الثلاثاء 8 تموز 2025

سجون بلا رحمة الأسرى الفلسطينيون في قبضة الاحتلال… وجع مستمر خلف القضبان

17– يونيو/حزيران 2025
كتب عصام الحلبي

في الزنازين المعتمة وتحت سطوة وظلم الاحتلال، تُروى يوميًا قصص من الألم والصمود. آلاف الفلسطينيين يقبعون في السجون الإسرائيلية، رجالًا ونساءً وأطفالًا، في ظروف تصفها المنظمات الحقوقية بـ"غير الإنسانية".  من خلال هذا التحقيق نرصد ونتتبع أوضاع الأسرى من داخل السجون، بالأرقام والشهادات، ويكشف التقرير ممارسات القمع والتعذيب، في غياب مساءلة دولية حقيقية.

أرقام لا تكذب: اعداد الأسرى في السجون الإسرائيليةبأدق التفاصيل

حتى مايو 2025، تشير بيانات "هيئة شؤون الأسرى والمحررين" إلى وجود نحو 5,150 أسيرًا فلسطينيًا في سجون الاحتلال، يتوزعون على النحو التالي:

الرجال: 4,400 أسير.

النساء: 65 أسيرة، بينهن أمهات ومريضات.

الأطفال القصر: قرابة 160 طفلًا، بعضهم لم يتجاوز الثانية عشرة.
رضّع داخل السجن: حالتان موثقتان لأسيرات يحتجزن برفقة أطفالهن الرضّع داخل سجن الدامون.

وتكشف الأرقام أيضًا أن أكثر من 550 أسيرًا يقضون أحكامًا بالسجن المؤبد، فيما يخضع نحو 1,300 معتقل للاعتقال الإداري، دون تهمة أو محاكمة، في مخالفة واضحة لأبسط مبادئ القانون الدولي الإنساني.

داخل جدران القهر: أنواع التعذيب والانتهاكات
تعذيب جسدي ممنهج
يتعرض الأسرى لشتى أنواع التعذيب، أبرزها:

الشبح لفترات طويلة.
الضرب المبرح خلال التحقيقات.
الحرمان من النوم والطعام.
التعري القسري والتقييد المؤلم.
استخدام الصدمات الكهربائية.
الإهمال الطبي المتعمّد.
تعذيب نفسي طويل الأمد
وتشمل الانتهاكات النفسية:

العزل الانفرادي لشهور متواصلة.
التهديد باعتقال أو إيذاء أفراد العائلة.
حرمان من الزيارات، والكتب، والتعليم.
نقل الأسرى بشكل تعسفي وإغلاق الأقسام.

الأسيرات والأطفال: الحلقة الأضعف في دائرة الانتهاكات
تعاني الأسيرات الفلسطينيات في سجن "الدامون" من أوضاع قاسية، وسط شكاوى متكررة من الإهمال الطبي وسوء المعاملة. وتشير شهادات إلى تعرض بعضهن للتحقيق العنيف والحرمان من الرعاية الصحية المناسبة، خاصة للحوامل والمصابات بأمراض مزمنة.
أما الأطفال الأسرى، فيعيشون ظروفًا لا تقل قسوة، إذ يُحتجزون في مراكز خاصة أو مع بالغين أحيانًا، دون مراعاة لوضعهم القانوني والإنساني. وتؤكد منظمات حقوقية أن الأطفال يتعرضون للتهديد والتعنيف خلال التحقيق، ويفتقرون إلى الرعاية النفسية والحقوق القانونية الأساسية.

حكايات أمهات وأبناء خلف الزجاج

وراء كل أسير عائلة تُكابد معاناة موازية:

زيارات الأهل تُقيد بإجراءات أمنية معقدة، ويُمنع كثير منهم من رؤية أبنائهم لأشهر أو سنوات.
الأمهات والزوجات يقطعن مئات الكيلومترات في ظروف قاسية لزيارة قصيرة خلف الزجاج، لا يسمح فيها بأي تلامس إنساني.
كثير من أبناء الأسرى لم يروا آباءهم خارج السجن، وبعضهم وُلد ونشأ وهم في الأسر.

حالات لافتة: رموز من خلف القضبان
الأسير وليد دقة: استُشهد في أبريل 2024، بعد معاناة طويلة مع السرطان والإهمال الطبي.

الطفل أحمد مناصرة: اعتقل في سن الثالثة عشرة، ولا يزال يعاني من اضطرابات نفسية حادة.

نائل البرغوثي: أمضى أكثر من 44 عامًا في الأسر، أطول فترة اعتقال في التاريخ الفلسطيني.

ملفات لا يمكن تجاهلها

الاعتقال الإداري
أداة تعسفية يستخدمها الاحتلال لتقييد الحرية دون محاكمة. يُجدد الاعتقال كل عدة أشهر، مما يترك الأسرى وعائلاتهم في حالة دائمة من اللايقين والضغط النفسي.

الإهمال الطبي

نحو 700 أسير يعانون من أمراض مزمنة، بينهم عشرات الحالات الخطرة، ولا يتلقون العلاج اللازم. بعض الأسرى فقدوا حياتهم نتيجة لذلك.

اقتحامات السجون
تنفذ وحدات خاصة مثل "المتسادا" اقتحامات مفاجئة لأقسام الأسرى، تستخدم خلالها القوة المفرطة، وتتم مصادرة المتعلقات الشخصية، وفرض العقوبات الجماعية.

 قضية مفتوحة على النضال والمساءلة

رغم كل ما سبق، يواصل الأسرى الفلسطينيون مقاومة القيد بصمودهم اليومي، عبر التعليم، والإضرابات، والمطالبة بحقوقهم. ومع استمرار الصمت الدولي وتواطؤ بعض الأطراف، تبقى مسؤولية حماية الأسرى الفلسطينيين واجبًا قانونيًا وأخلاقيًا، لا يمكن التهاون فيه.

تنويه: هذا التحقيق يستند إلى بيانات حديثة صادرة عن هيئة شؤون الأسرى، ونادي الأسير، ومنظمات حقوق الإنسان، إلى جانب شهادات أسرى محررين وتقارير موثقة منشورة حتى مايو 2025.