الجمعة 22 تشرين الثاني 2024

التفاؤل يمكن أن يكون مكتسباً.. علماء النفس يشرحون طريقة “تعلم” المشاعر الإيجابية


النهار الاخبارية - وكالات 

هل تعاني من التشاؤم الدائم وتعجز عن النظر إلى النصف الممتلئ من الكأس؟ علماء النفس يقولون إن بإمكانك تعلم التفاؤل وإن هذه المشاعر الإيجابية من الممكن أن تكون مكتسبة

ما هو التفاؤل المكتسب؟ 
التفاؤل المكتسب هو مفهوم ظهر في أحد فروع علم النفس والذي يسمى علم النفس الإيجابي. وقد تم توصيف التفاؤل المكتسب من قبل عالم النفس مارتن سيليجمان، الذي يعتبر مؤسس حركة علم النفس الإيجابي. 

وفقاً لسليجمان، فإنه بإمكانك أن "تتعلم" كيف تكون متفائلاً، وهذا التفاؤل المكتسب يعتبر من الطرق المهمة لمساعدة الناس على تحقيق مستويات أفضل من الصحة العقلية والجسدية والنفسية. 

وقد ألف سليجمان كتاباً يركز على سيكولوجية التفاؤل المكتسب. وساعد عمله في إلهام صعود علم النفس الإيجابي. 

هل يمكنك تعلم التفاؤل؟
يقترح الباحثون أنه إضافة إلى كونها وراثية جزئياً، فإن مستويات التفاؤل تتأثر أيضاً بتجارب الطفولة، وضمن ذلك الدفء الأبوي والاستقرار المالي. 

ومع ذلك، يشير عمل سليجمان إلى أن من الممكن تعلم المهارات التي يمكن أن تساعدك على أن تصبح شخصاً أكثر تفاؤلاً. إذ يمكن لأي شخصٍ تعلم هذه المهارات، بغض النظر عن مدى تشاؤمهم.

وتشير أبحاث سليجمان إلى أنه قد يكون من المفيد تعليم الأطفال مهارات التفاؤل في وقت متأخر بما فيه الكفاية في مرحلة الطفولة بحيث يتمتع الأطفال بمهارات ما وراء المعرفية لتكييف أفكارهم الخاصة، وأشار إلى ضرورة اكتساب هذه المهارات قبل بداية سن البلوغ. قد يكون تعليم مثل هذه المهارات خلال هذه الفترة الحرجة هو المفتاح لمساعدة الأطفال على درء عدد من الأمراض النفسية، وضمن ذلك الاكتئاب.

نموذج ABCDE
يعتقد سليجمان أنه يمكن لأي شخص أن يتعلم كيف يصبح أكثر تفاؤلاً. لذلك قام بتطوير اختبار التفاؤل المكتسب المصمم لمساعدة الناس على اكتشاف مدى تفاؤلهم. 

يعتمد نهج سليجمان لتعلم التفاؤل على التقنيات السلوكية المعرفية التي طورها آرون بيك والعلاج السلوكي الانفعالي العقلاني الذي ابتكره ألبرت إليس. يركز كلا النهجين على تحديد الأفكار الأساسية التي تؤثر على السلوكيات ثم القيام بتحدي هذه المعتقدات.

يُعرف نهج سليجمان بنموذج "ABCDE" للتفاؤل المكتسب، ويتضمن:

المرحلة الأولى: تحديد نوع المحنة التي تمر بها
أفكارك حول المحنة التي تمر بها: كيف نفسر هذه المحنة
النتيجة: الطريقة التي نتصرف بها أو نستجيب لها أو نشعر بها، حيال هذه المحنة
تحدي معتقداتك: الجهد الذي نبذله للجدل أو الاعتراض على الاعتقاد الذي كوّناه عن هذه المحنة
التنشيط: النتيجة التي تظهر من محاولة تحدي معتقداتنا
لاستخدام هذا النموذج لتعلم أن تكون أكثر تفاؤلاً، إليك بعض الأمثلة: 

المرحلة الأولى: 

فكر في نوع من الشدائد التي واجهتها مؤخراً. قد يكون شيئًا متعلقًا بصحتك أو عائلتك أو علاقاتك أو وظيفتك أو أي نوع آخر من التحديات التي قد تواجهها.

