الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

ما علاقة الأجهزة الإلكترونية بالتمييز الاجتماعي؟


النهارالاخباريه- وكالات
باتت الأجهزة الإلكترونية وعلى رأسها الهاتف والكمبيوتر المحمولان، من المعدات الأساسية التي يستخدمها الناس في يومياتهم وتفاصيلها من العمل إلى العلاقات الاجتماعية والتواصل مع الآخرين إلى التسلية وتمضية الوقت، ما دفع أحد علماء الاجتماع إلى تسمية هذا الزمن بـ"عصر الشاحن"، لأنه لم يعد بإمكان الناس العيش من دون شاحن سواء في البيت أو في السيارة أو في المكتب وفي رحلاتهم بين دولة وأخرى. والشاحن المرتبط بأجهزته برابط عضوي إنما يدل على مدى ارتباط الناس بأجهزة الاتصال التي ترافقهم حتى إلى نومهم. وبات تعلق الجيل الجديد من الصغار بهواتفهم يشبه عوارض الإدمان المرضية، بحسب محللين كثر حول العالم. 
تفاخر أم جودة؟
نظراً لأهميتها المستجدة في حياتنا باتت نوعية هذه الأجهزة والبرامج التي تستخدمها واسم الشركة المنتجة تشير إلى دلالات اجتماعية وطبقية وتقنية عن حاملها. 
فحاملو أجهزة شركة "أبل" مثل "آي فون" و"آي باد" يتركون انطباعاً مباشراً من الميسورين مادياً حتى ولو كان الجهاز الذي يحملونه قديماً. ويكمن السبب في ارتفاع سعر هذه الأجهزة، والذي يبدو كما لو أن الشركة تتقصده من قبيل تقديم خدمات متطورة وصناعة ممتازة وآلات متينة مقابل سعر مرتفع، لخلق شريحة اجتماعية وطبقية خاصة بمستخدمي منتجات شركة "أبل" مما يضع مستخدمي نظام "أندرويد" والهواتف التي تعمل على هذا البرنامج تلقائياً في طبقة أدنى اجتماعياً وطبقياً وتقنياً.
وينظر إلى مستخدمي "أبل" على أنهم مجموعة من المتفاخرين أو محبي الترف، وهذه نظرة ليست خطأ إذ يقوم كثير من الميسورين بشراء منتجات "أبل" المتنوعة رغم عدم حاجتهم لها، ولكن بهدف تأكيد تلك النظرة التي ينظر بها الناس إليهم على أنهم طبقة أعلى. وبالطبع لا يمكن التعميم هنا، لأن عدداً كبيراً من مستخدمي "أبل" ينشدون الجودة في الصناعة والتقدم التقني الذي يحتاجونه، فعندما يتعلق الأمر بتطوير تطبيق جديد للهواتف الذكية، يعطي المطورون الأولوية لمتجر "أب ستور"، إضافة إلى أن تطبيقات "أبل" تكون أكثر فعالية من تطبيقات "أندرويد"، إذ تطبق الشركة معايير اختبار قاسية قبل الترويج لأي تطبيق على متجرها. وعندما تطرح "أبل" تحديثاً جديداً لنظام التشغيل "iOS" الخاص بها، فإن التحديث يشمل كل الهواتف في العالم وفي نفس الوقت، عكس الهواتف الذكية الأخرى، التي تصدر تحديثات في أوقات متفرقة وفي دول مختلفة. 
ويعتبر العديد من المتخصصين أن نظام "iOS" أكثر أماناً من نظام "أندرويد". وفي تقرير صدر عام 2015، وجد أن 97 في المئة من البرمجيات الخبيثة استهدفت أجهزة "أندرويد"، في حين أن نسبة ضئيلة قدرت بـ0.7 استهدفت هواتف "آي فون".
المنافسة بلا تأثير
لم تطرح شركة "أبل" أي هاتف بسعرٍ "مدروس" طوال مسيرتها، بل إن أسعار هواتفها تصاعدت بشكل دائم، ما دفع كثيراً من العملاء الأوفياء إلى الامتعاض. وسبب ارتفاع السعر يعود إلى الثقة المطلقة بما تقدمه الشركة من منتجات وحرصها منذ انطلاقتها على أن تكون منتجاتها على قدر طموحات النخبة وأن تكون بمثابة رفاهية (Luxury Items) بالنسبة للفئات الأدنى، وهو ما نجحت فيه بجدارة. وتأكيداً على تفردها وتميزها، التزمت الشركة مفهوم "الاكتفاء الذاتي" بحيث لا يحتاج المستخدم لأي تطبيق أو خدمة من خارج متجر "أبل" الإلكتروني، فالموسيقى متوفرة على تطبيق "آي تيونز"، ويمكن نقل الأغاني من الحاسوب الى الهاتف، أما استخدام الكتب بجميع أنواعها فمتوفر على "آي بوكس".
