امال شحادة كاتبة وصحافية ومعدة أفلام وثائقية،
مع جلوس يائير لبيد على كرسي رئاسة الحكومة لمدة أربعة أشهر فقط، تسجل إسرائيل رقماً قياسياً في تسارع إجراء الانتخابات العامة في غضون فترة قصيرة (خمس معارك انتخابية خلال ثلاث سنوات)، والسؤال هو ما إذا ستكون هذه الانتخابات حاسمة للأزمة السياسية التي غرقت فيها المؤسسة السياسية الإسرائيلية، أم أن بنيامين نتنياهو، الذي كانت له مساهمة أساسية في هذه الأزمة سيكون المنقذ لها في الانتخابات المقبلة، التي ستجرى في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) من هذه السنة.
وفق الاستطلاعات الأولية، فإن إييلت شكيد، التي تولت منصب زعيمة حزب "يمينا"، بعد اعتزال نفتالي بينيت الحياة السياسية، عند حل الكنيست، قد تكون المنقذ لنتنياهو وللأزمة السياسية. ففي حال قررت دعم نتنياهو، وهذا ما سبق وأعلنت عنه، فسيحصل على 63 مقعداً من 120، وبذلك يتمكن من تشكيل حكومة واسعة وقوية.
في مقابل شكيد، فإن القائمة المشتركة، برئاسة أيمن عودة، قادرة على ترجيح الكفة للمعسكر الخصم لنتنياهو، أما القائمة العربية الموحدة، برئاسة منصور عباس، فحتى وإن كررت موقفها بعد الانتخابات الأخيرة، بالاستعداد لدعم المعسكر القادر على تشكيل حكومة، فإن نجاح المعسكر الخصم لنتنياهو غير مضمون تماماً، كما هو غير مضمون قبول منصور عباس في حكومة برئاسة نتنياهو، بعد أن أعلن الأخير وقياديون في حزبه ومعسكره رفضهم المطلق إفساح المجال لمنصور عباس بالجلوس إلى جانبهم في أية حكومة يشكلها نتنياهو.
وما بين القائمة المشتركة، والعربية الموحدة، يبقى الجدل داخل المجتمع العربي حول سياسة وأداء قيادتهم في الكنيست، وإذا ما حقق منصور عباس، بالفعل، إنجازات لمجتمعه العربي كما روج طوال الفترة الماضية.
معركة أكثر صعوبة وشراسة
في حديث مع "اندبندنت عربية"، قال رئيس الحركة العربية للتغيير، النائب أحمد الطيبي، إن المعركة الانتخابية المقبلة أصعب وأكثر تعقيداً من الانتخابات الرابعة. وأضاف، "ما من شك في أن سقوط الحكومة بعد سنة أكد فشلها، والمسؤولية تقع على جميع مركباتها من أحزاب يهودية وعربية. فالاستقالات التي شهدناها بدءاً من حزب بينيت، تدهورت إلى حال من الابتزازات حاول بينيت مواجهتها لكنه فشل واختار الانسحاب".
يرى الطيبي أن الانتخابات الخامسة "أصعب حيث مختلف الإشكاليات الداخلية بين الأحزاب. لقد فرح الجميع في البداية لأنه تم إبعاد نتنياهو، لكن الحقيقة أن الحكومة برئاسة بينيت بقيت على السياسة ذاتها، سواء تجاه الأقصى أو الجماهير العربية بسياسة التمييز والعنصرية، وهدم البيوت، وتفاقم العنف والجريمة، وكذلك بالنسبة إلى الاستيطان، وغيرها من القضايا التي تعكس سياسة اليمين واليمين المتطرف، ولا يوجد ما يبشر بإمكانية تغيير الوضع خلال الفترة المقبلة، وهنا تكمن تحديات هذه الفترة".
وحذر الطيبي من خطورة عدم إقبال الجمهور العربي على التصويت والمؤشرات، مؤكداً، "حتى الآن، ليست مؤشرات إيجابية، ولا شك أن المجتمع العربي اليوم لا يتأثر بالحديث المعسول، وهناك حاجة إلى تعزيز الثقة معه".
