الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

الألعاب الرقمية لم تعد مضيعة للوقت


النهار الاخبارية - وكالات 

أدركت السعودية، موطن الـ 21.2 مليون لاعب، حجم سوق ألعاب الفيديو العالمية، إذ بلغت أرباح قطاع الألعاب في العالم 159.3 مليار دولار عام 2020، بعد أن كان متوقعاً في إحصاءات عام 2016 أن تبلغ القيمة الإجمالية 90.07 مليار دولار أميركي، بحسب موقع "we pc" لأخبار الألعاب، إلا أن التطور السريع في هذه الصناعة ارتفع بنسبة 76.8 في المئة، وتقدر التوقعات أن هذه الصناعة ستبلغ 268 مليار دولار بحلول العام 2025.

وبعد أن كان هذا الأمر لا يعدو كونه مضيعة للوقت، خطت نحو استهداف هذه السوق الخصبة لتكون فيها من أكبر الدول المستهلكة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إذ بلغ الاستهلاك 785 مليون ريال (209 ملايين دولار).

دخول السعودية في الصناعة

وتجلى اهتمام السعودية في هذا القطاع بإنشاء اتحاد خاص للرياضات الإلكترونية عام 2017، والذي يعتبر جهة منظمة ومسؤولة عن تطوير الألعاب الإلكترونية ورعاية نخبة لاعبي الرياضات الإلكترونية السعوديين.

وتنقسم أنشطة الاتحاد إلى قسمين، لينصب اهتمام القسم الأول في تطوير جميع مستويات اللاعبين المتنافسين وصولاً إلى الرياضيين المحترفين، أما القسم الثاني للاتحاد فهو تطوير منظومة الألعاب والرياضات الإلكترونية، من أجل تحفيز القطاع وتمكين المواهب، كما قدمت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات المعنية بهذا القطاع عدداً من المبادرات للاستثمار فيه من أجل صناعة الخبرات الإبداعية، إذ نرى أيضاً أن صندوق الاستثمارات العامة رصد صناعة الألعاب كإحدى الفرص الاستثمارية الواعدة، فاشترى خلال الربع الأخير من العام 2020، أسهماً في شركات صناعة ألعاب الفيديو الأميركية بقيمة 3.3 مليار دولار، تضمنت أسهم في شركات "أكتيفيشن بليزارد إلكترونك آرتس" و "تيك تو"، بحسب البيانات التي نشرتها وكالة "بلومبيرغ".

إلا أن هذا المجال الذي يعتبر جديداً في السعودية لا يخلو من تحديات لدى المصنعين، فيشير علي الحربي، المؤسس والرئيس التنفيذي لـ"يومكس استوديو" لتطوير الألعاب، أن التحدي الأكبر الذي يواجه القطاع هو النقص الكبير في الكادر البشري في كل مجالات هذه الصناعة، وأشار إلى أهمية إنشاء بنية تحتية تقنية لهذا القطاع، ويقصد به "أن تكون هناك سيرفرات خاصة بالألعاب مقرها السعودية".

وأضاف "حقوق المطورين والناشرين في الألعاب تتعرض بشكل مستمر للانتهاك والتخريب، ويتم نشرها من دون احترام حقوق الملكية على الإطلاق، مما يؤثر سلباً في المطور".

وأشار مطور الألعاب شاكر بخاري إلى أن مجال صناعة الألعاب "يحتاج إلى التفرغ لكن الحاجة للدخل المادي تجعل صناعة الألعاب وظيفة جانبية لدى غالب المطورين"، مضيفاً "ما ينقص هذا المجال هو الاستثمار الجاد والثقة بالمطورين المحليين".

كيف تصنع ألعاب الفيديو؟

لا أظن أن هذا السؤال لم يخطر على بال أحد، وكم تبلغ كلفة صناعة اللعبة، إذ يذكر علي الحربي من "يومكس ستوديو"، الذي يركز على صنع ألعاب ذات طابع عربي وخليجي أن "كلفة تطوير اللعبة عادة ما تبدأ من 500 دولار إلى مئات الملايين، وتعتمد على نوعها والمنصات المستهدفة والممثلين المشاركين، ويتحدث عن المراحل التي تمر بها صناعة أي لعبة، قائلاً إن "هناك مرحلة قبل الإنتاج وهو ماهية اللعبة، ولماذا يجب صنعها ومن الجمهور، وهل يوجد سوق وكيف تبدو المنافسة، وعلى أي منصة ستنشر، وهل ستباع على المنصة أو أنها مجانية لكن سيكون فيها عمليات الشراء داخل اللعبة، ومن الموظفين الذين تحتاجهم وما هي الموارد المطلوبة في صناعتها، وتحديد الموازنة المطلوبة، ثم نأتي لمرحلة الإنتاج التي تعتمد على نوع اللعبة والشخصيات والرسم ووضع قواعد اللعب وبناء المستويات والعوالم وكتابة الكود وغير ذلك".

