الأحد 21 كانون الأول 2025

السفير الإيراني من روما: بين عسكرة حقوق الإنسان وواقع الحقائق



كتبت مادلينا شيلانو - روما

في ظل مشهد إعلامي تهيمن عليه روايات مسبقة وأحكام جاهزة، تكتسب المقابلة التي أجراها سعادة محمد رضا صبوري، سفير جمهورية إيران الإسلامية لدى إيطاليا، والمنشورة رسميًا في 12 ديسمبر/كانون الأول 2025، والمُدرجة في السجلات الدبلوماسية، أهميةً خاصة. إذ تكشف هذه المقابلة بوضوح عن تناقضات الخطاب الغربي الذي كثيرًا ما يوظّف القيم الإنسانية العالمية كأدوات للضغط السياسي.
عسكرة حقوق الإنسان
تتمحور الفكرة الأساسية في تعليق السفير حول ما يمكن تسميته بـ«عسكرة حقوق الإنسان». فبحسب ما أوضح، جرى تحريف مفهوم «الحق» ليُستخدم ذريعةً للتدخل السياسي وفرض العقوبات. وفي الوقت الذي يرفع فيه الغرب شعارات الدفاع عن حقوق الإنسان، تستهدف العقوبات الاقتصادية بشكل مباشر حق المواطنين الإيرانيين في الصحة والحياة، وتحرمهم من الأدوية والمواد الأساسية. وهكذا تتحول هذه العقوبات إلى سلاح خفي لكنه شديد الفتك، تستخدمه مؤسسات دولية تدّعي الديمقراطية بينما تمارس في الواقع حصارًا جماعيًا بحق شعب كامل.
الحصن في مواجهة داعش والقاعدة
على عكس ما تروّجه بعض وسائل الإعلام، يشير السفير صبوري إلى أن إيران كانت في طليعة الدول التي واجهت الإرهاب الجهادي السني، وفي كثير من الأحيان بمفردها. فقد شكّل الدور الإيراني سدًا منيعًا في وجه تمدد تنظيمي داعش والقاعدة. ولولا هذه التضحيات، لكان الشرق الأوسط، وربما أوروبا نفسها، قد واجها تهديدًا إرهابيًا واسع النطاق. ومن هنا تبرز مفارقة أخلاقية صارخة تتمثل في معاقبة دولة قدّمت رجالها وإمكاناتها لهزيمة الإرهاب العالمي.
الخندق ضد تهريب المخدرات: درع لأوروبا
ومن القضايا الجوهرية التي تناولتها المقابلة أيضًا ملف مكافحة تهريب المخدرات. تقع إيران على أحد أخطر مسارات تهريب المخدرات في العالم، الممتد من أفغانستان نحو الأسواق الأوروبية. وعلى الرغم من العقوبات التي تعرقل حصولها على تقنيات المراقبة الحديثة، تواصل إيران مصادرة كميات ضخمة من المواد الأفيونية سنويًا. وفي هذه المواجهة الصامتة، يسقط آلاف العناصر الإيرانيين بين قتيل وجريح. وبهذا الدور، تحمي إيران فعليًا شوارع روما وباريس وبرلين من موجات المخدرات التي كان من الممكن أن تغمرها، وذلك من دون أي دعم دولي، بل في ظل استهداف متواصل.
الحاجة إلى حوار صادق
تشكل مقابلة السفير صبوري دعوة واضحة إلى الواقعية والاعتراف بالحقائق بعيدًا عن الشعارات. فإيطاليا، بوصفها شريكًا تاريخيًا لإيران، تمتلك فرصة حقيقية لتجاوز «عسكرة» خطاب حقوق الإنسان، والنظر إلى الدور الإيراني بوصفه عنصرًا أساسيًا في الأمن الإقليمي والدولي. إن الاستمرار في سياسة العقوبات والضغوط لا يؤدي إلا إلى إضعاف الأطراف التي تمثل، في الواقع، درعًا للاستقرار المشترك.