حزب نتنياهو ومعسكره يتفوقان
على مدى سلسلة من استطلاعات الرأي التي أجريت بعد حل الكنيست، تربع حزب الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو، على رأس بقية الأحزاب، فيما كتلته اليمينية، في حال ضمن مشاركة حزب "يمينا" برئاسة إييلت شكيد، ستحظى بأكثرية 63 نائباً، وسيتمكن نتنياهو من استعادة مجده وضمان كرسي رئاسة الحكومة لدورة كاملة.
حسب الاستطلاع، سيحصل حزب الليكود على 34 مقعداً، و"يوجد مستقبل" برئاسة يائير لبيد، 22 مقعداً، و"الصهيونية الدينية"، برئاسة اليميني المتطرف، بتسلئيل سموطريتش، بالمشاركة مع إيتمار بن غبير، عشرة مقاعد، وحزب "أزرق أبيض"، برئاسة بيني غانتس، تسعة مقاعد، بينما يتعزز "شاس" بمقعد واحد ليحصد ثمانية مقاعد.
وتسجل استطلاعات الرأي استقرار قوائم "يهدوت هتوراة"، سبعة مقاعد، و"القائمة المشتركة"، ستة، في حين يحصل "العمل" على ستة مقاعد، و"أمل جديد" برئاسة جدعون ساعر على خمسة ليبتعد عن نسبة الحسم، و"إسرائيل بيتنا" برئاسة أفيغدور ليبرمان، خمسة مقاعد.
وفي أسفل القائمة، يأتي حزب "يمينا" برئاسة إييلت شكيد، بأربعة مقاعد، و"الموحدة" برئاسة منصور عباس، أربعة مقاعد. والبشرى السيئة لكتلة اليسار هي عدم تجاوز "ميرتس" نسبة الحسم، إذ يحصل على 2.2 في المئة من الأصوات.
بحسب توزيع الكتل، تحصل الكتلة التي يقف على رأسها نتنياهو على 59 مقعداً، وإذا ما دعمته شكيد ترتفع كتلته إلى 63 مقعداً، وهبوط "ميرتس" إلى ما دون نسبة الحسم يغير نتيجة الكتلتين ويعطي تفوقاً لكتلة الأحزاب المؤيدة لنتنياهو.
يائير لبيد، رئيس الحكومة الـ14 لإسرائيل سيشغل منصبه لمدة أربعة أشهر في أصعب ظروف، فهو الوحيد بين رؤساء الحكومات الذي سيجلس على كرسي الرئاسة وسط وزراء هم زعماء أحزاب خصوم في المعركة الانتخابية، لكنهم قد يكونون حلفاءه بعد الانتخابات. مقابله يقف بنيامين نتنياهو وشركاؤه، الذين يواصلون معركة شرسة في التحريض الشخصي والقومي.
ومن يدعم خط لبيد السياسي قدم له توصيات عدة في مركزها عدم الانجرار إلى تنافسات في الوطنية والولاء اليهودي مقابل نتنياهو، وبحسب مسؤول سياسي، فإن "حكومة تمثل أيضاً الجمهور العربي، إلى جانب أحزاب يمين ووسط ويسار، هي الضمانة الوحيدة لحماية الديمقراطية الإسرائيلية في هذا الوقت".
بينيت يخسر كل شيء
على الرغم من تبجيل الدور الذي قام به رئيس الحكومة، المنتهية ولايته، نفتالي بينيت، لنجاحه على مدى سنة في إخراج إسرائيل من أزمتها السياسية، وقدرته على تجميع الأحزاب من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، فإن بينيت لم يخسر كرسي الرئاسة في غضون سنة وخسر معه مستقبله السياسي فحسب، بل خسر جميع المزايا التي يتلقاها رؤساء الحكومات السابقون، مثل الحراسة، ومكتب خاص، والإعفاء من ضريبة الدخل.
بينيت وموظفو مكتبه فوجئوا بهذه المعطيات بعد انسحابه، وفي هذه الأثناء يحاولون فحص ما إذا كانت الفترة الزمنية التي سيشغل فيها منصب رئيس الحكومة البديل، التي سيبقى فيها لنصف عام ستحسب له. وسيجري فحص القضية من قبل المستشارين القانونيين الذين سيتعين عليهم اتخاذ قرار في الموضوع، إذ إن مسألة رئيس الحكومة البديل هي مسألة جديدة، لكن حتى هذه اللحظة، بينيت غير مؤهل للحصول على المزايا.