الثلاثاء 2 كانون الأول 2025

غزة بعد الحرب: بداية معركة المستقبل لا نهايته



خاص وكالة النهار الاخبارية/
 تحرير جابر – الخليل

لم تعد الحرب في غزة مجرد فصل عسكري يمكن طيّه مع توقف القصف. فالمشهد السياسي والإنساني يكشف أن ما بعد الحرب ليس محطة نهائية، بل بداية معركة جديدة على شكل المستقبل.
المعارك القادمة لن تُدار بالمدافع، بل بالاتفاقات، والهياكل السياسية، وترتيبات الحكم، وكلها ملفات تحتاج إلى توافقات أعمق بكثير مما يظهر في العلن.

مرحلة ثانية بلا مفاتيح واضحة

الحديث المستمر عن «المرحلة الثانية من الاتفاق» ما زال محاطًا بالضباب. فهذه المرحلة التي يُفترض أن تشمل إعادة الانتشار، ترتيبات الأمن، وتأسيس بيئة سياسية مستقرة، تبقى رهينة خلافات الأطراف وتقاطعات المصالح الدولية.
من دون تسويات صلبة وضمانات حقيقية، لن تتجاوز المرحلة الثانية حدود التصريحات أو الوعود، وسيبقى أي إنجاز هشًّا، قابلًا للانهيار مع أول تبدّل في موازين القوى.

انتظار الغزيّين… أبعد من السياسة

بينما تتجاذب القوى الإقليمية والدولية ملفات الحل، يقف سكان غزة أمام واقع أكثر قسوة، وأبعد بكثير عن النقاشات الكبرى.
فالأهالي لا ينتظرون تغيّر الشعارات أو تبدّل اللاعبين السياسيين، بل ينتظرون حياة قابلة للعيش:
بيوت تُرمّم بدل أن تُهدم من جديد،
خدمات أساسية تعود إلى العمل،
أمان يضمن للأطفال طريقًا إلى المدارس،
وبنية تحتية تُبنى لتبقى، لا لتنهار مع أول أزمة.

إنهم يبحثون عن مرحلة لا تعيدهم إلى نقطة الصفر بعد كل هدنة، ولا تجعل حياتهم امتدادًا لصراع الآخرين.

المعركة القادمة: من يكتب مستقبل غزة؟

السؤال الحقيقي اليوم: من سيحسم ملامح ما بعد الحرب؟
هل ستُفرض ترتيبات خارجية؟ أم ستنجح القوى الفلسطينية في بناء رؤية موحدة تضمن استمرار القرار الوطني وتمنع تدويل مستقبل القطاع؟
الاحتمالات مفتوحة، لكن المؤكد أن مستقبل غزة لن يُبنى دون وحدة موقف فلسطيني، وضمانات تمنح السكان استقرارًا طويل الأمد.

الحرب انتهت بوقف إطلاق النار، لكنها بدأت سياسيًا وبأدوات مختلفة. والمرحلة الثانية من أي اتفاق لن تصبح واقعًا إلا إذا تأسست على تفاهمات عميقة تحمي غزة من العودة إلى الدوامة ذاتها.
أما سكان القطاع، فهم ينتظرون مستقبلًا يعترف بحقهم بالحياة، ويؤسس لمرحلة لا يُعاد فيها بناء الخراب مرة بعد أخرى.