الخميس 12 حزيران 2025

تقارير وتحقيقات

غزة، مراكز توزيع المساعدات تتحول إلى مصائد موت: أكثر من 125 ضحية خلال أسبوعين


روما – النهار الاخباريه  مادلينا تشيلانو

تبلغ الأزمة الإنسانية في غزة مستويات مأساوية غير مسبوقة، حيث تحولت مراكز توزيع المساعدات الغذائية إلى أماكن موت بدلًا من أن تكون ملاذًا للنجاة. في الأيام الأخيرة، قُتل عشرات الفلسطينيين وأصيب المئات أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء والدواء في منشآت تديرها مؤسسة غزة الإنسانية (GHF)، وهي منظمة مدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل.

مجزرة معلنة مسبقًا

منذ بدء عمليات المؤسسة في 27 مايو، قُتل ما لا يقل عن 125 فلسطينيًا وأصيب 736 آخرين في سلسلة من حوادث إطلاق النار قرب مراكز التوزيع في رفح وخان يونس. وقد وصفت شهادات منظمات دولية المشاهد بأنها مليئة بالفوضى والذعر:

27 مايو: 10 قتلى و62 جريحًا في مواجهة أولى، وقد أنكرت قوات الاحتلال الإسرائيلي (الجيش الإسرائيلي - IDF) في البداية إطلاق النار، لكنها عادت واعترفت بأنها أطلقت "طلقات تحذيرية".

1 يونيو: 32 ضحية وأكثر من 250 جريحًا في حادث جديد، وقد اتهم الجيش الإسرائيلي حماس بـ"نشر أخبار كاذبة"، بينما تحدث الناجون عن إطلاق نار من طائرات مسيرة ومروحيات وجنود إسرائيليين.

8 يونيو: مقتل ما لا يقل عن 13 شخصًا وإصابة 173 في هجوم صباحي أثناء محاولة الحشود الوصول إلى نقاط التوزيع.


بدأ الناجون يصفون هذه المراكز بـ**"مصائد الموت"**، مؤكدين أن القوات الإسرائيلية تطلق النار عشوائيًا على المدنيين العزل.

الدور المثير للجدل لمؤسسة غزة الإنسانية (GHF)

تُعد مؤسسة GHF، التي أُنشئت كبديل عن وكالات الأمم المتحدة، محورًا لانتقادات شديدة:

الرقابة الإسرائيلية: تعمل المؤسسة تحت إشراف عسكري إسرائيلي، مع نقاط تفتيش تقيد الوصول إلى المساعدات فقط لمن يجتازون فحوصات أمنية مشددة.

انتقادات دولية: رفضت الأمم المتحدة والصليب الأحمر التعاون مع المؤسسة، متهمين إياها بانتهاك المبادئ الإنسانية وتحويل توزيع الغذاء إلى عملية عسكرية.

حصار المساعدات: قبل بدء عمليات GHF، كانت غزة تحت حصار كامل لمدة 11 أسبوعًا، حيث لم يُسمح سوى بدخول 9 شاحنات مساعدات يوميًا، مقارنة بـ600 شاحنة قبل الحرب.


هل تُستخدم المجاعة كسلاح حرب؟

تُحذر المنظمات الإنسانية من أزمة غذائية غير مسبوقة:

90% من السكان (حوالي 2.1 مليون شخص) نازحون ويعتمدون كليًا على المساعدات.

أكثر من 13,600 طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد.
تُتهم إسرائيل بأنها تعرقل إيصال المساعدات بشكل متعمد، بينما تدّعي حكومة نتنياهو أن حماس تستولي على تلك المساعدات.

وقد أدانت الاتحاد الأوروبي نظام GHF، واصفًا إياه بأنه "خصخصة للمساعدات الإنسانية"، فيما دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى إجراء تحقيق مستقل في عمليات القتل.

ردود الفعل (والانقسامات) الدولية

الولايات المتحدة: دافع السفير مايك هوكابي عن إسرائيل، متهمًا الإعلام بنشر "أكاذيب حماس".

الاتحاد الأوروبي: انتقدت المفوضة كايجا كالاس آلية GHF، مطالبة بإعادة فتح جميع المعابر الحدودية.

المملكة المتحدة: وصف رئيس الوزراء كير ستارمر الهجمات بأنها "لا تُطاق"، بينما خرجت مظاهرات في لندن تطالب بفرض عقوبات على إسرائيل.


الخاتمة: مأساة بلا نهاية

فيما تستمر الحرب وتفشل محادثات وقف إطلاق النار، تزداد معاناة سكان غزة. قال طبيب من مستشفى ناصر: "لا نموت فقط بسبب القنابل، بل بسبب الجوع". ومع إعلان الجيش الإسرائيلي اعتبار الطرق المؤدية إلى مراكز المساعدات "مناطق قتال"، يبقى خطر وقوع مجازر جديدة مرتفعًا للغاية.

نداء رابطة الفلسطينيين في إيطاليا (API):

وقف العدوان الإسرائيلي فورًا.

ضمان إدخال المساعدات المحاصرة عند معبر رفح.

تأمين حماية المدنيين ومراكز توزيع المساعدات.


صمت المجتمع الدولي، بعد 20 شهرًا من الحرب، قد يتحول إلى تواطؤ فعليا مع الجرائم المرتكبة .