الجمعة 22 تشرين الثاني 2024

الانهيار الغربي أصبح مجرد مسألة وقت


 كتبه / سيدي علي بلعمش 

كان بوتين يتوعد فرنسا و بريطانيا بما كنا نعتقد أنه سيكون عملا عسكريا نوعيا أو ضربات نووية دقيقة التوجيه أو هجمات ألكترونية معقدة .  
و اليوم يخبرنا بوتين بقرب مرماه و بساطة تنفيذه : "لست بحاجة إلى حرب مع الغرب لإسقاطه ؛ يكفي أن أحرر إفريقيا من الهيمنة الغربية كي ينهار الغرب تلقائيا" .
- إذا كنتم تعلمون أن في النيجر ثلاث قواعد أمريكية (2000 جندي) و قاعدة جوية فرنسية (1500) و قاعدة ألمانية، و كل هذه القوى المدججة بكل وسائل الرصد و التجسس و الاستشعار ورغم توقعاتها لعمل روسي محتمل في النيجر ، لم يشعروا بأي شيء عن هذا الانقلاب المعقد حتى سيطرة أصحابه ، لا بد أن تفهموا حرفية هذه العملية النوعية ..
إذا كان هذا لا يكفيكم لفهم أن ما يحدث اليوم في النيجر ، لم يكن صدفة ، فتلك مشكلتكم ..

وعودة إلى ما بعد الانقلاب ، نجد في هذا الاصطفاف المبكر شبه المنظم ، تفسيرا أوضح لخطورة هذا الانقلاب  وعمق مقاصده :
- بوركينافاسو و مالي تتوعدان بدخول الحرب في حال تدخل الإيكواس ..
- غينيا ترفض تدخل إيكواس ..
- الجزائر تحذر من أي تدخل عسكري في النيجر ، بعد ما كانت ترفض الانقلاب فقط (و لحظة بعد أخرى يزداد الموقف الجزائر صلابة منذ تحديد نهاية مهلة إيكواس) ..
- البرلمان النيجيري يرفض المصادقة على دخول جيشهم في حرب ضد النيجر (هذه هي الديمقراطية التي يبكيها ماكرون الماكر: لا قيمة لرفض البرلمان حين يقرر الجيش بدعم من فرنسا) ..
- تشاد (أهم قوة عسكرية في المجموعة) ، ترفض المشاركة في الحرب ضد النيجر ، متذرعة بخيار الحوار ، غير المطروح (و بهدوء تتجه بوصلة تشاد منذ بعض الوقت نحو الكرملين)
- الموقف الموريتاني في تراجع،   مستدركا أنه؛ لا هو ملزم بقرار إيكواس ولا هو بلد تربطه أي حدود مع  النيجر.

ما لا يضعه البعض في الحسبان في هذا الوقت المحرج ، هو أن الثنائي سيئ السمعة  "إيكواس - فرنسا" ، ليس أفضل ما يقدم للشعوب الإفريقية اليوم ..
اسم فرنسا أصبح يشكل حساسية مفرطة لدى كل إفريقي و مجرة فرانس آفريك، من الرماة السنغاليين إلى إيكواس ، هي أسوأ ما يمكن أن تقدمه اليوم للإفريقي .

وبخسارة هيمنتها على الغرب الإفريقي ستخسر فرنسا ما بين 300 و 500 مليار يورو سنويا أي ما يوازي ناتجها الضريبي السنوي أكثر من عشرين مرة  ومثلها ستخسر بريطانيا في الشرق الإفريقي و ألمانيا و بلجيكا و إيطاليا (…) هنا و هناك ، حيث تنهب كبريات مؤسساتهم الإجرامية خيرات هذه القارة العذراء بما تزخر به حصريا من مواد أولية، ظل يتم نهبها مجانا على مراحل : 
- رشوة الرؤساء الأفارقة الخونة (سبب تحرك إيكواس اليوم) 
- قروض البنك الدولي و صندوق النقد الدولي المجحفة (الثورة على الاثنين ، ستكون حتما من أهم حلقات هذه الحرب التحررية) 
- الحرمان من أي مستوى من التقدم التكنولوجي و الاستفادة من أي قيمة مضافة ..
- إذكاء الحروب البينية و الأهلية وحماية الأنظمة الدكتاتورية لبيع السلاح و جعل التسلح أولوية أولويات هذه الأنظمة الفاسدة..

من يسمع اليوم بكاء فرنسا و عويل أمريكا و إيكواس على سقوط "النظام الديمقراطي المنتخب"  في النيجر ، يفهم بوضوح أنهم وصلوا مرحلة من الازدراء بعقول الناس ، لم يعد أصحابها على مستوى من الذكاء يكفي للهيمنة على أي عقل . 

ومن يسمع الرئيس الأمريكي العجوز ، يتبجح أمام العالم بأن أمريكا أرض المثليين و يرى الدول الغربية توفد طابورا من السفراء الشواذ والمخنثين  إلى العالم، يدرك حتما أنهم وصلوا إلى نهايتهم الطبيعية ..! 

ما لم يفهمه الناس بعد و سيفهمه الجميع قريبا ، هو أن بوتين رئيس دولة فعلا، يستطيع أن يخوض أي حرب مهما كلفته ، في حين سيسقط أي رئيس غربي يفقد 100 جندي ، في أقل من 24 ساعة : الديوثون وأشباه الرجال لا يدافعون عن غير غرائزهم ولا  يضحون من أجل أي شيء في الوجود إلا لـ ـــــــــ .
هذه حرب روسيا وستكسبها حتما لا بالقوة وحدها وإنما بالإصرار والتضحيات : لقد فهم بوتين أن الغرب لم يعد يستطيع خوض حرب، حين أصبح رجاله إناثًا و إناثه أرحاماً مستأجرة ..

لقد عانت شعوب إفريقيا بما فيه الكفاية من عمالة أنظمتها لكن التاريخ يقول لنا اليوم بوضوح ، إن حرب إيكواس بالوكالة واندفاعها ضد أبناء جلدتها لحماية مصالح فرنسا والناتو، ستكون آخر مواقف خجل العمالة لأعداء الإنسانية في تاريخ القارة..

هزيمة الناتو لم تعد أكثر من مسألة وقت وقد تكون هزيمته من هنا .. من غرب إفريقيا، لا من أوكرانيا. 
و تراجع حدة الموقف الأمريكي اليوم من انقلاب النيجر، هروب من المواجهة،  لأنها أدركت حتما أنه الفخ الروسي الذي يجب أن تتجنبه؟
فهل سيركب الناتو مطية غبائه ليقع في ماتحاشته أمريكا، أم سيكتفي بالتضحية بآخر عملائه (إيكواس) ليفقد كل أوراق بقائه في قارة المواد الأولية التي يسيل لها لعاب العالم !؟