النهار الاخباريه وكالات
ها هي شهور الصيف قد انقضت، وباتت الإجازات من أحاديث الذكريات البعيدة، وها هي وتيرة الأعمال اليومية فجأة تعود بكامل سُرعتها..
وعلى وقْع هذه العودة يفقد البعض ما اكتسبه من طاقة إبّان الإجازة وربما يقع فريسة للانهماك في دوّامة المَهامّ اليومية.
ويمكن للتوتر، بكميات ضئيلة، أن يُبقِي على انتباهنا حاداً، ولكنْ عندما تزيد درجة التوتر فإنه يؤثر سلباً على صحّتنا ومزاجنا، وعلى علاقاتنا بالآخرين.
ويُعرف الكورتيزول بأنه الهرمون المسؤول عن التوتر، وبفضل هذه المسؤولية اكتسب اسم الكورتيزول طنيناً في الأسماع، لكنْ تجدُر الإشارة إلى أن الكورتيزول ليس عدواً في حدّ ذاته – على العكس فهو مُنبّه ومحفّز للتعامل مع التحديات.
من دواعي السخرية، أن القلق من آثار التوتر يُفاقم تلك الآثار.
وعندما يتحدث الإنسان عن أثر التوتر على نفسه، فإنه يبدأ تلقائياً في التساؤل: "آه، أنا الآن متوتر وأعلم أن ذلك يؤذيني كثيراً".
لذا، حاوِل ألّا تتساءل عن تبعات ما يداهمك من شعور.
واعلم أن التوتر شعور طبيعي في الحياة، ولا سبيل إلى اجتنابه، لا سيما إزاء التحديات الكبرى مثل الأحداث المحزنة، والخوف على الأعزاء، والعناية بالأطفال صغار السن أو عند تغيير الوظيفة أو احتمال فقدانها.
وبدلاً من الفزع من آثار التوتر على صحتك، عليك أن تقبل بأنه أمر طبيعي لا مفرّ من حدوثه، وذكّر نفسك بأنه على كل حال شعور لا يدوم.
حرّك جسمك
لعلّ أفضل الطرق للسيطرة جسدياً على التوتر تتمثل في ممارسة الرياضة.
ولممارسة الرياضة على الجسم نفس الأثر الذي يُحدثه التوتر على ذلك الجسم – فهي ترفع معدّل ضربات القلب، كما ترفع ضغط الدم، وتجعل النفَس أسرع وتيرةً، فضلاً عن أنها تفرز هرمونَي الأدرينالين والكورتيزول.
وبالاعتياد على ممارسة الرياضة يتمرّس الجسم على ضبط معدلات الكورتيزول، ما يتركه مؤهَّلاً بشكل أفضل للتعامل مع الأحداث الحياتية المثيرة للتوتر.
ولا تدَع التفكير في "أيّ نوع من أنواع الرياضات ستمارس؟" يصيبُك بالتوتر!
واعلم أن ممارسة أي نوع من الرياضة هي فكرة عظيمة.
ولا يتعيّن أبداً أن تكون الرياضة التي تمارسها مستهلِكة للكثير من الوقت أو أنْ تكون من ذلك النوع الذي يرفع الضغط بمعدلات كبيرة – يكفي ممارسة المشي العادي أو الركض أو أي نشاط رياضي يجلب لك السعادة.
حاوِل أن تأوي إلى فراشك مبكراً وأنْ تستيقظ مبكراً، وليكُنْ ذلك في مواعيد ثابتة قدر الإمكان.
وإذا وجدتَ صعوبات في البداية، من الأرق والتقلّب على الفراش، فلا تقلق؛ سيتأقلم الجسم بالتعوّد حتى يصبح ذلك نمَطاً وأسلوب حياة.
ركّز اهتمامك في نفسك
معالجة التوتر لا تتوقف على تجنُّب السلبيات، وإنما تتخطى ذلك إلى بناء الذات وبنشاط.
واحرِص على أنْ تأكل غذاء متوازناً وغنياً بالفواكه والخضراوات ويحتوي على قدر جيّد من البروتينات.
وحاوِل أن توجِد لنفسك وقتاً، يمكن أن ترتاح فيه وتستعيد حيويتك ونشاطك.
ويمكن للتدبُّر أن يساعد في معالجة التوتر – ولا يحتاج الأمر إلى تطبيق خاص للتدبّر أو إلى الجلوس الصامت، إنما المقصود هو التفكير في شؤون حياتك وفي كيفية التعامل معها.
ولْتُخصّصْ بضع دقائق للتفكير في يومك أو في الأسبوع المقبل – وعن التحديات التي يمكن أن تواجهها وكيف يمكن التغلّب عليها.
بالنسبة للبعض، قد يجد الحلّ في التفكير بشأن ماذا سيطهو اليوم أو خلال الأسبوع المقبل.
فضفض مع صديق
ما من أحد إلّا ويقلق بشؤون المال والوظيفة والعائلة، وكثيراً ما تثير هذه المسائل قلقي أنا شخصياً كطبيب يعالج التوتّر.
ويمكن للقلق بشأن هذه المسائل أن يتفاقم، لا سيما عندما يظل حبيس الصدر؛ لذا فإن الفضفضة بهذه المخاوف لشخصٍ محلّ ثقة كفيلة بتخفيف الحِمل عن صاحبها – حتى لو لم تقدّم حلولاً للمشاكل.