الثلاثاء 3 كانون الأول 2024

دراسات وأبحاث

خلافات بين قادة “الشعب الجمهوري العدالة والتنمية يتجهز لإعلان كامل مرشحيه


النهار الاخباريه – وكالات 
عادت تركيا إلى أجواء الانتخابات مرة أخرى، بعد الانتخابات الرئاسية في مايو/أيار 2023، وسيتوجه الناخبون مجدداً إلى صناديق الاقتراع لاختيار رؤساء بلدياتهم في 31 مارس/آذار 2024، وسط حالة من الغليان تتصاعد داخل حزب الشعب الجمهوري؛ أكبر أحزاب المعارضة التركية، الذي فاز في آخر انتخابات بلدية في المحافظات الثلاث الكبرى، أنقرة وإزمير وإسطنبول، في حين يحاول حزب العدالة والتنمية استعادة الأخيرة بكل قوة.
في هذا الإطار، يستعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، للإعلان عن مرشحي حزبه للانتخابات المحلية في 17 بلدية كبرى، من بينها أنقرة وإزمير و45 بلدية صغرى، الخميس 18 يناير/كانون الثاني 2024.
من المتوقع، بحسب مصادر "عربي بوست" داخل أروقة الحزب الحاكم، أن يعلن أردوغان ترشيح رئيس بلدية كيتشي أوران في أنقرة، مرشحاً لحزب العدالة والتنمية الحاكم لرئاسة بلدية أنقرة الكبرى، إلى جانب ترشيح حمزة داغ، نائب رئيس الحزب لشؤون الإعلام لرئاسة بلدية إزمير؛ معقل حزب الشعب الجمهوري.

"أوزيل وإمام أوغلو"
كشف الكاتب الصحفي جيم كوتشوك، عن أن زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل، منزعج من تحركات أكرم إمام أوغلو، الذي اختاره الحزب ليكون مرشحاً عنه في الانتخابات البلدية القادمة.
في حديثه في برنامج "Gündem Özel"، الذي يُبث على قناة "TGRT News"، شارك الكاتب الصحفي أحدث المعلومات التي حصل عليها من وراء الكواليس.
أوضح أن زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل بدأ باتخاذ إجراءات ضد رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، والتواصل مع فريق كمال كليجدار أوغلو داخل الحزب، للتحرك المضاد في مواجهته.
استخدم الكاتب الصحفي جيم كوتشوك، العبارات التالية: "لديّ معلومات من وراء الكواليس، أن أوزغور أوزيل غير مرتاح مع إمام أوغلو"، مضيفاً أنه "على اتصال بفريق كمال بيك (يقصد الزعيم السابق لحزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو)، وسيتم فتح مكتب لإنجين أوزكوتش، أحد أهم المقربين لزعيم الحزب السابق في مقر الحزب في أنقرة، لمقاومة تحركات إمام أوغلو".
معلقاً على ذلك، قال كوتشوك: "إن ممارسة السياسة ضد إمام أوغلو مستمرة، خاصة في ظل مطالب وإملاءات رئيس بلدية إسطنبول الكبرى التي لا تنتهي أبداً، وفي ظل انزعاج غالبية النواب الحاليين منه، وكذلك انزعاج أوزيل من هذا الوضع".
يافاش وأنصار إمام أوغلو
في السياق ذاته، زعم عضو حزب الشعب الجمهوري تولغاهان أردوغان، أن فريق إمام أوغلو كان يعمل ضد رئيس بلدية أنقرة الكبرى منصور يافاش.
أضاف أن "أولئك الذين خلقوا تصوراً على وسائل التواصل الاجتماعي بأن يافاش لم يفعل شيئاً في أنقرة، وسخروا منه من خلال وصفه بأنه رجل الحساء، هم المتصيدون التابعون لإمام أوغلو".
في تصريحات تلفزيونية، تابع بأن إمام أوغلو يحظى بمكانة عالية في الحزب، فهو من يحدد مرشحي رؤساء البلديات للحزب في تركيا؛ مشيراً إلى أنه رغم مرور 3 أسابيع على ترشيح إمام أوغلو لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى في الانتخابات المقبلة، إلا أنه لم يتحرك في المدينة، ولا يزال يُجري مقابلات المرشحين للبلديات عن حزب الشعب الجمهوري في العاصمة أنقرة".
أضاف تولغاهان أردوغان، أن مراد كروم مرشح حزب العدالة والتنمية لرئاسة إسطنبول موجود في المدينة لمدة 16 ساعة يومياً، ويزور العديد من المناطق، ويلتقي المواطنين في المساجد والمصانع، مؤكداً بذلك أن "المعارضة اليوم تفعل كل ما في وسعها من أجل الخسارة".
