السبت 7 حزيران 2025

تقارير وتحقيقات

"الفن المعاصر يمنحني المساحة الحرة التي كنت أبحث عنها طويلًا"

حاوره: عصام الحلبي

يعيش الفنان التشكيلي والنحات الفلسطيني عامر داود في جنوب فرنسا، بعدما تنقّل طويلًا في رحلة لجوء وهجرة امتدت من فلسطين إلى الأردن وسوريا ولبنان، قبل أن يستقر به المقام في أوروبا. تعود أصول داود إلى مدينة القدس، التي هجّر منها والداه وهو لا يزال طفلًا صغيرًا. تنقّلت عائلته في محطات نزوح متعددة، قبل أن يحط قطار لجوئه القسري في المنفى الفرنسي، وهناك واصل مسيرته الفنية والنضالية، حاملاً في ذاكرته قضية شعبه، وفي وجدانه الهوية الفلسطينية التي ترفض الذوبان.

مارس داود العمل السياسي والنضالي في صفوف الثورة الفلسطينية، ورافق ذلك إنتاجه الفني الذي شكّل امتدادًا بصريًا لذاكرة المخيم والمنفى. في هذا الحوار، يكشف داود عن رحلته الفنية والإنسانية، ويضيء على تجربته في أوروبا، ودور الفن في مواجهة القمع وتوثيق المعاناة.

س: من هو عامر داود؟ وكيف تصف رحلتك؟
عامر داود: أنا فنان ورسام تشكيلي فلسطيني ونحات، وُلدت في القدس ونشأت لاجئًا في سوريا. اليوم، أنا لاجئ سياسي مقيم في جنوب فرنسا. أكرّس جهدي لإيصال صوتي البصري إلى العالم، من خلال عرض أعمالي، والمشاركة في المعارض، وخلق جسور تواصل ثقافي تعرّف الجمهور الأوروبي على قضيتي الفلسطينية.

س: كيف كانت بدايتك مع الفن؟
داود: درست الفنون الجميلة في لبنان، في خضم نضالي من أجل حرية فلسطين. نشأت في كنف أسرة فلسطينية لاجئة في سوريا، وآمنت منذ صغري بأن الفن هو وسيلة للتعبير عن حرية الإنسان، وعن الظلم الذي يعيشه اللاجئون. الرسم كان دائمًا طريقتي لمقاومة القمع، وتوثيق الحياة اليومية في المخيمات.

س: ما أبرز المعارض التي شاركت بها منذ وصولك إلى فرنسا؟
داود: شاركت في عدد من المعارض المهمة، منها:

ألبي – مقهى المحافظة (أبريل 2014)

لوترك – مكتب السياحة (أكتوبر 2015)

مشروع ART BOX – بازل (يونيو 2017)

معرض فردي في بيروت ودمشق استمر لعامين

معرض Art Shopping Carrousel du Louvre – باريس (أكتوبر 2017)

ARTBOX PROJECT – أسبوع الفن في نيويورك (مارس 2018)

س: وماذا عن حضورك الإعلامي والفني؟
داود: كنت موضوعًا لفيلم وثائقي بعنوان "قصة حب سورية" من إخراج البريطاني شون ماك أليستر، وقد فاز بعدة جوائز، أبرزها في مهرجان برلين السينمائي عام 2015. كما كتبت عني صحيفتا لوموند ولا ديبيش الفرنسيتان. حاليًا، تُقيّم أعمالي في صالة إسباس دروو في باريس، وهو ما أعتبره محطة مهمة في مسيرتي.

س: هل أثّر لجوؤك إلى فرنسا على أسلوبك الفني؟
داود: بالتأكيد. في سوريا، كانت أعمالي تميل إلى التصويرية والتجريد، وتعكس مشاعر القلق والخوف ورفض الظلم. بعد وصولي إلى فرنسا، ومع فقداني للجذور وتفكك الروابط العائلية، بدأت إعادة بناء ذاتي عبر الفن. أصبحت أعمالي أكثر هدوءًا وصفاءً، لكن اللون ظل عنصرًا قويًا في تجربتي.

س: كيف ترى الفن المعاصر؟
داود: أرى في الفن المعاصر المساحة الحرة التي كنت أبحث عنها طويلًا. إنه يفتح أمامي فضاءات لا محدودة للتعبير عن الروح والذاكرة والرؤية المستقبلية. هذا النوع من الفن منحني حرية فكرية وتشكيلية لم أكن أملكها من قبل.

س: ما الأدوات التي تفضلها في أعمالك؟
داود: تقنيتي تقوم على المزج بين التعليم، والتجربة، والمزاج. أستخدم الأكريليك لأنه يمنحني حرية كبيرة في التشكيل. كما أمارس النحت على خامات متعددة: الخشب، الزجاج، المعدن، الرمل/الأسمنت، والحديد المطاوع. أحب التجريب، وابتكار حوار بصري بين المادة والروح.

س: ما الذي يحركك فنيًا اليوم؟
داود: القلق الوجودي، والحنين، والتمسك بالأمل. لا زلت أبحث عن بصيص نور يقودني إلى حلم كل فلسطيني: العودة إلى الوطن، والعيش في كنف كيان فلسطيني مستقل وعاصمته القدس.