الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

تقارير وتحقيقات

جمعيات المجتمع المدني والدور الملتبس

جمعيات المجتمع المدني والدور الملتبس

بقلم  : عصام_الحلبي
تعتبر، جمعيات المجتمع المدني من الركائز الاساسية للمجتمعات لتنميتها والنهوض بها ، وترسيخ دورها النهضوي والانساني قوامه التنمية المستدامة المبنية على الكرامة الانسانية والعدالة.
عرفت المخيمات الفلسطينية عمل الجمعيات والمؤسسات المدنية منذ اكثر من 40 عاما، وتركز دورها في بعض القضايا الاغاثية المحدودة الى جانب برامج اخرى بسيطة . 
الا ان دورها  برز بشكل كبير ومتسارع منذ 25 عاما ، وتنوعت بين  مؤسسات وجمعيات محليةاهلية ممولة من مؤسسات دولية، وكذلك مؤسسات دولية عملت دون وسيط مع أبناء المخيمات .

 تزدحم اللافتات بعنوانين واسماء متعددة للمؤسسات والجمعيات ، بعضها يعلن عن براج تنموية شاملة للمجتمع ، واخرى تروج لتعليم قيم التسامح والسلام، والسلام العالمي ، وفض النزاعات، وقبول الاخر ، وعن اي اخر يتحدثون؟ الاخر المجهول لابناء المخيمات!! ، وهم المنهكون تحت ضغط صعوبة وقساوة الحياة ، الباحثون عن لقمة عيش، او صرف "رشيتة دواء" كتبت على ورقة عادية مذيلة بتوقيع طبيب "الاونروا" ،الذي يداوي كل الامراض ، وتكاد ان تكون وصفته الطبية من نوع واحد ان قرر صرفها من صيدلية العيادة .
مقار للجمعيات بعضها يتسم بكبر المساحة والحداثة ، وبعضها الاخر لاتتعدى مساحته الـ 60 مترا مربعا ، ويعود ذلك لحسب الممول والداعم  والبرنامج والهدف المتوخى والمطلوب تنفيذه . 
وفي هذا الصدد، يلفت امين سر اللجان الشعبية الفلسطينية في منطقة صيدا الدكتور عبد الرحمن ابو صلاح  الى وجود اكثر من 40 جمعية ومؤسسة اهلية ومدنية في مخيمات منطقة صيدا ، بعضها فاعلا ويقدم الخدمات لابناء المخيمات والتجمعات الفلسطينية  ، والاخرى  تكاد تكون اسما ودون اية فاعلية تذكر. 
تتعدد احتياجات اللاجئين  الفلسطينين وتكاد تشمل كل شيء، وتعمل اللجان الشعبية  التابعة لـ"منظمة التحرير الفلسطينية"جاهدة و عبر التعاون مع مؤسسات وجمعيات المجتمع المدني  على تأمين ما أمكن من الخدمات، وحول ذلك قال الدكتورابو صلاح : من التقديمات التي قام بها بعض المؤسسات تاهيل شبكة الكهرباء في مخيم عين الحلوة ، وتنطيم دورات في "الاسعافات الاولية " لعدد من قواطع واحياء المخيم، وترميم جزئي لبعض المنازل  و تقديمات قليلة  اخرى. 

في ظل تزايد التقليصات الحادة من قبل وكالة "الاونروا" ،يضطر اللاجئون الفلسطينيون للبحث عن جهات  مؤسسية تساعدهم في تغطية تكاليف علاجهم ،وتخفف عنهم أعباء الحياة اليومية القاسية والصعبة ، وعن ذلك قال اللاجئ الفلسطيني  مصطفى ابو محمد :"  عملت وكالة "الأونروا" على تقليص خدماتها بشكل كبير ، مما اضطرنا للبحث عن بصيص أمل في المساعدة  وتقديم يد العون ، ولكن وللاسف لم نجد ذلك عند الجمعيات، وان وجد فهو لايذكر ، متذرعة بان مشاريعها لا تشمل المساعدات العينية او المادية ، فتمويلها محدد ووفق مشاريع وبرامج غالبيتها " ترفيهية ، او تحت مسميات، حل النراعات، والسلام ، والجندر ،وقبول الاخروغيرها...
واشار ابو محمد الى الاحتياجات الاساسية لابناء المخيمات وحددها بنوعين اغاثي عيني، والثاني دورات وبرامج تأهيل مهنية لشبابنا وشاباتنا ، و تامين ادوات العمل الاولية" عدة شغل بسيطة" للبدء بالخطوات الاولية للعمل ، يترافق مع برامج تاهيل وتمكين للمرأة لتصبح منتجة وتعيل اسرتها وخاصة اللواتي فقدن معيلهن. 
 يأمل اللاجئون الفلسطينيون ان يكون للمؤسسات والجمعيات المدنية المحلية منها والدولية دورا فاعلا ، وان تتسم تقديماتها بالجودة كماً ونوعاُ وتلبي احتياجاتهم ، في ظل تخلي" الاونروا" عن معظم خدماتها متذرعة بالعجز المالي ، حيث باتت الملفات الحساسة والمهمة مهددة بالتوقف " الملف الاستشفائي والطبي ، وملف التعليم  " بعد ان توقف الملف الاغاثي .

وطالب  عضو اللجنة الشعبية لمخيم عين الحلوة محمد ايوب بضرورة تضافر جهود الجمعيات والمؤسسات المدنية والاهلية ، والتنسيق فيما بينها لتقديم خدمات افضل، لافتا الى الفوضى التي تعيشها تقديمات هذه الجمعيات على قلتها، وان تتناسب تقديماتها وبرامجها احتياجات المخيمات وابنائها  ، وليس حسب ما يسقطه الممول من برامج ومشاريع " فالساكن تحت بيت ايل للسقوط اولويته ترميم بيته وليس برنامج ترفيهي، او حل النزاعات ..."

القت الازمة السورية بظلالها على المخيمات الفلسطينية مستقبلة عشرات الاف اللاجئين الفلسطينين المهجرين من مخيمات سوريا ، وعبر اللاجئ الفلسطيني  محمد عمر اللاجئ من مخيمات سوريا عن اسفه لتوقف العديد من الجمعيات عن تقديماتها ، مطالبا بالعودة السريعة لهذه التقديمات لان الاوضاع لم تعد تحتمل ،حيث اصبحت مئات العائلات تعيش ازمة خانقة انتجت ازمات ومشاكل اجتماعية اقلها الطلاق ...

كبر حجم الاحتياجات وتعددها يحتاج الى موارد مالية كبيرة ، ولكن وفق المتوفر والمتاح ضمن تمويل برامج الجمعيات يمكن ان يبلسم ويخفف من وطأة الأزمة ، ان اعتمدت هذه الجمعيات برامج وخطط تنسيقية فيما بينها وبين اللجان الشعبية الفلسطينية ،والجهات ذات الصلة ، و ان وظفت الموارد في برامج تلبي احتياجات اللاجئين في المخيمات والتجمعات،  والى ان يتم ذلك تبقى المخيمات  واهلها يرزحون تحت المصاعب والضغوطات وبكافة انواعها  يبحثون عن بارقة أمل.