الأربعاء 5 تشرين الثاني 2025

تقارير وتحقيقات

جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية... منبر الصمود في قلب القدس"


خاص :وكالة النهار الاخبارية /فاطمة ابو رميلة 
 
في قلب مدينة القدس، حيث تختلط أصوات الأذان بوقع التاريخ، تقف جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية شاهدًا على أكثر من قرن من العطاء والصمود. ليست مجرد مؤسسة خيرية أو مستشفى، بل صرح وطني ومنبر نضالي حمل رسالة التعليم والصحة والإغاثة في أحلك ظروف الاحتلال والحرمان.
منذ تأسيسها في العام 1954، شكلت المقاصد نموذجًا فريدًا للعمل الأهلي الفلسطيني، إذ جمعت بين العمل الإنساني والخدمة الوطنية، وظلت وفية لرسالتها رغم التحديات السياسية والاقتصادية المتلاحقة.
جذور راسخة في الأرض المقدسة
يعود تأسيس جمعية المقاصد إلى مجموعة من العلماء والمصلحين المقدسيين الذين أدركوا مبكرًا أن الحفاظ على هوية القدس لا يكون إلا عبر بناء الإنسان.
فبدأت الجمعية نشاطها من خلال مدارسها التي خرّجت أجيالًا من الطلبة المقدسيين، ثم توسعت لتؤسس مستشفى المقاصد الذي أصبح اليوم الملاذ الطبي الأكبر في القدس الشرقية يخدم آلاف المرضى من مختلف أنحاء فلسطين، خاصة أولئك المحرومين من خدمات صحية عادلة.
صمود في وجه الاحتلال
لم تكن مسيرة المقاصد سهلة، فقد واجهت الجمعية على مر العقود تحديات سياسية واقتصادية جسيمة.
أغلقت الطرق، وقيّد الاحتلال حركة المرضى، وقطع التمويل مرات عديدة، ومع ذلك استمرت المقاصد تفتح أبوابها كل صباح.
يقول أحد العاملين القدامى في المستشفى:
"المقاصد لم تتوقف يومًا عن العمل، حتى في أصعب الظروف. كنا نعمل ونحن نسمع أصوات القنابل في الخارج، لأننا نؤمن أن واجبنا إنساني ووطني قبل كل شيء.”
هذه الشهادة تلخص جوهر المقاصد: العمل من أجل الإنسان الفلسطيني دون انتظار مقابل، في وقت أصبحت فيه الخدمات الأساسية أداة ضغط سياسية.

القدس والمقاصد... علاقة مصير
يصف أحد أعضاء الهيئة الإدارية العلاقة بين القدس والمقاصد بقوله:
"كما لا يمكن أن تُذكر القدس دون الحديث عن الأقصى، لا يمكن أن تُذكر دون المقاصد. إنها روح المدينة وذاكرتها الحية.”
فالمقاصد ليست فقط مؤسسة خدمية، بل رمز من رموز الوجود العربي والإسلامي في المدينة، وساحة نضال يومي للحفاظ على هوية القدس في وجه محاولات التهويد والعزل.

خاتمة
بعد أكثر من سبعين عامًا من العمل، ما زالت جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية صوتًا مقدسيًا نقيًا يعبّر عن قيم العطاء والمقاومة، ويجسد فكرة أن الخدمة الاجتماعية هي شكل من أشكال النضال الوطني.
ورغم قلة الموارد وتحديات الاحتلال، تظل المقاصد ترفع شعارها الإنساني الخالد:
"من القدس... من أجل الإنسان."