الإثنين 22 كانون الأول 2025

تقارير وتحقيقات

حين تتحوّل المعيشة إلى إختبار صمود "الضفة الغربية "في زمن الإستنزاف

تحرير اكرم جابر –  النهارالاخباريه الضفه الغربيه 
تشهد الضفة الغربية أزمة اقتصادية ومعيشية غير مسبوقة، لم تعد تُقاس بالمؤشرات والأرقام الرسمية فحسب، بل باتت تُلمس بوضوح في تفاصيل الحياة اليومية للمواطنين.
 التدهور الاقتصادي يتقاطع بشكل مباشر مع التصعيد الأمني، ليُنتج واقعًا مركبًا يستنزف الإنسان نفسيًا ومعيشيًا، ويضع المجتمع بأسره أمام حالة دائمة من عدم اليقين.

أولًا: ركود اقتصادي يضغط على الحياة اليومية
يعاني الاقتصاد في الضفة الغربية من حالة ركود عميقة، انعكست في تراجع القدرة الشرائية، وارتفاع معدلات البطالة، واتساع رقعة الفقر. 
الأسواق المحلية تشهد انخفاضًا ملحوظًا في حركة البيع والشراء، فيما تجد آلاف الأسر صعوبة متزايدة في تأمين احتياجاتها الأساسية، في ظل تقلص الدخل وارتفاع تكاليف المعيشة.
هذا الركود لا يرتبط بعوامل داخلية فقط، بل يتغذّى على واقع سياسي واقتصادي مضطرب، زاد من هشاشة الاقتصاد المحلي وحدّ من قدرته على الصمود أو التعافي.
ثانيًا: الأزمة المالية وإنعكاساتها الإجتماعية
تفاقمت الأزمة المالية نتيجة إقتطاع أموال المقاصة، وتراجع الدعم الخارجي، وتقليص الموارد المتاحة للسلطة الفلسطينية، ما أدى إلى تأخر صرف الرواتب أو تقليصها. 
هذا الواقع دفع شريحة واسعة من الموظفين إلى دائرة العجز المالي، وأثر مباشرة على الاستقرار الاجتماعي وزاد من حدة الأزمة قرار وقف رواتب الأسرى والشهداء، حيث وجدت آلاف العائلات نفسها فجأة بلا مصدر دخل، في ظل غياب بدائل حقيقية أو شبكات أمان اجتماعي كافية هذا الإجراء لم يكن اقتصاديًا فقط، بل حمل أبعادًا نفسية ومعنوية عميقة، عززت شعور الخذلان وفقدان الأمان لدى فئات واسعة من المجتمع.



توقف عمال الداخل وضربة للاقتصاد المحلي
منذ أكثر من عامين، أدى توقف عمل عمال الداخل الفلسطيني، بفعل الحرب والإجراءات الأمنية، إلى إحداث صدمة كبيرة في الاقتصاد المحلي. هؤلاء العمال كانوا يشكّلون ركيزة أساسية لضخ السيولة في الأسواق، ودعم قطاعات حيوية مثل التجارة والخدمات والبناء.
ومع انقطاع دخولهم، تراجعت الحركة الاقتصادية بشكل ملحوظ، وأُصيبت قطاعات واسعة بالشلل الجزئي، ما عمّق حالة الركود وأثر بشكل مباشر على مستوى المعيشة والحياة اليومية في المدن والقرى والمخيمات.

الأثر النفسي والاجتماعي للأزمة
لم تقتصر تداعيات الأزمة على الجانب الاقتصادي فحسب، بل امتدت لتطال الحالة النفسية للمواطنين. فالضغط المالي المستمر، إلى جانب الاقتحامات اليومية، والإغلاقات، وانعدام الاستقرار الأمني، أسهم في ارتفاع مستويات القلق والإجهاد النفسي وفقدان الشعور بالأمان.
هذا الواقع النفسي انعكس بدوره على الإنتاجية الفردية والجماعية، وعلى قدرة الناس على التخطيط للمستقبل، ما أدخل الاقتصاد في حلقة مفرغة من الركود والاستنزاف النفسي والاجتماعي.
الختام 
تكشف المعطيات الميدانية أن الضفة الغربية تعيش أزمة مركبة تمس الإنسان قبل الاقتصاد فلا يمكن فصل التدهور الاقتصادي عن الواقع الأمني والسياسي، ولا يمكن الحديث عن تعافٍ اقتصادي حقيقي في ظل غياب الاستقرار والأمان. إن استمرار هذا الواقع يهدد ليس فقط مستوى المعيشة، بل النسيج الاجتماعي برمته، ويضع المجتمع أمام تحديات متراكمة يصعب احتواؤها دون حلول شاملة تضع الإنسان في صلب الأولويات.