الأربعاء 19 تشرين الثاني 2025

أطراف الصراع تقرع طبول الحرب في لبنان



وكالة النهار الإخبارية/عبد معروف

ترفع سلسلة البيانات والتقارير والتصريحات المتداولة في بيروت وتل أبيب وعواصم عربية وأجنبية من منسوب التوقعات لحرب مصيرية بأهداف استراتيجية بين حزب الله وجيش الاحتلال الاسرائيلي.

بل ذهبت التقارير إلى أبعد من ذلك، حيث ذكرت مواعيد ومناطق محددة لهذه الحرب، والأشكال التي سوف تتبعها في مسار العمليات العسكرية، ما يقرع طبول الحرب، وتدفع لبنان واللبنانيين للعيش بجو من القلق والتوتر.

جيش الاحتلال الاسرائيلي لم يتوقف عن عدوانه على لبنان، منذ الاتفاق على وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني من العام الماضي، ولم ينسحب جيش الاحتلال من المواقع اللبنانية الخمسة التي يحتلها في جنوبي البلاد، وواصل غاراته الجوية والبرية واختراقه المتواصل للسيادة اللبنانية، ما دفع حزب الله للتهديد بأنه لن يبقى صامتا وبأنه يستعيد بنيته العسكرية لمواصلة المقاومة ومواجهة جيش الاحتلال وخروقاته المستمرة والمتصاعدة.

السلطات الاسرائيلية تشير في تقارير لها، أن حزب الله تعرض لضربات قاسية أدت إلى إضعافه، لكنه مازال يمتلك القدرات العسكرية التي يمكن لها أن تهدد مواقعه، وأن الحزب يعمل جديا لإعادة بناء قدراته العسكرية بأساليب وطرق مختلفة.

منذ عام تقريبا وحتى الآن يلاحق جيش العدو قيادات وعناصر حزب الله، ويوجه الضربات لما يعتبرها مواقعه ومستودعات أسلحته وصواريخه، ويوجه تهديداته بأنه سيوسع ضرباته لتشمل مؤسسات مالية وتنظيمية تابعة للحزب بين الأحياء الشعبية، لم يواجه حزب الله كل هذه الخروقات ولم ينفذ أية عملية فدائية ضد المواقع الاسرائيلية الخمسة في جنوب لبنان والتزام الحزب عمليا بقرار وقف إطلاق النار.

ورغم تصريحات وبيانات حزب الله وإعلانه عن استعادته لبنيته العسكرية، يبدو أن الحزب يتريث كثيرا قبل التوجه إلى ميدان القتال مع جيش الاحتلال والرد على خروقاته، لأنه يعلم أن لذلك حسابات كثيرة وكبيرة ليست على المستوى الداخلي اللبناني فحسب، بل أيضا على المستوى الاقليمي والدولي، فالوضع الداخلي اللبناني يزداد صعوبه وانقسام وانهيار، والوضع الاقليمي والدولي لم يعد كما كان خلال العقود الماضية، ربما (وهنا نقول ربما لأننا لا نعلم) يكون الحزب قد استعاد عافيته العسكرية، لكن الحرب تتطلب أكثر من السلاح، فهي تحتاج لقيادة وعمق استراتيجي ووضع داخلي واقتصاد قادرعلى الصمود، وإلا لماذا تعرض الحزب لكل هذه الضربات القاسية العام الماضي؟

أما الحكومة الاسرائيلية بقيادة نتنياهو والذي ارتكب أبشع جرائم حرب الابادة في قطاع غزة، لن تردعه ( القوانين والشرائع والأخلاق الانسانية) في شن عدوان باتجاه لبنان، وارتكاب المجازر، لكنها أيضا تتريث بتوسيع حربها في هذه المرحلة أولا لانشغالها بمستقبل قطاع غزة عسكريا وسياسيا واقتصاديا، وثانيا لأنها تعتقد أن تصفية المقاومة في غزة هي حلقة متقدمة من حلقات تصفية القضية الوطنية الفلسطينية، وفتح قنوات أو طرقات جديدة باتجاه ما يطلق عليه (السلام) مع دول عربية بقيت لسنوات تخفي رأسها خجلا و(تتمنعن وهن راغبات).  

لا شك أن العدوان الصهيوني على لبنان سوف يستمر ويتصاعد بين الفترة والأخرى وفق خارطة طريق مرسومة بين واشنطن وتل أبيب، مادام حزب الله يهدد بالمواجهة والمقاومة ويمتلك الاسلحة الاستراتيجية المؤثرة في ميدان الصراع، فأزمة تل أبيب ليس بوجود أسلحة بيد حزب الله، بل أزمة العدو هي نوع الأسلحة التي يمتلكها الحزب وقوتها وحجمها وقدرتها على الوصول إلى المستوطنات، وثانيا، استعمالات هذا السلاح وإلى أين يتوجه، فالاحتلال لا يهمه كثيرا إذا كان السلاح غير موجه نحو المستوطنات والمواقع الاسرائيلية، ولا يهمه إذا كان مدى هذا السلاح لا يتجاوز مدن وقرى وأحياء داخلية لبنانية.

فالضربات الاسرائيلية المستمرة والمتصاعدة لن تتوقف إلا في حال دمرت البنية العسكرية الاستراتيجية التابعة لحزب الله، وانسحب الحزب بشكل كامل من جنوب لبنان بما يضمن عدم تهديد مستوطنات الجليل شمال فلسطين بـ"طوفان أقصى" جديد أو قصف "ما بعد ما بعد حيفا".

هذا ينذر بالتصعيد وبتوسيع العدوان الاسرائيلي ضد حزب الله ومواقعه وقياداته، لكنه لا ينذر بحرب واسعة على الجبهة اللبنانية، لأن التصعيد كما تراه تل أبيب وواشنطن سيكون على جبهتين: الجبهة اللبنانية نحو المزيد من الفوضى والانقسام والتوتر الداخلي، وجبهة المسار الفلسطيني الهادفة لتحقيق المزيد من الخطوات نحو تصفية القضية الوطنية الفلسطينية.