الجمعة 22 تشرين الثاني 2024

ماكرون انتصر ولوبان رفعت رصيد اليمين المتطرف


النهار الاخباريه وكالات

تمكن إيمانويل ماكرون، من الفوز بولاية رئاسية ثانية، بعد هزيمة زعيمة "التجمع الوطني" مارين لوبان للمرة الثانية على التوالي، لكن رئاسيات 2022، حملت عدة مؤشرات مقلقة عن صعود اليمين المتطرف من شأنها التأثير على مستقبل فرنسا.
إذ حصل ماكرون على أكثر من 58 بالمئة من الأصوات مقابل نحو 42 بالمئة للوبان.

** الفارق يتقلص إلى النصف

رغم الفارق الذي يتجاوز 16 نقطة بين المرشحين الرئاسيين، إلا أن لوبان تمكنت من تقليصه إلى النصف مقارنة برئاسيات 2017، عندما خسرت أمام ذات المرشح بـ66.1 بالمئة مقابل 33.9 بالمئة، بفارق
32.2 نقطة.
فخسارة لوبان المتوقعة، كانت بفارق أكبر من 10 نقاط الذي توقعته معاهد سبر الآراء الفرنسية، التي تحدثت في آخر استطلاعاتها، بعد المناظرة التي جرت بين المرشحين، عن نتيجة متأرجحة ما بين 54 و56 بالمئة لماكرون، مقابل 44 و46 بالمئة للوبان.
واتساع الفارق خلال أيام قليلة من 10 إلى 16 نقطة يعكس تفوق ماكرون، في المناظرة التي جرت بينه وبين لوبان، وكان أداؤه أكثر إقناعا منها، بناء على استطلاعات الرأي، إلى درجة دفعت موقع "فرانس24" (رسمي) إلى التساؤل "هل قضت المناظرة على حظوظ لوبان في الفوز؟"
كما أن ماكرون، ربح لعبة التحالفات عندما ضمن دعم أغلب المرشحين الخاسرين في الجولة الأولى، بينما لم تدخل لوبان الجولة الثانية وحيدة بعد أن حصلت على دعم مرشحين اثنين، بينهما إريك زمور، اليميني المتطرف الذي حصل على المرتبة الرابعة.

** تراجع نسبة المشاركة يخدم لوبان

لم يسبق لفرنسا أن سجلت نسبة امتناع عن التصويت في انتخابات رئاسية كالتي سجلتها في رئاسيات 2022، منذ 1969 (31.1 بالمئة).
فوفقا لتقديرات معاهد لسبر الآراء، بلغ معدل الامتناع عن التصويت نحو 28 بالمئة من الناخبين المسجلين في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، والبالغ عددهم 48.7 مليون مسجل.
ونسبة الامتناع في الجولة الثانية للرئاسيات أعلى بـ1.7 بالمئة مقارنة بالجولة الأولى التي سجلت معدل 26.3 بالمئة.
ومقارنة برئاسيات 2017، التي سجلت نسبة امتناع عن التصويت بـ 25.38 بالمئة (نحو 12 مليون صوت)، فإن معدل الامتناع في 2022 ارتفع إلى 2.62 بالمئة، أي بزيادة نحو مليون ناخب ممتنع.
والانحدار في نسب المشاركة في الانتخابات الرئاسية بدأ في 2012، عندما نزل من 84 بالمئة في 2007، إلى 80.4 بالمئة، ثم إلى 74.6 بالمئة في 2017، وأخيرا 72 بالمئة في 2022.
وارتفاع نسبة الامتناع عن التصويت يمكن ربطها بعدم اقتناع فئة من الناخبين بكل من ماكرون ولوبان، معا، خاصة من اليسار الراديكالي والمسلمين (10 بالمئة من إجمالي عدد السكان).
وإن كان مرشح اليسار الراديكالي جون لوك ميلونشون (نحو 22 بالمئة)، لم يدعو إلى مقاطعة الجولة الثانية للرئاسيات، إلا أنه لم يدعم ماكرون، واكتفى بحث أنصاره على عدم التصويت للوبان.
وتصب حالة العزوف التاريخية عن التصويت في مصلحة لوبان، إذ أن غالبية الممتنعين عن التصويت من اليساريين والمسلمين الذين يوجدون على الطرف النقيض من اليمين المتطرف.
وفاقت نسبة الامتناع عن التصويت (28 بالمئة) ما حصل عليه ماكرون في الجولة الأولى (27.85 بالمئة)، ما يجعل الممتنعين عن التصويت أكبر من أي حزب في البلاد.

** صعود يهدد مستقبل فرنسا

قبل عقود خلت كان اليمين المتطرف منبوذا في فرنسا، لكن مع حصول لوبان
على 42 بالمئة من الأصوات أو ما يعادل نحو 14 مليون صوت، فذلك يشكل قوة تصويتية كبيرة.
وإذا تمكنت لوبان، من الحفاظ على هذه القاعدة التصويتية في الانتخابات البرلمانية المقبلة، فإن طلك يرشحها للمشاركة في تشكيل حكومة ائتلافية، إذا أخفق حزب ماكرون "الجمهورية إلى الأمام" من الحصول على 50 بالمئة من الأصوات.
فهذه المرة الأولى في تاريخ اليمين المتطرف الذي يحصل فيها على نسبة تجاوزت 40 بالمئة، بعدما حقق في رئاسيات 2017، نسبة 33.9 بالمئة.
إذ لم يسبق وأن صوّت لليمين المتطرف نحو 14 مليون مقترع في أي انتخابات سابقة.
حيث تم تسجيل أعلى معدل تصويت له في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2017، وحصلت فيها لوبان على أقل من 11 مليون صوت، واعتبر هذا الرقم حينها تاريخيا، قبل أن تكسره لوبان في 2022.
لذلك فالمعركة الانتخابية لم تنته بعد بانهزام اليمين المتطرف، بل مازالت جولة ثالثة للنزال السياسي، عندما تجرى الانتخابات البرلمانية في يونيو/حزيران المقبل، بعد نحو 7 أسابيع.
وإذا تمكنت لوبان من المشاركة في حكومة ائتلافية، فمن شأن ذلك أن يقود فرنسا إلى مزيد من التطرف في ملفات الهجرة والإسلاموفوبيا، وفتح ملفات الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، والاختلاف بشأن الحرب الروسية الأوكرانية..
فدخول اليمين المتطرف إلى الحكومة من شأنه أن يُقحم فرنسا في مرحلة عدم استقرار سياسي، ويؤثر على علاقاتها بشركائها (الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو))، ويضيق أكثر على المهاجرين والمسلمين..
وتشكيل حكومة ائتلافية يكون اليمين المتطرف أحد أطرافها من شأنه فتح أبواب الخلاف مع الرئيس ماكرون، الذي مرت ولايته الرئاسية الأولى في هدوء دون صدام مع الحكومة، خاصة وأن فرنسا تتبنى نظاما شبه رئاسي يتقاسم فيه رئيس البلاد ورئيس الحكومة السلطة التنفيذية.