هاجم عضو حزب الشعب الجمهوري، إمام أوغلو، قائلاً إنه "يعمل بجد حتى يخسر منصور يافاش الانتخابات المقبلة؛ خاصة بعد طلب الأخير ترشيح مساعده مسعود أوزارسلان لرئاسة بلدية إيتيمسغوت؛ لكن إمام أوغلو أصرّ على ترشيح الممثل التركي الشهير إردال بشيكجي أوغلو لرئاسة البلدية".
"يافاش قد ينسحب من الترشح"
من جانبه، كشف الصحفي المقرّب من حزب الشعب الجمهوري باريش ياركاداش، أن هناك "تمزقاً كبيراً" في صفوف الحزب، مضيفاً: "إن لم يستمعوا إلى يافش، فسيكون هناك تمزق أكبر".
عبر حسابه على منصة "إكس"، تابع بأن "رئيس بلدية أنقرة الكبرى، أخبر دائرته المقربة أنه سينسحب من الترشح، في ظل عمل مجموعة إمام أوغلو ضده للترويج بأنه لم يفعل شيئاً في أنقرة، ووصفوه برجل الحساء على مواقع التواصل الاجتماعي".
وأطلق ناشطون من الشعب الجمهوري لقب "رجل الحساء" على منصور يافاش، الذي وزّع الحساء على مندوبيه أمام المقر الرئيسي للحزب في الانتخابات السابقة، ويتهمونه بأنه "كان ماهراً فقط في توزيع الحساء، وأنه لم يحقق أي نجاح آخر في أنقرة يدعم صورة حزبه".
"إسكي شهير ستضيع"
في جبهة تصعيد آخر داخل حزب الشعب الجمهوري في تركيا، تفيد معلومات بأن عمدة بلدية إسكي شهير، يلماز بويوكرشين، الذي لم يتم إعادة ترشيحه عن حزب الشعب الجمهوري، هدّد رئيس الحزب أوزغور أوزيل بالترشح عن أي حزب آخر.
إذ قال الصحفي إمره أوزجان، المختص في شؤون حزب الشعب الجمهوري، إن الكلام من خلف الكواليس، يفيد بأن بويوكرشين أصر على الترشح خلال لقائه مع أوزيل، وقال له: إذا لم ترشحوني، فسأكون مرشحاً عن حزب اليسار الديمقراطي".
أضاف أوزجان في حديثه مع "عربي بوست"، أن أوزيل طالب بالتوصل إلى طريق وسط، عبر ترشيح من يختاره بويوكرشين لرئاسة البلدية، على أن يستريح هو هذه الفترة؛ فطالب رئيس بلدية إسكي شهير الحالي بترشيح الأمين العام للبلدية عائشة أونلوجى، إذا لم يتم إعادة ترشيحه هو.
العدالة والتنمية يطمح لإسكي شهير
من جهة أخرى، شمّر حزب العدالة والتنمية في تركيا عن ساعديه للفوز ببلدية إسكي شهير، التي كانت تحت حكم حزب الشعب الجمهوري لسنوات عديدة.
يشار إلى أن النائب البرلماني في تركيا عن إسكي شهير، نبي هاتيبوغلو، الذي انتقل من حزب الجيد إلى العدالة والتنمية، وتم ترشيحه في إسكي شهير، لديه احتمالية كبيرة للفوز بالانتخابات، بحسب استطلاعات محلية للرأي، وأن عدم ترشيح بويوكرشن يضع حزب العدالة والتنمية في موقع جيد.
يُذكر أن الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي يولي أهمية خاصة لإسكي شهير، قد يعلن شخصياً عن مرشحي مقاطعة هذه المحافظة، لإظهار ذلك، بحسب مصادر من الحزب.
"فضيحة المقر"
الوضع في حزب الشعب الجمهوري ازداد سوءاً عن ما هو عليه، بعد الفضيحة التي انفجرت داخل أروقة الحزب الأسبوع الماضي، وعلّت أصوات الخلاف بين أعضاء مجلس الحزب الذي كان من المقرر له تحديد بعض المرشحين للتنافس في الانتخابات المحلية.
بدأت هذه الأزمة حين أراد نائب حزب الشعب الجمهوري في مرسين أوفوك شاكر إعادة ترشيح نشأت ترهان في ولاية مرشين جنوبي تركيا، لكنَّ قرار مجلس الحزب كان مخالفاً لرغبته، فخرج غاضباً من الاجتماع وهو يصرخ في وجه نائب رئيس مجموعة حزب الشعب الجمهوري علي ماهر باشيرر.
من جانبه، حاول المتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري دنيز يوجيل، نفي الشجار الذي اندلع في اجتماع حزب الشعب الجمهوري في لقاء مع الصحفي التركي فاتح بورتاكال، بقوله: "لم يكن هناك جدال أو قتال أو ضجيج".
