الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

أشكال إنتصارات الفريق المدريدي ببطولة دوري الأبطال في أروبا

النهار الاخباريه وكالات
مع اقتراب فريق ريال مدريد من تحقيق اللقب الخامس عشر في دوري أبطال أوروبا منذ تأسيسه، يرسخ فريق العاصمة الإسبانية مكانته كأكثر فريق تتويجاً بهذه البطولة في التاريخ. لم يسبق لأي نادٍ أن حقق هذا العدد من الألقاب في هذه البطولة، التي تعد الأجمل والأغلى على الساحة الكروية، ولا سيما الأوروبية، والتي ينتظرها عشاق الكرة بفارغ الصبر كل عام.
في السنوات الأخيرة، بات ريال مدريد هو المتسيد لهذه البطولة، بأسلوب يشبه أفلام بوليوود، حيث ينتصر البطل دائماً في النهاية. هذه الهيمنة قد تكون مزعجة بعض الشيء بسبب قلة التنافسية والنتيجة المتوقعة.

أشكال انتصارات الفريق المدريدي ببطولة دوري الأبطال
رغم أن فريق مانشستر سيتي الإنجليزي كسر هيمنة ريال مدريد وانتزع لقب دوري الأبطال في إسطنبول العام الماضي، إلا أن ريال مدريد لم يحتج إلى وقت طويل ليعود مجدداً إلى النهائي. نعود هنا إلى جملة شهيرة قالها المعلق عصام الشوالي في عام 2022، خلال مواجهة ريال مدريد ومانشستر سيتي. ورغم تفوق الفريق الإنجليزي في مباراة الذهاب بنتيجة 4-3، وتقدمه في مباراة الإياب بهدف رياض محرز، إلا أن ريال مدريد حقق عودة مثيرة. ففي الدقيقة الـ91، سجل رودريغو هدف التعادل، وبعد دقيقة واحدة، سجل نفس اللاعب هدف التقدم، لتذهب المباراة إلى الأشواط الإضافية، حيث سجل بنزيما هدف الانتصار والتأهل من ركلة جزاء في الدقيقة الـ95، ما سبب صدمة كبيرة للنادي الإنجليزي ومدربه.
هذا السيناريو ليس الوحيد لريال مدريد، حيث يمتلك النادي العديد من القصص المثيرة في دوري الأبطال. ريال مدريد يتمتع بخبرة وشخصية تجعله قادراً على المنافسة وتحقيق الانتصارات بطرق تبدو أشبه بالأفلام البوليوودية. تارة يكون الفريق على وشك الخروج من البطولة، ويقدم أداءً سيئاً على أرض الميدان، لكن خلال دقائق قليلة يقلب التأخر إلى انتصار وسط دهشة الخصوم والمشجعين. رأينا هذا السيناريو يتكرر في السنوات الأخيرة، كما حدث أمام باريس سان جيرمان في دور الـ16 لعام 2022، ثم تجاوز تشيلسي في ربع النهائي بنفس الأسلوب، ليتواجه بعدها مع مانشستر سيتي ويحدث ما وصفه الشوالي بـ"الفما حاجة"، ليصل لنهائي البطولة وينتصر من جديد في النهاية على ليفربول.
ورغم سيطرة ليفربول واستبسال حارسه ومدافعيه، إلا أن ريال مدريد نجح في تسجيل هدف وحيد من محاولتين فقط على المرمى، في حين لم يتمكن ليفربول من التسجيل رغم 24 تسديدة، منها اثنتان ارتطمتا بالقائم، بسبب التألق الاستثنائي لحارس مرمى ريال مدريد، تيبو كورتوا. هذه القدرة الفريدة على تحقيق الانتصارات في اللحظات الحاسمة بجانب كونها تضع ريال مدريد في مكانة لم يصلها قبله نادي أخر كنادٍ استثنائي في تاريخ دوري الأبطال، إلا أنها تثير التساؤلات. 