على سبيل المثال، تخيل أنك بدأت مؤخراً خطة تمرين جديدة ولكنك تواجه مشكلة في الالتزام بها.

أفكارك حول المحنة التي تمر بها 

قم بتدوين الأفكار التي تدور في ذهنك عندما تفكر في هذه المحنة. كن صريحًا قدر الإمكان ولا تحاول تلطيف مشاعرك أو تعديلها.

في المثال السابق، قد تفكر في أشياء مثل "لا أستطيع الالتزام بخطة التمرين تلك" أو "لن أتمكن مطلقًا من تحقيق أهدافي" أو "ربما لست قويًا بما يكفي لتحقيق أهدافي".

النتيجة

فكِّر في نوع العواقب والسلوكيات التي ظهرت من المعتقدات التي سجلتها في الخطوة 2. هل أدت هذه المعتقدات إلى تقدم إيجابي، أم أنها منعتك من تحقيق أهدافك؟

في مثالنا، قد تدرك بسرعةٍ أن المعتقدات السلبية التي عبرت عنها جعلت من الصعب عليك الالتزام بخطة التمرين. ربما بدأت في تخطي التدريبات أكثر أو بذلت جهدًا أقل عندما ذهبت إلى صالة الألعاب الرياضية.

تحدي معتقداتك

فكر في معتقداتك من الخطوة 2 وابحث عن أمثلة تثبت خطأ هذه المعتقدات. ابحث عن مثال يتحدى افتراضاتك.

على سبيل المثال، قد تفكر في كل الأوقات التي أنهيت فيها تمرينك بنجاح، أو حتى في الأوقات الأخرى التي حددت فيها هدفًا وعملت على تحقيقه ووصلت إليه أخيراً.

التنشيط

فكِّر في شعورك الآن بعد أن تحديت معتقداتك. 

بعد التفكير في المرات التي عملت فيها بجد لتحقيق هدفك، قد تشعر بأنك أكثر نشاطًا وتحفيزاً. الآن بعد أن رأيت أنه ليس ميؤوساً منه كما كنت تعتقد سابقاً، قد تكون أكثر إلهامًا لمواصلة العمل على أهدافك.

فوائد التفاؤل
وفقاً للباحثين هناك العديد من الفوائد التي قد تجنيها عندما تصبح شخصاً أكثر تفاؤلاً وضمن ذلك: 

صحة جسدية أفضل: وجدت الدراسات أن التفاؤل يلعب دوراً مهماً في تحسين النتائج الصحية لمرضى القلب والأوعية الدموية والسرطان والأمراض الأخرى، كما ثبت أنه من الممكن أن يخفف الإحساس بالألم. 

صحة نفسية أفضل: يفيد المتفائلون بمستويات أعلى من الصحة النفسية مقارنة بالمتشائمين. تشير الأبحاث أيضاً إلى أن تدريس تقنيات التفاؤل المكتسب يمكن أن تقلل بشكل كبير من الاكتئاب.

دافع نحو الأمام: أن تصبح أكثر تفاؤلاً يمكن أن يساعدك أيضاً في الحفاظ على الدافع عند السعي وراء الأهداف. عند محاولة إنقاص الوزن، على سبيل المثال، قد يستسلم المتشائمون لأنهم يعتقدون أن الحميات الغذائية لن تجدي نفعاً. من ناحية أخرى، من المرجح أن يركز المتفائلون على التغييرات الإيجابية التي يمكنهم إجراؤها والتي ستساعدهم في الوصول إلى أهدافهم.

عمر أطول: أظهرت الدراسات أن الأشخاص المتفائلين يميلون إلى العيش فترة أطول من المتشائمين، وفقاً لما ورد في موقع verywellmind. 

مستويات توتر أقل: لا يعاني المتفائلون من إجهاد أقل فحسب، بل يتعاملون معه أيضاً بشكل أفضل من المتشائمين. إنهم يميلون إلى أن يكونوا أكثر مرونة ويتعافون من النكسات بسرعة أكبر، وبدلاً من الشعور بالإرهاق والإحباط بسبب الأحداث السلبية، فإنهم يركزون على إجراء تغييرات إيجابية من شأنها تحسين حياتهم.