الجمعة 22 تشرين الثاني 2024

عاشت ذكراك يا دلالُ. في شهر الدلال.

عاشت ذكراك يا دلالُ. في شهر الدلال.
كتبت د.حكمت المصري...

في ذات الشهر الذي يحتفل به العالم بيوم المرأة العالمي وعيد الأم، غادرتنا زهرة فلسطين الشهيدة دلال المغربي لكنها تركت لنا عبق عبيرها عبر الأجيال المتعاقبة لتقف كل النساء بل كل الرجال بل كل العالم أمام قوتها وصلابتها وشجاعتها التي لقنت جنود الاحتلال درساً في المقاومة والصمود معلنة أنها من مدرسة الشهداء خليل الوزير ، والكمالين ، وصلاح خلف وأبو عمار وغيرهم من شهداء فلسطين. 
لقد فرضت المرأة الفلسطينية حضورها بخلقها وأدائها في النضال وهذا يدل على أن المرأة الفلسطينية من قبل عام 1948 م وهي تعيشُ حالةٍ من التحول في حياتها انتقالاً من الحياة الاجتماعية إلى الحالة السياسية ، حتى وجدت نفسها أمام مسؤولية الدفاع عن الوطن في الداخل وفي الشتات بعد انطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح التي أمنت بالكفاح المسلح من أجل استعادة أراضينا المحتلة منذ عام النكبة لينتقل دورها إلى الدور النضالي إيماناً منها بأن أكبر معضلة كانت تواجهها هو تحرير الوطن، فتلقت النساء العديد من الدورات التدريبية العسكرية لتشارك مع أخيها الرجل هم تحرير الوطن المسلوب.
استطاعت دلال التي انخرطت في العمل المسلح أن تعطينا درساً، وهو كيف يكون الشخص فتحاوياً اسماً وفعلاً، واستطاعت بشجاعتها وإيمانها بقدراتها كامرأة أن تتخطى العديد من المعضلات لتنفيذ هدفها وهو إحداث نكسة إسرائيلية داخل أراضينا المحتلة، لنراها شامخة وهي توصي رفاق دربها بتحرير كامل التراب الفلسطيني التي كانت تستنشق نسيم هواه في شهر الربيع لأول وأخر مرة أثناء تنفيذها لعملية كمال عدوان الشهيرة في قلب الكيان الصهيوني، ولربما كان يتساءل باراك وهو يشدها من شعرها بعد استشهادها أحقاً هي امرأة فلسطينية؟ 
كيف استطاعت هذه الشابة ذات العشرين ربيعاً أن تحدث تحولاً جذرياً في العمل النضالي؟
لتجد حتى إنها أبهرت الكتاب والشعراء للحديث عن حالةٍ فلسطينية نادرة حتى قال الشاعر السوري الكبير نزار قباني:
في باص ... أقاموا جمهوريتهم أحد عشر رجلاً بقيادة امرأة اسمها دلال المغربي تمكنوا من تأسيس دولة فلسطين بعدما رفض العالم أن يعترف لهم بحق تأسيسها ... ركبوا أتوبيساً متجهاً من حيفا إلى تل أبيب وحولوه إلى عاصمة مؤقتة لدولة فلسطين رفعوا العلم الأبيض والأخضر والأحمر والأسود على مقدمة الأتوبيس وهزجوا وهتفوا كما يفعل تلاميذ المدارس في الرحلات المدرسية وحين طوقتهم القوات الإسرائيلية ولاحقتهم طائرات الهليوكوبتر وأرادت أن تستولي بقوة السلاح على الأتوبيس العاصمة فجروه وانفجروا معه ولأول مرة في تاريخ الثورات يصبح باص من باصات النقل المشترك جمهورية مستقلة كاملة السيادة لمدة 4 ساعات ، إنه لا يهم أبدا كم دامت هذه الجمهورية الفلسطينية المهم أنها تأسست وكانت..أول رئيسة جمهورية لها اسمها دلال المغربي.
تأتي ذكرى استشهاد الشهيدة دلال المغربي الثالثة والأربعين في وضع سياسي صعب يعيشه الشعب الفلسطيني سياسياً ، اقتصادياً ، اجتماعياً ، صحياً وتعليمياً. تأتي هذه الذكرى وما زالت تسع وأربعون امرأة فلسطينية يقبعن خلف قضبان الاحتلال الصهيوني لنرى أن أجمل ما نقدمه لروح دلال وجميع شهداء فلسطين هو المصالحة الفتحاوية الفتحاوية والالتفاف حول الحركة التي قدمت وما زالت العديد .إن إصلاح الحركة بات ضرورة ملحة لابد أن يسير الخيرون من أبناء شعبنا بخطى واثقه نحوها وتقديم كل ما بوسعهم من أجل استنهاض حركة فتح لتعود إلى ممارسة دورها الحقيقي بقيادة قوية تتخطى كل العقبات وهذا لن يتحقق ونحن على أعتاب الانتخابات التشريعية والرئاسية إلا من خلال اختيار الشخصيات الفلسطينية التي تستطيع إدارة هذه المرحلة الحرجة من خلال عقول فلسطينية تساهم في خروج الشعب الفلسطيني من عنق الزجاجة إلى بر الأمان، فالمواطن الفلسطينى الآبي الشامخ الذي لم يعرف للتنازلات طريقاً عبر تاريخ النضال الذي مر به يستحق الحياة الكريمة .
رحم الله شهداءنا الأبرار...