسل الأموال، أي إن هناك تناقضات.
والسؤال الذي يفرض نفسه، لدينا سبعة أجهزة في الدولة معنية بمحاربة الفساد وغسل الأموال.. أين كان معظمهم عن قضية الصندوق الماليزي؟ فالصحف الأجنبية هي من نبهت الكويت على القضية! ونحن هنا لا ندري عنها! ففي تلك اللحظة نتحدث عن سمعة دولة، ففي الوقت الذي نرى فيه أيادي بيضاء تسعى لرفع اسم الكويت عاليًا في مجال الأعمال الإنسانية والخيرية، تظهر أيادي أخرى تهدم لتلك الإنجازات تحرم أنباء الكويت.
حق على كل مسؤول يخاف على ثروات ومقدرات بلادنا الحبيبة الكويت أن يخاف الله –تبارك وتعالى- وأن يكثف جهوده لضبط الفاسدين وتسليمهم إلى العدالة حتى نعيش في مجتمع طاهر ومنقى من الفساد والمفسدين، ويلزم السلطات القضائية والأجهزة الأمنية المعنية بحماية مقدراتنا أن تضرب بيد من حديد كل من يحاول أن يسعى في الأرض فسادًا.