تقرير – أحمد عثمان، برلين – النهار الإخبارية
تشهد إسرائيل واحدة من أعقد الحروب متعددة الجبهات في تاريخها، حيث تتوزع العمليات العسكرية بين غزة ولبنان وإيران واليمن. حرب مفتوحة على أكثر من صعيد، دفعت مراقبين إلى التساؤل: هل تخوض إسرائيل هذه المواجهة لأسباب استراتيجية ووجودية، أم أن خلفياتها تتصل بمستقبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو السياسي والشخصي؟
دعم دولي واسع ومكاسب داخلية
رغم الانتقادات الدولية السابقة لأداء حكومة نتنياهو، إلا أن العمليات العسكرية الأخيرة، ولا سيما ضد إيران، جلبت له إشادة داخلية ودعمًا من بعض الدول الغربية. ورأى محللون أن إسرائيل "هاجمت في التوقيت المناسب"، فيما اعتبر مؤيدو نتنياهو أن العملية لا تخدم إسرائيل فحسب، بل "العالم بأسره"، على حد تعبيرهم.
استطلاع رأي: 82% من الإسرائيليين أيدوا الهجوم على إيران
بحسب استطلاع سريع أجراه مركز "فيتربي فاميلي" لأبحاث الرأي العام والسياسات في معهد الديمقراطية الإسرائيلي (IDI)، فإن نحو 82% من اليهود الإسرائيليين أيدوا الهجوم على إيران، ورأوا أن توقيته كان مناسبًا.
هذا التحول الشعبي منح نتنياهو دفعة قوية بعد تراجع حاد في شعبيته خلال الأسابيع الماضية، خاصة على خلفية الانتقادات لرفضه صفقة تبادل أسرى مع حماس، والإخفاقات الأمنية التي سبقت هجمات 7 أكتوبر 2023.
شعبية مرتفعة لكن وضع سياسي هش
ورغم ارتفاع شعبية حزب الليكود مؤخرًا، إلا أن استطلاعات الرأي تشير إلى أن كتلة نتنياهو اليمينية لا تزال عاجزة عن تحقيق أغلبية 61 مقعدًا اللازمة لتشكيل حكومة مستقرة. ويعتمد الليكود بشكل أساسي على دعم حزب "القوة اليهودية" بقيادة إيتمار بن غفير، ما يضيق هامش المناورة أمام نتنياهو سياسيًا.
ويؤكد مراقبون أن نتنياهو لم ينجح في استقطاب أصوات من الوسط، مما يبقي معارضيه على مواقفهم رغم ما يوصف بـ"النجاح العسكري الكبير".
خسائر متبادلة وغموض حول النتائج
أسفرت الضربات المتبادلة بين إسرائيل وإيران عن مقتل 28 شخصًا في إسرائيل وإصابة أكثر من ألف آخرين، بحسب مديرية الدبلوماسية العامة الإسرائيلية. وفي المقابل، أعلنت السلطات الإيرانية مقتل 606 أشخاص وإصابة أكثر من 5300، وسط تقديرات بأن الأعداد الفعلية قد تكون أعلى من ذلك بكثير.
ورغم إعلان نتنياهو أن "إسرائيل حققت انتصارًا تاريخيًا سيبقى لأجيال"، إلا أن هناك تساؤلات واسعة داخل الأوساط الأمنية والسياسية حول مدى نجاح الضربة في تعطيل البرنامج النووي الإيراني أو البرنامج الصاروخي الباليستي لطهران.
هروب من المحاكمة؟
يرى محللون أن توقيت التصعيد الإقليمي، وقرار نتنياهو بالمضي قدمًا في الهجوم على إيران، يرتبطان أيضًا بالضغوط القضائية التي يواجهها رئيس الوزراء، في قضايا فساد قد تقوده إلى السجن في حال فقدانه للحصانة السياسية.
ومع تصاعد هذه الشبهات، يبرز سؤال في المشهد الإسرائيلي:
هل يخوض نتنياهو الحرب من أجل إسرائيل، أم من أجل مستقبله الشخصي؟