الجمعة 18 تشرين الأول 2024

تقارير وتحقيقات

الإعلام الغربي بين التضليل والكذب في صناعة الاحداث

..... الهروب من تاركوف نموذجاً.....
النهار الاخبارية - بيروت احمد عثمان
إن صناعة الكذب والتضليل الإعلامي له عدة صور منها قلب الحقائق، أو التضليل بالمعلومات التي ليس لها علاقة بالحدث، ويؤدي الإعلام دوراً خطيراً في حياة الأمم، ليس في نقل الأخبار والأحداث فقط وإنما في صياغة وتحديد توجهات الرأي العام، ومن هنا يصبح التضليل الإعلامي الذي يمارسه الإعلام حالياً بمثابة حرب نفسية تمارس بحق المتلقي لإحداث تترك أكبر قدر من التأثير السلبي.
التضليل الإعلامي له عدة صورة، منها قلب الحقائق، أو التضليل بالمعلومات التي ليس لها علاقة بالحدث، أو باستخدام مفردات معينة تؤدي إلى إصدار أحكام بالإدانة، أو بالانتقائية المتحيزة التي تنتقي بعض الكلمات والحقائق والمصادر وتهمل الأخرى .

 ومن خلال تتبع حالة الاعلام الامريكي وخاصة بعد الاعلان عن صفقة القرن نجد ان هناك حالة من الفوضى ونشر أكاذيب مضحكة يقوم بها الإعلام الامريكي المضلل عبر تصريحات مفبركة وأكاذيب لتضليل الرأي العام الدولي والعالمي، وخداع المتلقي و غسل أدمغة الشعوب في المنطقة  العربية، وقلب الحقائق مترافقة مع كي وعي تلك المجتمعات. 
 فقد طالعتنا هيئة الاذاعة البريطانية  الـــــ BBC، بخبر مفاده ان مدينة في أوكرانيا تدعى Tarcov قد تم تدميرها وأن سكانها شكلوا مقاومة شعبية باسلة، لمقاومة القوات الروسية التي ارتكبت مجازر بحق أهلها .
هذا ما ورد حرفيا في اخبار محطة الــــــBBC وفي شريطها الاخباري أسفل الشاشة من ادعاءات، ما دفعنا  في وكالة النهار الاخبارية بتقصي حقيقة تلك الأخبار لمعرفة مدى دقتها وتطابقها مع الواقع الميداني وتحديد صدقيتها وصحتها .
فقمنا اولاً  بعملية بحث عبر محرك غوغل عن المدينة المذكورة وموقعها على خريطة أوكرانيا، لتأتي النتيجة صفر حيث لم يتم ايجاد مدينة بهذا الإسم، ولم نكتف بذلك فبادرنا ثانيا الى مراجعة عدد من الخرائط الورقية لأوكرانيا وبكل اللغات الحية وكانت النتيجة صفر آخر حتى لا تطابق بينها وبين اي من المدن التي تشهد اعمال عسكرية . 

إذن ما حقيقة هذا الخبر الذي تم تداوله بالاعلام الغربي وتحديداً البريطاني، وما الهدف من بث هكذا خبر؟ خاصة وانه يمكننا ادراجه في فئة الأخبار الزائفة والكاذبة، وغير الدقيقة. ولكن مهلا هذا الخبر اتضح ان له اصل في العالم الافتراضي ، حيث في بحث تفصيلي أكثر اكتشفنا ان تلك المدينة والمقاومة المزعومتان موجودتنا في لعبة فيديو الكترونية تحمل اسم (الهروب من تاركوف)،  واعتمدت المحطة على جهل المتلقي كونه ليس خبيراً في العاب الفيديو تلك ولعبوا على اللاوعي عنده خصوصا وان اللعبة تدور احداثها افتراضيا في أوكرانيا فهل هي صدفة مثل انتاج هكذا لعبة قبل سنوات؟ سؤال برسم المتابعين.
  
