الثلاثاء 3 كانون الأول 2024

الاحتقان الطائفى يحي شعار بيروت منزوعه السلاح


النهارالاخباريه- بيروت 
أعادت الاشتباكات المذهبية التي شهدتها منطقة خلدة جنوب بيروت بين عناصر من "حزب الله" وآخرين من العشائر العربية، إضافة إلى مشهدية الاحتقان الطائفي القابلة للتفجير في أي لحظة، التذكير باقتراح قديم لقوى "14 من آذار"، يقضي بجعل بيروت مدينة منزوعة السلاح وتسليم زمام الأمن فيها إلى الجيش اللبناني. وتبنت مجموعات عديدة شاركت في إحياء الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت مطلب "إعلان بيروت مدينة منزوعة السلاح". 
وتعتبر المجموعات المنضوية في الاحتجاجات الشعبية أن المدخل إلى استقرار العاصمة وحماية أبنائها من أي صدامات داخلية، أو اعتداءات خارجية هو جعلها مدينة خالية من السلاح، مستندة إلى القرار الدولي 1559 الصادر عن مجلس الأمن، والداعي إلى حصرية السلاح بيد "قوى الشرعية"، الأمر الذي يشكل مقدمة لمعالجة عتاد الحزب الثقيل المنتشر في الجنوب والمخزّن بين المنازل في جوار بيروت، الذي يشكل هدفاً عسكرياً للقوات الإسرائيلية من جهة ومصدر قلق ورعب دائم للمواطنين في منازلهم.

ويؤكد مدير التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديمقراطية، توم حرب، أن مجموعات الضغط اللبنانية في الولايات المتحدة الأميركية توصلت مع أعضاء في الكونغرس إلى مشروع قانون يقضي بإعلان بيروت الإدارية منطقة خالية من أي سلاح غير شرعي وتحت سيطرة الدولة اللبنانية حصراً.
وأضاف أن هناك سعياً أيضاً لتوسيع المشروع ليشمل جميع المناطق غير الخاضعة لسيطرة "حزب الله"، إذ تُعاد سيطرة الدولة على مناطق واسعة من لبنان وتفكيك مخازن أسلحة الحزب 
وبغض النظر عن إمكانية تطبيق الشعار، باتت المطالبة بنزع سلاح الحزب وربطه بأجندة الصراع الإقليمي وتحميله مسؤولية الأزمة التي يمر بها لبنان، أمراً يكاد يتصدر تحركات شعبية شبه يومية في بيروت. وسلطت حادثة بلدة "شويا" الضوء على الهوة الواسعة بين "حزب الله" والطوائف الأخرى، إذ نزع أبناء البلدة الجنوبية السلاح من مقاتلي الحزب الذين أطلقوا الصواريخ على إسرائيل، وسُلموا إلى الجيش اللبناني في مشهد غير مسبوق في لبنان.
 
ومن الواضح أن عدداً كبيراً من الرأي العام اللبناني بات يعتبر أن أسطورة "المقاومة" التي رفعها "حزب الله" سابقاً قد انتهت، القضايا الدولية، 
إلا أن مؤيدي الحزب يعتبرون أن الهدف الوحيد لسلاح "حزب الله" هو حماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية، وأن مشاركته في الحرب السورية كانت بهدف منع "المتشددين" من السيطرة على لبنان. 

وفي السياق يؤكد النائب في البرلمان اللبناني، فؤاد مخزومي، أن الممر الوحيد لتحويل بيروت إلى مدينة منزوعة السلاح هو سقوط معادلة "الجيش والشعب والمقاومة"، التي أعطت شرعية لسلاح "حزب الله" بعد أن صادق عليها جميع رؤساء الحكومات المتعاقبين منذ العام 2005. 
وأشار إلى أن "الشعب اللبناني بات مدركاً أن استمرار السلاح المتفلت أصبح مدخلاً للفتن والصراعات الأهلية والفتن المتنقلة عبر المناطق، وأن ما حصل في اشتباكات خلدة وما حصل في بلدة شويا يكشف الرفض الشعبي لمعادلة إبقاء سلاح (المقاومة)، وضرورة حصر قرار السلم والحرب بيد الدولة والمؤسسات الشرعية فقط". ودعا للسعي إلى حصر السلاح بيد الجيش في كل لبنان وليس في بيروت فحسب، مشيراً إلى "أنه في حال سُلّم سلاح الحزب للجيش فإن المؤسسة العسكرية ستكون قادرة على حصر استخدام السلاح الهجومي الذي ستمتلكه بالدفاع عن الأرض".
وقال "حزب الله يدرك جيداً أن سلاحه يشكل ورقة ضغط على حلفائه كما أعدائه، ويرى بـ7 مايو (أيار) يوماً ثبّت فيه سيطرته ليس على بيروت بل كل لبنان". موضحاً أنه في السابق كانت مصالح الحزب المالية مغطاة من إيران، ولكن العقوبات الأميركية على إيران وحلفائها، أرغمته على البحث عن مصادر تمويل أخرى، وأصبح يطالب بوزارات خدماتية وبتعيينات ووظائف، 