هاجم فاتح بورتاكال -أحد أشرس المؤيدين لحزب الشعب الجمهوري-  يوجيل، الذي حاول التستر على ما حدث، من خلال تجاهل مقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي.
ووجّه كلامه للمتحدث باسم حزب الشعب الجمهوري: "هل يمكن قول الكذب بهذه السهولة؟ أنت تكذب على أعيننا، لقد رفعتم شعار التغيير والتغيير، هل كان هذا هو ما تقصدونه بالتغيير؟".
مشكلات في إزمير
في سياق الأزمات داخل الشعب الجمهوري، استقال رئيس بلدية طرسوس (في مرسين) هالوك بوزدوغان، الذي لم يتم ترشيحه لانتخابات البلدية من الحزب المعارض مرة أخرى.
في إعلان استقالته على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي، قال بوزروغان: "نتيجة للاستطلاعات التي أُجريت، واجتماعاتي الفردية مع رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل، والنواب الذين تم إرسالهم إلى منطقتنا ومقابلتهم؛ قيل لي إنه لا توجد مشكلة في ترشيحي مجدداً لمنصب رئيس بلدية طرسوس، الذي فزنا به بعدد قياسي من الأصوات بعد 25 عاماً من غياب الحزب عن هذه البلدية".
تابع بأن "هناك عضواً برلمانياً عن حزبنا يعيش في إسطنبول، ولا تربطه أي صلة عضوية بطرسوس سوى تسجيله في كشوف الناخبين فيها، يريد ترشيح أحد أقارب زوجته في منصب رئيس البلدية"، في إشارة إلى إمام أوغلو.
تابع بوزدوغان بأنه سيواصل عمله في طرسوس، وسيخوض الانتخابات مستقلاً في مواجهة حزب الشعب الجمهوري.
أعلن بوزدوغان استقالته من أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، قائلاً إن "إرث أتاتورك حوّله هؤلاء إلى ألعوبة"، لذلك فإنه يقدم استقالته، وهو "مستريح الضمير"، وفق تعبيره.
 صفقة مع ممثل الأكراد
من جانبه، قال رئيس شركة "أوبتيمار" لاستطلاعات الرأي والأبحاث، حلمي داشديمير، إن الخلاف الحاصل داخل أروقة حزب الشعب الجمهوري حول رفض ترشيح بعض رؤساء البلديات الحالية للانتخابات القادمة، يأتي جراء الصفقة التي عقدها رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل مع حزب الديمقراطية والمساواة الكردي.
كشف داشديمير في حديثه إلى "عربي بوست"، أن أوزيل طالب ممثل الأكراد بدعم إمام أوغلو ويافاش في إسطنبول وأنقرة، مقابل دعم مرشحي الحزب الكردي في الانتخابات المحلية القادمة بمناطق غرب تركيا.
قال حلمي داشديمير، إن "حزب الشعب الجمهوري لن يرشح مرشحين في مرسين توروسلار وأكدنيز، وسيدعم حزب الشعب الجمهوري مرشحي حزب الديمقراطية والمساواة الكردي في تلك المناطق".
رجح كذلك أن حزب الشعب الجمهوري قد يدعم الحزب الكردي للوصول إلى رئاسة البلديات الصغرى في إسطنبول للمرة الأولى في تاريخ الانتخابات المحلية في تركيا بالنسبة للحزب الكردي، مثل بلديات إسنيورت وسنجاق تبه وكوتشوك تشكمجه وعثمان غازي؛ مقابل دعم أنصاره لإمام أوغلو في رئاسة بلدية إسطنبول الكبرى.
أضاف داشديمير أن حزب الشعب الجمهوري يعتمد بكل الطرق على الناخبين الأكراد، في محاولة لضمان سيطرته على أنقرة وإسطنبول، وأن حزب الديمقراطية والمساواة الكردي يعلم ذلك جيداً، لذلك يواصل الضغط على حزب الشعب الجمهوري من أجل الفوز بمناطق لم يصلها من قبل. 
يرى كذلك رئيس شركة أوبتيمار لدراسات الرأي، أنه يشكل خطراً على مستقبل حزب الشعب الجمهوري في تركيا، في حال القبول بمطالب الحزب الكردي.
يشار إلى أن كلاً من "العدالة والتنمية" و"الشعب الجمهوري" أعلنا مرشحيهما في إسطنبول، وهما: مراد كوروم عن الأول، وأكرم إمام أوغلو عن الثاني، ويعتزمان إنهاء القوائم الكاملة للمرشحين في الانتخابات المحلية المقبلة في مارس/آذار 2024.