وكالة النهار الاخبارية /خاص
تحرير أكرم جابر – الخليل
مع إعلان وقف إطلاق النار في غزة، خيّم الهدوء على سماءٍ أنهكها القصف، وأحياءٍ فقدت أمنها وأحبّتها ورغم أهمية هذا الصمت من الناحية الإنسانية، إلا أنه لا يمثل نهاية الصراع، بل بداية لمرحلة سياسية جديدة أكثر تعقيدًا.
شهدت الحرب الأخيرة على غزة تصعيدًا غير مسبوق، من حيث حجم الدمار وعدد الضحايا واتساع رقعة المواجهة وجاء وقف إطلاق النار بعد ضغوط إنسانية وشعبية، وتدخّل عربي ودولي مكثّف، أسفر عن هدنة بوساطة متعددة الأطراف هذه الهدنة، وإن كانت ضرورية، إلا أنها لا تُنهي جذور الأزمة، بل تُعيد ترتيب المشهد السياسي بأبعاد جديدة.
إسرائيل تسعى لتقديم الهدنة كـ"انتصار تكتيكي"، محاولةً ترميم صورتها أمام المجتمع الدولي، في ظل انتقادات داخلية لفشلها في تحقيق أهدافها المعلنة. وفي الوقت ذاته، تعمل على فرض ترتيبات أمنية صارمة في غزة لضمان مصالحها الاستراتيجية.
في المقابل، تتحرك الأطراف الفلسطينية لإعادة التموضع السياسي، وسط نقاش داخلي حول مآلات ما بعد الحرب، وأولويات الإعمار، والمصالحة الوطنية. المرحلة المقبلة تحمل ملامح غامضة، لكنها ستُحدّد مستقبل غزة والمنطقة، في ظل اشتباك التوازنات بين الداخل الفلسطيني، والمواقف العربية، والحسابات الدولية التي بدأت تظهر بوضوح ما بعد الصمت.
مع إعلان وقف إطلاق النار في غزة، خمد صوت الطائرات والمدافع، لكن الصراع لم ينتهِ؛ بل انتقل إلى ساحةٍ سياسية معقّدة، تتداخل فيها مصالح محلية وإقليمية ودولية، في محاولة لفرض توازنات جديدة على أنقاض حربٍ أنهكت الجميع.
الداخل الفلسطيني
ترى فصائل المقاومة أن صمودها الميداني شكّل رصيدًا سياسيًا تسعى لتوظيفه في ملفات الإعمار، وتبادل الأسرى، وترتيب الأوضاع في القطاع. لكنها تُبقي أعينها مفتوحة على محاولات بعض الأطراف لفصل المسار الإنساني عن السياسي، ما قد يُضعف الموقف الفلسطيني الموحد ويُعيد الانقسام إلى الواجهة.
الوسطاء الإقليميون
من القاهرة إلى الدوحة، تتسارع التحركات لتثبيت الهدنة وضمان تدفّق المساعدات، لكن في الكواليس، هناك تنافس واضح على النفوذ وإعادة التموضع في ملف غزة، حيث يحاول كل طرف لعب دور محوري في مرحلة إعادة الإعمار.
الدور الدولي
تحاول الولايات المتحدة الحفاظ على استقرار هش في المنطقة دون الإضرار بمصالح إسرائيل، بينما يركّز الاتحاد الأوروبي على الجوانب الإنسانية. روسيا والصين، بدورهما، تسعيان لاستغلال اللحظة وطرح نفسيهما كبديل للوساطة الغربية، في ظل إعادة تشكيل التوازنات الدولية.
تثبيت وقف إطلاق النار يبقى هشًا في ظل غياب الثقة، وملف إعادة الإعمار مهدد بالتسييس. كما أن استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية تُعدّ التحدي الأكبر في وجه أي مسار تفاوضي، في وقت يخشى فيه الجميع من تكرار التصعيد مع كل أزمه
خاتمة
ما يجري في غزة اليوم ليس نهاية حرب، بل بداية مرحلة غامضة الملامح. الميدان هدأ، لكن الملفات مفتوحة، والرهان الحقيقي سيكون على قدرة الفلسطينيين على توحيد صفوفهم، وعلى إرادة المجتمع الدولي في تحويل التهدئة إلى سلام عادل.
ويبقى السؤال الأهم:
هل نكتب أن هذه كانت آخر الحروب على غزة؟ أم أنها مجرّد هدنة قبل جولة جديدة؟