بقلم: أ. ياسر صالح
وحدة الأرشفة والتوثيق في مؤسسة مهجة القدس
بعد أن استل أبناء الجهاد الإسلامي السيوف من أغمادها وسطروا أروع معاني التضحية والفداء؛ لردع المحتل الصهيوني ولجمه في فلسطين كل فلسطين رافعين شعارهم الخالد (الواجب رغم الإمكان)، تزامنت عمليات الطعن التي تحدثنا عنها مسبقًا في سلسلة عمليات بطولية، مع عمليات عسكرية تمثلت بإلقاء قنابل وإطلاق نار مباشر على جنود صهاينة أو قطعان المستوطنين.
ومن أولى العمليات العسكرية في تلك الفترة وأدت إلى مقتل وإصابة عدد من الصهاينة كانت عملية باب المغاربة البطولية التي نفذها المجاهدون عبد الناصر الحليسي وشقيقه طارق وهما من سلوان وإبراهيم عليان من (أبو طور)، تحت مسمى سرايا الجهاد الإسلامي بتاريخ 15/10/1986م في مدينة القدس المحتلة.
وكان الشهيد المؤسس د. فتحي الشقاقي أوضح أن "سرايا الجهاد الإسلامي ليست تنظيمًا، ولكن اسمًا تم الاتفاق عليه بين حركة الجهاد الإسلامي وأخوة أعزاء في حركة فتح؛ لتكون عنوانًا لعملنا العسكري في محاولة لاستيعاب أكبر عدد ممكن من المجاهدين".
وأوردت صحيفة حدشوت العبرية الصادرة بتاريخ 16/10/1986م تحت عنوان "قتيل و69 مصابًا في هجوم بالقنابل" تفاصيل مجريات العملية البطولية التي مثّلت ضربة لأجهزة الأمن الصهيونية.
وأوضحت الصحيفة "مع نهاية احتفال القسم لجنود كتيبة جيفعاتي بحضور عائلاتهم في ساحة الجدار الغربي توجه الجنود وعائلاتهم لموقف الحافلات، وخلال انتظارهم أخاف الجميع أصوات انفجارات قوية تبين من التحقيق الأولي أنها ناجمة عن إلقاء 3 قنابل يدوية على المتواجدين في موقف الحافلات".
وتضيف حدشوت: " في الدقائق الأولى كان المكان يعج بالصراخ ونداءات المصابين، ورشح من التحقيقات مع المعتقلين في المكان أنهم شاهدوا شخصين من سلوان بالمكان، ألقوا القنابل وانسحبوا مشيًا، ثم ركبوا سيارة وانسحبوا من المنطقة، وناموا تلك الليلة عند أصحابهم، وصباح اليوم التالي عادوا لبيتهم وتم اعتقالهم".
وأوضحت الصحيفة أن العملية خلّفت قتيلًا و69 مصابًا حالة أحدهم خطيرة جدًا، غالبيتهم من جنود كتيبة جيفعاتي، مشيرةً إلى أنه "بعد اعتقال 3 فلسطينيين اثنين من سلوان وآخر من (أبو طور) اعترفوا على تنفيذ العملية قرب الجدار الغربي وبعدها انسحبوا من المكان، وأنهم ينتمون لتنظيم ديني متطرف (الجهاد الإسلامي)، ونُظّموا بهذا التنظيم على يد نشطاء فتح في الأردن".
وبعد اعتقال المنفذون الثلاثة تعرضوا لتحقيق قاسي، ثم نقلوا إلى السجون ليصدر بحقهم حكمًا بالسجن المؤبد، وقد تنقلوا بين معظم السجون الصهيونية، وشاركوا إخوانهم الأسرى في مجمل الخطوات الاحتجاجية والإضرابات لتحسين شروط الحياة داخل الأسر إلى أن كتب الله لهم الفرج في صفقة وفاء الأحرار، وتم إبعادهم حينها إلى قطاع غزة، وما زالوا يعيشون فيه، داعين المولى عز وجل أن يجمع شملهم بعائلاتهم قريبًا.
يشار إلى أنه بعد حادثة اغتيال الشهداء حمدي التميمي وأبو حسن قاسم ومروان الكيال أحد أبرز قيادات سرايا الجهاد الإسلامي في شباط 1988م، أعلنت حركة الجهاد الإسلامي رسميًا في بيان لها أنه ليس لها علاقة بمسمى سرايا الجهاد بعد هذا التاريخ، ومن أهم عمليات السرايا في تلك الفترة عملية باب المغاربة 15/10/1986م، ومحاولة تفجير مقر مكاتب الحكومة الصهيونية بسيارة مفخخة.
حديثنا في المرة القادمة عن عملية الهروب الكبير من سجن غزة المركزي عام 1987م.