جدل تحكيمي في كل بطولة يحققها الريال آخر 5 بطولات 
قد يكون العنوان مستفزاً لبعض الجماهير المدريدية، ولديهم حق في ذلك، إذ ليس هناك فريق يتمكن من تحقيق هذا الكم من الإنجازات الصعبة بالاعتماد فقط على الأخطاء التحكيمية. ولكن إذا أمعنا النظر في آخر 5 بطولات حققها النادي الملكي في دوري الأبطال، سنجد أن هناك جدلاً تحكيمياً في العديد من المباريات التي خاضها ريال مدريد في طريقه لتحقيق هذه البطولات.
الحادية عشرة: في موسم 2013/2014، خلال نهائي ملعب النور، كان أتلتيكو مدريد متقدماً حتى الدقيقة الأخيرة، حيث احتسب الحكم أكثر من 5 دقائق وقتاً بدل ضائع. في إحدى الكرات، احتُسب هدف لريال مدريد تبين لاحقاً أنه كان تسللاً، وبرأسية من سيرجيو راموس، تعادل الريال قبل أن ينتصر في الأشواط الإضافية.
الثانية عشرة: في موسم 2016/2017، خلال ربع نهائي دوري الأبطال أمام بايرن ميونخ، شهدت المباراة قرارات تحكيمية مثيرة للجدل، بما في ذلك طرد غير مستحق لفيدال، واحتساب هدفين من تسلل واضح لكريستيانو رونالدو، وحرمان ليفاندوفسكي من فرصتين بسبب التسلل رغم أنه كان في موقف سليم.

الثالثة عشرة: في موسم 2017/2018، خلال ربع نهائي دوري الأبطال أمام يوفنتوس، فاز ريال مدريد 3-0 ذهاباً، ولكن في الإياب تمكن يوفنتوس من تسجيل ثلاثية قبل أن يحتسب الحكم ركلة جزاء غير مستحقة للريال في الدقيقة الأخيرة. طرد الحارس بوفون للاحتجاج، وسجل رونالدو هدف التأهل. وفي نصف النهائي، واجه الريال بايرن ميونخ، وفاز ذهاباً 2-1 وتعادل إياباً 2-2، حيث تم حرمان بايرن من ركلتي جزاء كانتا كفيلتين بتغيير مسار المباراة.
الرابعة عشرة: في دور الـ16 موسم 2021/2022، وأثناء مرحلة الإياب، عرقل كريم بنزيما حارس مرمى باريس سان جيرمان دونا روما قبيل تسجيل هدف التعادل، ورغم وجود تقنية الفار، رفض الحكم الرجوع إليها.
الخامسة عشرة: على الرغم من أن ريال مدريد لم يخض نهائياً أمام بروسيا دورتموند، إلا أن التفوق الكبير للفريق الملكي كان واضحاً. في دور الـ16، وأمام فريق لايبزيغ، أثار الجدل هدف أول تم إلغاؤه بداعي التسلل. وفي نصف النهائي، قبل أيام قليلة، حدث جدل كبير بعد رفض الحكم هدفاً لصالح بايرن ميونخ، حيث أطلق صافرته فور لعب الكرة المشكوك فيها بتسلل، رغم أن القانون الجديد يفرض على الحكم الانتظار لبضع ثوانٍ قبل اتخاذ القرار. اعتذر الحكم للجهاز الفني واللاعبين، ولكن الخطأ ترك جدلاً كبيراً في الأوساط الرياضية، وأثار التساؤلات حول تكرار هذه الأخطاء لصالح ريال مدريد، وهو ما أشار إليه المدرب توخيل بعد المباراة.
تصريحات المدربين واللاعبين 
وكعادة كرة القدم، في كل مباراة يستفيد فيها فريق من خطأ تحكيمي، ترتفع الأصوات مدعيةً محاباة الحكم لهذا الفريق على حساب الآخر. لكن عندما يتعلق الأمر بريال مدريد، يتزايد الجدل وتتضخم الادعاءات حول استفادته من القرارات التحكيمية. وقد وصلت هذه الأصوات إلى درجة من القوة والوضوح بسبب العديد من اللحظات الجدلية في السنوات الأخيرة.