ولمعرفة مدى تأثير التضليل الاعلامي في العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا كان سؤالنا الى المختص بالشأن الروسي والتضليل الاعلامي، الكاتب الصحافي خليل القاضي الذي فتحدث للنهار الاخبارية عن أهمية الإعلام ودوره في إدارة الحرب الناعمة ومدى تأثيرها على الرأي العام، وقال القاضي : لطالما لعب الاعلام دورا في القضايا المصيرية سواء في داخل دولة ما او في القضايا الدولية والاقليمية ، وفي السنوات العشر الأخيرة أصبح الاعلام سلاحاً فتاكاً وان كان لا يقتل ويسيل دماء ولكنه بالتأكيد هو أشد فتكاً حيث يقتل الوعي لدى المجتمع ويشوش رؤيته للحقائق ، وبالتالي يصنع رأي عام مضللاً ، ومع تنامي دور وسائل التواصل الاجتماعي على حساب الاعلام التقليدي ، حيث تحول كل فرد الى صحافي ينشر ما يراه مناسبا دون مرعاة للواقع ، ما تسبب في تفشي ظاهرة الاخبار المزيفة، وبالتالي التأثير على الاوعي الجماعي للمجتمع ، وكنا شهدنا نماذج من التضليل الاعلامي في الحرب السورية وقبلها وبعدها كانت فلسطين وقضيتها المحقة تتعرض لأكبر عملية تضليل في التاريخ ، عبر تحويل مقاومة شعب الى ارهاب ، فيما الحقيقة ان فلسطين مغتصبة من كيان متغطرس، وليس آخر تلك السياسة التضليلة ما تشهد الساحة الاوكرانية حيث عمدت كما تفضلتم واحدة من اعرق المؤسسات الاعلامية في العالم والمتمثلة بهيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي الى سياسة التضليل والكذب التى ذهبت الى حد اختراع مدينة وهمية ومقاومة غير موجودة ليتضح ان تلك المدينة موجودة في لعبة الكترونية ، اذا الحرب الناعمة وهي الجيل الخامس من الحروب وتعتبر الاشد قسوة لأنها تستهدف العقول ، فإذا خربت العقول يسهل السيطرة عليها ، وبالتالي علينا التيقظ من ثقافة كي الوعي وان نمتلك الادوات اللازمة من أجل المواجهة وبالتالي صد هذه الحرب لأنها الخطر الحفيفي علينا وعلى ثقافتنا وتاريخنا. ناهيكم الى ان هناك حرب تندرج ضمن الحرب الناعمة ولكن المؤثرة وتتمثل بالحرب السيبرانية .   
كما اطلعنا من الصحافي علي رضا المتابع للشأن الروسي على موقف روسيا الحقيقي من هذه العملية العسكرية، حيث اعتبر رضا ان العملية الروسية أتت في سياق وضع حد للابادة التي يتعرض لها الاوكران من أصل سلافي (روسي) حيث عمد القوميون الاوكران المتطرفين والذي ينطبق عليهم وصف النازيون الجدد ، والدافع الثاني للعملية هو حماية الأمن القومي الروسي نتيجة سعي اوكرانيا بالدخول الى حلف الناتو والاتحاد الاوروبي ،وبالتالي دخول كييف بالناتو سيسمح للولايات المتحدة بنشر صواريخها على الحدود الروسية وهذا لن تقبل به موسكو ، كما ترغب واشنطن في مرحلة لاحقة بنقل قيادة الاسطول السادس من الكيان الاسرائيلي الموقت الى اوديسا والى القرم ان استطاعت وبالتالي طرد البحرية الروسية منها ، وهذا مس مباشر بالأمن القومي الاستراتيجي الروسي ولن تسمح موسكو بذلك ، ولكن بالتأكيد سيكون هناك تسوية بجعل اوكرانيا محايدة ويمنع دخولها الى الناتو والاتحاد الاوروبي. لأن لا طاقة لأحد بتحمل حرب طويلة.   

ميل الجمهور  لمتابعة الاخبار الكاذبة
معظم الناس نظراً لأن لديهم تصوراً معيناً عن قضية ما فإنهم لا يميلون تمامًا للسماح للآراء الموضوعية بتصحيح المفاهيم، بل على العكس يقومون بمراجعة الحقائق لتتناسب مع مفاهيمهم الخاطئة. أن تحيز الناس لمواقف ما أو أشخاص ما أو لأي شيء يقودهم إلى تحريف المفاهيم والمواقف، بل إنهم يخلقون معلومات خاطئة  وتسوء الأمور حين يعتقد الناس أن عليهم نقل هذه المعلومات الخاطئة. فالقصص الكاذبة تنتقل بخصائص جديدة عبر وسائل الاتصال والتواصل وبين الجموع
الختام 
لقد قامت العملية العسكرية في أوكرانيا والتي بدأت في الـــــ 24 من فبراير/ شباط الفائت، بإعتبارها عملية عسكرية خاصة حددها الرئيس فلاديمير بوتين وان هدفها "حماية الأشخاص الذين تعرضوا، على مدار 8 سنوات، للاضطهاد والإبادة الجماعية من قبل نظام كييف العنصري واليميني المتطرف".
كما تهدف بحسب الرئيس بوتين، إلى وقف عسكرة أوكرانيا والقضاء على التوجهات النازية فيها، وتقديم جميع المسؤولين عن ارتكاب جرائم دموية ضد المدنيين في دونباس، إلى العدالة.