النهار الاخبارية - وكالات
جاء استشهاد القيادي في تنظيم عرين الأسود تامر الكيلاني ليثير قضية التصعيد العسكري وما يليه من مراحل متفرقة من التصعيد الاقتصادي والاستراتيجي، وعقب قيام قوات الاحتلال باغتيال الشهيد الكيلاني نعى التنظيم الشهيد الكيلاني وتوعد الاحتلال برد مؤلم.
غير ان ما لفت انتباهي هو حديث التنظيم بواقع عملي يخدم المواطن على الأرض ، وقال البيان نصا الآتي: "ندعو أهلنا إلى الحداد التام تاركين موضوع الإضراب للجهات المختصة، ولكن نقول لهم نحن لسنا أرقاماً، ودماء شهدائنا الأبرار أغلى من كل الأموال، ولا حياة طبيعية ودماؤنا ودماء أبناء شعبنا تسيل.. إننا نقدم لهذا الوطن اليوم خيرة جنودنا يتقدمون أسداً تلو الآخر، حتى ننال جميعا النصر والتحرير أو الشهادة جميعاً”.
بات من الواضح ان تنظيم عرين الأسود يكبر ويشتد عوده ، وبات الحديث عنه يمثل مادة سياسية هامة ليس فقط في الصحف الفلسطينية ولكن أيضا مختلف وعموم الصحف العربية أيضا.
تقارير رصد الحالة الفلسطينية اعترفت صراحة بان الوضع الاقتصادي سواء في نابلس آو عموم الأراضي الفلسطينية يسير من سيء إلى أسوأ ، خاصة مع قيام قوات الاحتلال بفرض حظر التجول عزل نابلس عن باقي الأراضي الفلسطينية، وبالطبع أثرت هذه السياسات على الوضع الاقتصادي لسكان نابلس ، خاصة وان غالبيتهم مثل جميع عناصر ومكونات المجتمع الفلسطيني يعملون بالنظام اليومي او اليومية ، الأمر الذي دفع بعرين الأسود إلى عدم التصعيد.
تحول استراتيجي
غير ان السؤال المطروح الآن ....هل فقد التنظيم قوته ا بعضا منها على الساحة الفلسطينية ، وهل بات السلاح الاقتصادي وسياسات الاحتلال التاريخية القاضية بالضغط الاقتصادي على الفلسطينيين للتوقف عن المقاومة مجدية؟
قبل الحديث ومحاولة الإجابة عن هذه النقطة يجري الإشارة إلى ان الألاف من الفلسطينيين استجابوا وتفاعلوا مع بيانات التضامن السياسية التي وجهها تنظيم عرين الأسود لهم ، وفي نداء تضامن أرسل عبر قناة "تلغرام" منسوبة لعرين الأسود، والتي يشترك فيها أكثر من 130 ألف متابع، طُلب من المتابعين الصعود إلى أسطح المنازل وإطلاق التكبيرات تضامناً مع المقاتلين الذين يشنون هجمات مسلحة على أهداف إسرائيلية.
ونشرت مقاطع مصورة من كافة المناطق الفلسطينية لمواطنين خرجوا للتضامن مع المجموعة المسلحة التي تشكلت مؤخراً. حيث خرج شبان فلسطينيون يهتفون بشعار "العرين ما يلين" في كافة محافظات الضفة الغربية والقدس الشرقية.
هذه الخطوة توكد بعض من النقاط الهامة وهي:
1- ارتفاع شعبية عرين الأسود وشبابها بين عموم الفلسطينيين بصورة جعلتهم بمثابة الأمل للتحرر من الاحتلال.
2- إيمان غالبية ابناء الشعب الفلسطيني بالمقاومة ، وهو الإيمان الذي بات واقعا ومتجسدا على الأرض .
3- سعي بعض من التنظيمات السياسية إلى محاولة جذب عناصر عرين الأسود إليها ولكوادرها في ظل الشعبية العارمة التي تتمتع بها.
4- يعرف كثير من عناصر التنظيم ان هناك أحزابا ترغب في الحصول على شعبيتها المفقودة في الشارع الفلسطيني عن طريق ما يمكن وصفه بسلم "عرين الأسود" الذي يرغبون في الصعود من خلاله للنجاح وكسب الأصوات ، وهو امر بات لافتا معروفا بين عناصر التنظيم الآن.
موقف السلطة:
بات من الواضح ان العلاقة بين تنظيم عرين الأسود والسلطة تباينية ، حيث نجحت السلطة الفلسطينية في إقناع بعض العناصر بترك العمل المسلح والانضمام للأجهزة الأمنية الفلسطينية، إلا أن قيادات الحركة رفضت تسليم سلاحها وأصرت على استمرار القتال.
وتشبه هذه الخطوة ما قامت به السلطة في السابق مع عناصر كتائب شهداء الأقصى، الجناح العسكري لحركة فتح، فترة الانتفاضة الفلسطينية الثانية ، ووقتها بذلت السلطة بالفعل جهودا مضينه لإقرار التهدئة ومحاولة التصدي لسياسات الاحتلال بأي صورة .
بات واضحا ان السلطة مؤمنة تماما بحتمية احتضان جماعات عرين الأسود بأي طريقة ، وقد قامت أخيرا بدخول مدينة نابلس واعتقلت أحد أبرز المطلوبين لإسرائيل، وهو ما أدى إلى مواجهات فلسطينية-فلسطينية وغضب عارم من قبل الشارع على توجهات السلطة.
ورغم ان قيادات من السلطة تحدثت صراحة مع عائلة المطلوب او غيره من المطلوبين وابلغتهم صراحة ان هذه الخطوة تأتي دعما وحماية لهؤلاء المقاتلين ، غير أن المواجهات استمرت .
وفي هذا الصدد بات واضحا إن الدعم الشعبي لهذه الجماعة دفع السلطة الفلسطينية لمحاولة التقرب من عناصر الحركة، حيث قام رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد شتية، بزيارة مخيم جنين وألقى خطابا داعما لعوائل الأسرى و"الشهداء" الفلسطينيين.
تقدير استراتيجي:
بات واضحا وماثلا للعيان الآن إن تنظيم عرين الأسود يتعامل بشفافية وواقعية مع الواقع الاقتصادي المتأزم ، والأهم من كل هذا بات واضحا أيضا ان تنظيم عرين الأسود يعرف حجم الضغوط السياسية والاقتصادية على المواطن سواء في نابلس أو غيرها ، وبات التنظيم الآن يتحرك ويتخذ قراراته بناء على تقديرات استراتيجية تحليلية للحالة الفلسطينية.
ومع كل هذا بات واضحا ان بعض من عناصر التنظيم يدعمون التوجه للعمل السياسي ، وهو الأمر الذي يأتي تضامنا مع الشعبية الكبيرة التي يحظون بها في عموم فلسطين.