ويضيف أنه مع انتشار محركات الألعاب التي مكنت الأشخاص من صناعة ألعابهم بكلفة بسيطة، فهذه المحركات تعتبر "بيئات تطوير وتقنيات شبه متكاملة، تسمح للمطور بسرعة وسهولة الإنجاز وتوفير أدوات جاهزة، وتختصر كثيراً من الوقت والكلفة، إضافة إلى أن أغلب محركات الألعاب لديها متاجر مساعدة لمشاريع وأدوات تساعد وتختصر الوقت في التطوير وبأسعار في المتناول، سواء كانت مؤثرات مرئية بصرية أو صوتية أو أجزاء معينة من اللعبة، مثل نظام الحياة والأعداء فيزيائية الحركة، والتصادم والمركبات والانفجارات والإضاءة، لذلك لا حاجة لبناء كل جزء في اللعبة من الصفر".

وأشار إلى أن الجمهور عادة ما يكون شريكاً في صناعته "صناعة الألعاب بخاصة ألعاب الجوال، وتطوير اللعبة يجب أن يمر باختبار اللعبة من البداية مع الجمهور وليس بعد الانتهاء من اللعبة للوصول لأفضل نتيجة ممكنة يحبها اللاعب".

وعن المردود المادي للألعاب تحدث شاكر بخاري عن تجربته بأن المردود المعنوي كان كبيراً جداً لجودة الرسوم لكن المادي كان محدوداً.

الرياضات الإلكترونية

ولم تكتف السعودية بصناعة الألعاب فقط، بل أخذت باستضافة بطولات عالمية ومحلية للرياضات الإلكترونية، وذلك برعاية من الاتحاد السعودي للعبة، فقد استضافت 18 بطولة لمختلف الرياضات الإلكترونية، بجوائز تجاوزت الـ 115 مليون ريال (30 مليون دولار أميركي).

ويعد مجال الرياضات الالكترونية من أحد أسرع القطاعات نمواً في عالم الرياضة، فهي تضم آلاف المحترفين وعشاق الرياضة مثل باقي الرياضات، وتعرف بأنها مصطلح عالمي يقصد به منافسات ألعاب الفيديو، إذ يتنافس اللاعبون أفراداً أو فرقاً ضمن بطولات محلية ودولية، ويكون التنافس على جائزة مالية، وتخضع هذه البطولات لمجموعة من القوانين ويمكن أن تتم داخل صالات بحيث يجتمع اللاعبون في مكان ووقت محدد أو من بعد من خلال الإنترنت، ويتم ذلك بعد الاتفاق على المواعيد.

ولأن هذه الرياضة مثلها مثل باقي الرياضات تحتاج إلى تدريب اللاعبين وتأهيلهم لهذه البطولات، يتحدث سلطان السعد صاحب نادي "طويق" المتخصص في تطوير اللاعبين في الرياضات الإلكترونية، أن "تأسيس نادي طويق جاء بعد درس السوق السعودية ومعرفة حاجة السوق وعن العوائد المالية من هذه المسابقات، ومن ناحية أندية الرياضات الإلكترونية عالمياً ومحلياً المصدر الرئيس هو الرعايات ومن بعدها تأتي مبيعات المنتجات، ومن ثم مصادر الدخل الأخرى، وهناك العديد من الأعمال في القطاع التي تتطلب شركات متخصصة في مجالات مختلفة، مثل شركات تنظيم البطولات وشركات الإنتاج المتخصصة في إنتاج فعاليات الرياضات الإلكترونية، ومراكز الرياضات الإلكترونية وغيرها، إذ أغلبها توجد لها شركات متخصصة داخل السعودية ولكنها قليلة".

وحقق اللاعبون السعوديون مراكز متقدمة في هذه الرياضات حول العالم، مثل عبدالعزيز الشهري بطل "فيفا" مرتين متتاليتين، وساري الجفري صاحب المركز الأول في كأس العالم للرياضات الإلكترونية في بطولة "تيكن 7"، وقد أسهم قطاع ألعاب الفيديو في توليد دخل للاعبين في أنحاء العالم، حتى بات بعض اللاعبين يقومون ببث مقاطع فيديو لأنفسهم وهم يلعبون في المنزل ويكسبون مئات وآلاف الدولارات من خلال جمع ملايين المشاهدات على قنواتهم، وأصبحوا نجوماً حقيقيين على وسائل التواصل الاجتماعي.