النهار الاخبارية - وكالات
مع انتشار الفيديوهات القصيرة التي لا تتجاوز مدتها 30 ثانية إلى دقيقة على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل تيك توك، فيسبوك ويوتيوب وإنستغرام وغيرها، ظهرت مشاكل كثيرة لدى مستهلكي هذا النوع من المحتوى، مثل نقص التركيز ومشاكل الصحة العقلية وحتى التلكؤ في التعليم.
وعلى الرغم من أن الأبحاث عن تأثير مقاطع الفيديو القصيرة لا تزال في مراحلها المبكرة، إلا أن نتائجها حتى الآن قد تجعلك تتجنب هذا النوع من وسائل التواصل الاجتماعي.
مشاهدة الفيديوهات القصيرة تسبب نقص التركيز
يؤدي الانغماس في دفق لا نهاية له من مقاطع الفيديو القصيرة والتي تتراوح مدتها من 15 إلى 30 ثانية، إلى خفض مدى انتباهنا بشكل لا يمكن لأي نوع آخر من الوسائط القيام به.
فيؤثر على الذاكرة قصيرة المدى والقدرة على التركيز. بحيث يصبح الأشخاص الذين يستهلكون هذا النوع من الفيدوهات بشكل كبير، غير قادرين على التركيز عند مشاهدة الفيديوهات الأطول ولو كانت مدتها 10 دقائق فقط، ناهيك عن قراءة كتاب أو أداء الواجبات المنزلية.
ويعترف 50% من المستخدمين لهذا النوع من الفيديوهات، بأنهم يجدون مقاطع الفيديو الطويلة "مرهقة".
ومع أن تيك توك على سبيل المثال، أدخل إمكانية نشر فيديوهات أطول تصل إلى 10 دقائق في عام 2022، لكن مقاطع الفيديو القصيرة للغاية، لا تزال أكثر أنواع المحتوى جاذبية للجماهير الشباب.
وأظهرت دراسة منشورة في "Nature Communications"، انخفاضاً كبيراً في مدى انتباه البشر بمرور الوقت.
على سبيل المثال أشار باحثون من الجامعة التقنية في الدنمارك إلى أن أي "هاشتاغ" معين في عام 2013 كان يبقي متصدراً لاهتمام الجمهور في المتوسط لمدة 17.5 ساعة، ولكن في عام 2016، بقي الوسم الأعلى 11.9 ساعة فقط في المتوسط.
وفي السنوات الأخير، تزايدت الرغبة المستمرة إلى معلومات أسرع ومحتوى جديد ومحتوى شائع يومي مثير.
حتى إن بعض المستخدمين أبلغوا أنهم اعتادوا مشاهدة مقطع فيديو مدته 10-30 دقيقة في الماضي، لكنهم وجدوا أنفسهم الآن يفقدون الاهتمام في غضون بضع دقائق، وقد يشعرون بنفاد صبرهم على الرغم من اهتمامهم الحقيقي بالفيديو.
وفقاً لمقال في "The Independent"، يمكن لأولئك الذين يشاهدون المقاطع القصيرة لأكثر من 90 دقيقة يومياً أن يعانوا من تناقص "الاهتمام الجماعي" بمرور الوقت بما يدور حولهم.
المقاطع القصيرة تسبب الإدمان
بحسب مجلة Forbes المحتوى الموجود على تيك توك والمنصات التي تقدم فيديوهات قصيرة، وتعتمد على التمرير المستمر على الشاشة إلى ما لا نهاية، هو في الأساس "كوكايين رقمي".
يقول المحلل جون كوتسير: "إنه عندما تكون على التطبيق، ترى مقطع فيديو يلفت انتباهك وتحصل على دفعة من الدوبامين في عقلك. ويحصل المستخدمون باستمرار على هذا الدوبامين مع كل مقطع فيديو ولا يريدون التوقف".
وبحسب ألبرت أولبرايت مؤلفة كتاب "كيف يعمل المواطنون الرقميون". فإن منصات مثل تيك توك بما في ذلك إنستغرام وسناب شات وفيسبوك، تبنت في خوارزمية الفيديوهات القصيرة نفس المبادئ التي تجعل الأشخاص يدمنون المقامرة.
تحصل على الدوبامين من بضعة مقاطع فيديو جيدة، ثم تهدأ الإثارة مع مقطعين من الفيديو التي لا تعجبك؛ ثم يتم تعزيز الدوبامين بفيديو ممتع آخر. ويمكنك مقارنة هذا المبدأ بالقمار. تحصل على الارتفاعات والانخفاضات مع الربح والخسارة. والتوقع وحده مثير لنا جسدياً وعقلياً.
ارتفاع نسبة الانتحار والأمراض النفسية
وجدت دراسة مدتها 10 سنوات أن الفتيات المراهقات البالغات من العمر 13 عاماً، واللائي استخدمن وسائل التواصل الاجتماعي لمدة ساعتين إلى ثلاث ساعات يومياً على الأقل، ثم زدن من فترة استخدامهن بمرور الوقت، كن أكثر عرضة للانتحار.
بحسب الدكتورة آنا ليمبك، طبيبة نفسية ورئيسة عيادة التشخيص المزدوج لطب الإدمان في جامعة ستانفورد: "المشكلة مع الأشياء التي تطلق الكثير من الدوبامين دفعة واحدة، أن أدمغتنا تبحث عن التعويض، وفي حالة نقص الدوبامين، يمكن أن يعاني الأشخاص من أعراض الاكتئاب والقلق".
يؤثر على مهارات القراءة
من المعروف أن أدمغتنا تهضم المعلومات المرئية أسرع من النص. وهذا هو السبب في أن مقاطع الفيديو ستتفوق دائماً على المعلومات النصية عبر الإنترنت. وتتنافس مواقع التواصل الاجتماعي في محاولة لجذب انتباهنا باستمرار، مع تقديمها أجزاء أصغر وأقصر من المحتوى المرئي.
وهو ما يسبب ضرراً على عادات القراءة لدى المستخدمين الأصغر سناً؛ ببساطة لأن الفيديو لا يتضمن نصاً مكتوباً إلا ما ندر.
كيف تحمي نفسك من هذه التأثيرات
لتقليص استهلاك مقاطع الفيديو القصيرة، يوصي الخبراء بصيام الدوبامين. وبدلاً من استبعاد تلك المقاطع تماماً وبشكل مفاجئ من حياتك، حاول تقييد استخدامك لوسائل التواصل الاجتماعي لفترة معينة من الوقت خلال اليوم.
ويقوم الصائم عن الدوبامين بالامتناع عن استخدام الإنترنت والهاتف والتلفاز والموسيقى وغيرها، والاكتفاء بروتين هادئ من القراءة والذهاب للتنزه والتأمُّل والتفكير والاسترخاء والكتابة، لاستعادة مستوى إفراز الدوبامين الطبيعي في الدماغ.