وأكد مخزومي أن سلاح "حزب الله" لم يعد محصوراً بـ"مقاومة" لبنانية ضد إسرائيل، بل بات يلعب دوراً على المستوى الإقليمي بأجندات لا علاقة للشعب اللبناني بها. معتبراً أن "كل اللبنانيين من دون استثناء دافعوا عن لبنان خلال عدوان 2006، وأيدوا ودعموا كل من تصدى عملياً للعدوان الإسرائيلي، لكن عندما تحول حزب الله إلى جيش إقليمي منغمس بلعبة المحاور من اليمن إلى ليبيا تراجع اللبنانيون عن هذا التأييد"، مشدداً على أن هذا السلاح بات يشكّل خطراً على السلم الأهلي وعلى علاقة لبنان بمحيطه العربي.
من ناحيتها رأت الناشطة السياسية، رولا تلج، أن هدف سلاح "حزب الله" الاستمرار باتخاذ الشعب اللبناني رهينة لمشاريع إيران التوسعية في المنطقة، مشيرة إلى أن "هذا السلاح استخدم لتدجين الأحزاب السياسية والضغط عليها"، معتبرة أن حلفاء الحزب في الطوائف الأخرى "يستقوون بهذا السلاح لمواجهة خصومهم"، وأن "الرئيس اللبناني ميشال عون وصل إلى الموقع الدستوري الأول في البلاد من خلال بندقية الحزب، مشيرة إلى أن عون يسعى لتوريث مقعده إلى صهره جبران باسيل من خلال سطوة السلاح".

وكشفت عن أن حاجز الخوف لدى اللبنانيين انكسر، ومطالبة الشعب اللبناني بإزالة سلاح الحزب وتطبيق القرارات الدولية على رأسها 1559 واستكمال تطبيق القرار 1701 باتت علنية، مشيرة إلى تظاهرة إحياء الذكرى الأولى لتفجير المرفأ، إذ ارتفعت شعارات المطالبة بنزع سلاح الحزب وتحرير لبنان من الهيمنة الإيرانية.
في المقابل يرى الكاتب السياسي المقرب من "حزب الله"، حسن لافي، أن إسرائيل تسعى منذ سنوات إلى سياسة "الإشغال الداخلي" لإضعاف الحزب عسكرياً بعد هزيمتها في العام 2006، مشيراً إلى أن الهدف من إثارة موضوع سلاح الحزب في هذا الوقت الدقيق يلاقي الأهداف الإسرائيلية.
وأضاف أن "استشعار إسرائيل الخطر الاستراتيجي من مشروع تطوير الحزب الصواريخ الدقيقة، التي تُعتبر في نظرها كاسرة للتفوق العسكري وضعها أمام خيارين، إما توجيه ضربة عسكرية تدرك صعوبة نتائجها، وإما التركيز على سياسة الإشغال الداخلي بصورة أكثر شراسة من خلال شيطنة سلاح الحزب واللعب على البُعد المذهبي".
ورأى أن طرح نزع سلاح الحزب يأتي في سياق التنسيق الأميركي الأوروبي الإسرائيلي، الذي بدأ بقانون قيصر، مروراً بتفجير مرفأ بيروت، وصولاً إلى وضع شروط على أي قرض أو مساعدات من صندوق النقد الدولي أو الدول المانحة للبنان، معتبراً أن جوهر تلك الاشتراطات نزع سلاح حزب الله وتفكيك قوته العسكرية.