إحدى أبرز التصريحات جاءت من المدرب الحالي لريال مدريد نفسه، كارلو أنشيلوتي. ففي عام 2017، عندما كان أنشيلوتي مدرباً لنادي بايرن ميونخ، أعرب عن استيائه من التحكيم بعد المباراة التي أسفرت عن خروج الفريق البافاري أمام ريال مدريد في ربع نهائي دوري الأبطال. قال أنشيلوتي آنذاك: "كنا رائعين اليوم، لكن الحكم صعّب علينا المباراة"، مضيفاً: "لا أحب التحدث عن الحكام، لكن لم أكن أتوقع أن يكون هذا مستوى حكم في ربع النهائي".
ومن بين اللاعبين الذين انتقدوا التحكيم ضد ريال مدريد، لاعب ريال مدريد الحالي نفسه، توني كروس عندما كان يلعب مع بايرن ميونخ، حيث أعرب عن استيائه من التحكيم بعد الخروج من البطولة. وتتسع قائمة المنتقدين للعديد من اللاعبين مثل جيورجيو كيليني وجيانلويجي بوفون وماتيس دي ليخت وجيرارد بيكيه وداني ألفيس وماركينيوس وجوردان هندرسون، وكلهم عبروا عن غضبهم من قرارات تحكيمية اعتبروها منحازة لصالح ريال مدريد.
في النهاية، كرة القدم هي لعبة تتضمن الأخطاء بشكل عام. ولكن، في هذا السياق، إذ لن نهدف للقول بأن ريال مدريد يفوز فقط بسبب التحكيم. الواقع أن هذا الفريق، ومن خلال التحليل المنصف، يعد أكثر الفرق استفادة من التحكيم في السنوات الأخيرة. هذا الأمر حقيقة لا يمكن إنكارها، وقد أحبط النادي مشجعي الفرق الأخرى بسبب طريقته في تحقيق الانتصارات بأساليب غريبة في بعض الأحيان، سواء بقرارات تحكيمية مثيرة للجدل أو بأخطاء فردية لم يكن أحد يتوقعها من حراس مرمى كبار مثل دوناروما ومانويل نوير، أو حتى بأساليب دفاعية تعتمد على الحظ أحياناً وعلى براعة حارس المرمى أحياناً أخرى، كما رأينا في نهائي 2022 ضد ليفربول، أو في مباراة السيتي الأخيرة، أو في تلك اللحظات الحاسمة التي يقلب فيها ريال مدريد الأمور رأساً على عقب.
في عالم كرة القدم، يبقى ريال مدريد رمزاً للتميز والهيمنة في دوري أبطال أوروبا. تعدد أساليب الانتصار لديهم يعكس تفوقاً لا يقبل الجدل، حيث تمكن الفريق من إحراز عدد كبير من الألقاب، ما يجعله زعيماً بلا منازع لهذه البطولة.
تتعدد العوامل التي تجعل من ريال مدريد فريقاً فريداً، ولعل هذا هو ما يدفع البعض للتساؤل عن سر نجاحه المتكرر في دوري الأبطال. في كثير من الأحيان، لا يكون ريال مدريد الفريق الأفضل على أرض الملعب من حيث الأرقام والسيطرة، ولكنهم ينجحون دائماً في اقتناص الفوز. هذا التفوق يُعزى إلى ما يمكن تسميته بـ"DNA" خاص بالفريق في هذه البطولة، ما يجعل هزيمتهم أمراً بالغ الصعوبة.
قد يرى البعض أن حظ ريال مدريد هو ما يقودهم إلى النجاح، لكن الحقيقة أعمق من ذلك بكثير. الفريق يتمتع بشخصية قوية وثقافة انتصارية متجذرة في تاريخه، ما يجبر الجميع على الاعتراف بقدرتهم الفريدة على التفوق في أصعب المواقف واللحظات الحاسمة. هذه الصفات هي التي تميز ريال مدريد وتجعل منه فريقاً لا يُقهر بسهولة في دوري أبطال أوروبا وخصوصاً إذا وصل لنهائي البطولة القارية.