بمعنى آخر، أنشأت "أبل" تطبيقاً لكل ما قد يحتاجه المستخدم وكل تطبيق يحوي نظاماً منفصلاً ولكل عميل إمكانية الحصول على مزايا أكثر بحسب إمكانياته المادية. وأحدث الخدمات المدفوعة على أجهزة "iOS" هي خاصية ""أبل أركاد" التي يحصل المشترك بموجبها على باقة تحوي أكثر من 180 تطبيقاً مدفوعاً مقابل 4,99 دولار في الشهر، وكل ما يحتاجه لذلك هو وسيلة دفع إلكتروني. 
وحاولت "غوغل" مالكة نظام "أندرويد" ومشغلته، إنشاء خدمات مشابهة تحت اسم "باقة غوغل بريميوم". وكان ما قدمته مثيراً للإعجاب بدوره، مثل نظام لحفظ البيانات مقابل سعر يتراوح ما بين 1,59 دولار و7,99 دولار في الشهر بحسب المساحة التي يحتاجها المستخدم، وهو مبلغ مغر مقارنة مع ذاك الذي تطلبه "أبل"، ويظهر مراعاة الشركات المشغلة لنظام "أندرويد" للأوضاع المالية لمستخدميها.
وبحسب الإحصاءات العالمية في مجالات الأسواق التقنية، كان خلال العام الماضي (2020) ما نسبته 81.5 في المئة من الهواتف الذكية المستخدمة حول العالم تعمل بنظام التشغيل "أندرويد"، والنسبة المتبقية أي 14.8 في المئة من الأجهزة تعمل بنظام التشغيل "iOS" الخاص بشركة "أبل". وبحسب بيانات شركة "أبل" فقد تخلى حوالى 26 في المئة من مستخدميها عن هواتف "آي فون" الخاصة بهم، وانتقلوا إلى "أندرويد" بين الربع الأول والربع الثانى من عام 2020، وتم تعليل ذلك بسبب الصعوبات الاقتصادية التي تسببت فيها جائحة كورونا حول العالم. 
ولانتقال عملاء "أبل" أسباب أخرى أيضاً، تقنية في جلها، مثل إتاحة جهاز "آي باد" تشغيل تطبيقين في الوقت نفسه كأن تتابع "تويتر" وتجري محادثات من "ماسنجر"، وهذه ميزة غير متاحة على هواتف "آي فون".
ويُعتبر عمر البطارية من نقاط القوة الأساسية التي تُمنح للهواتف التي تعمل بنظام لـ"أندرويد" وأجهزتها، على عكس أجهزة "أبل" التي ارتبطت بقِصر عمر البطارية، على الرغم من المحاولات العديدة للشركة في معالجة نقطة الضعف هذه. 
ويمكن لمستخدمي "أندرويد" أن يسجلوا المكالمات الهاتفية التي يجرونها بسهولة، من خلال اللجوء إلى بعض التطبيقات، وهو ما يجد مستخدمو "آي فون" صعوبة في القيام به، ولا يمكنهم تفادي الأمر إلا عبر التحايل على الهاتف، وإدخال خدمات طرف ثالث على نظام "iOS". ويمكن لمن يملكون أجهزة "سامسونغ" أن يتيحوا للآخرين استخدام هواتفهم، من دون الخشية على خصوصيتهم، وذلك من خلال إنشاء حساب لمستخدم ضيف.
كما تتيح جميع الهواتف التي تعمل بنظام التشغيل "أندرويد" توسيع ذاكرة التخزين الداخلية عبر بطاقات microSD، وهي الميزة التي لا تتوفر في "آي فون".
ومن أسباب انتشار أجهزة "أندرويد" أيضاً، هو كون هذا النظام صالحاً للاستعمال في أنواع كثيرة من الأجهزة المختلفة في الشكل والحجم والسعر والمواصفات واسم الشركة المصنعة مثل "سوني" و"موتورولا" و"سامسونغ" و"آسوس" و"أل جي" و"أتش تي سي". بينما منتجات شركة "أبل" وحدها تعمل بنظام التشغيل "iOS"