وكالة النهار الإخبارية/ عبد معروف
لم يكن مفاجئا قرار وزير الدفاع الاسرائيلي يسرائيل كاتس برفع حالة الطوارئ المعلنة داخل الكيان الاسرائيلي بعد عملية طوفان الأقصى قبل أكثر من عامين، ذلك لأن القيادة الاسرائيلية في تل أبيب أصبحت تتعامل مع الواقع القائم من موقع المنتصر، بعد الاتفاق وقف العمليات العسكرية في القطاع استنادا لمقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والذي توج كمعاهدة في قمة شرم الشيخ.
وقال كاتس في بيان: «لقد قررت اعتماد توصية الجيش الإسرائيلي وإلغاء الوضع الخاص في الجبهة الداخلية، للمرة الأولى منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر».
وأوضح كاتس أن «القرار يعكس الواقع الأمني الجديد في جنوب البلاد، الذي تحقق بفضل الإجراءات الحاسمة والقوية خلال العامين الماضيين التي قامت بها قواتنا الباسلة ضد حركة (حماس) الإرهابية».
لا شك أن جولة الحرب الدموية التي نفذها جيش الاحتلال الاسرائيلي في قطاع غزة، وبالصورة الوحشية التي استمرت لأكثر من عامين قتلا وتشريدا وتدميرا وتجويعا، قد تراجعت إلى حد كبير، لكن من الواضح أيضا أن الصراع لم ولن يتوقف، لأن سلطات تل أبيب مازالت تعمل وفق سياسة العدوان والحرب والتجويع والحصار، ليس في قطاع غزة فحسب، بل وفي الضفة الغربية أيضا، وصولا إلى لبنان، وبالتالي فإن تراجع حرب الابادة والتجويع بالشكل الذي شهده القطاع طوال عامين، لا يعني بأي حال من الأحوال أن الاحتلال قد تراجع عن طبيعته وأهدافه العدوانية، ولا يعني أن هذا العدو سيتبع أشكالا مختلفة لتحقيق المزيد من أهدافه في كسر إرادة المواجهة، وتصفية القضية الوطنية الفلسطينية وإخضاع العواصم العربية لشروط الاستسلام.
وهذا يعني أن جولة من جولات الصراع قد تراجع في قطاع غزة، لكن محاولة تل أبيب استثمار هذه التطورات من موقع المنتصر وفرض الشروط، ومحاولة فرض الهيمنة الاسرائيلية الأمريكية على الشعب الفلسطيني، ستكون له نتائج كارثية حتما ستؤدي إلى انفجار البركان مجددا في القطاع وغير القطاع، لأن الاحتلال لا يعمل من أجل ما يطلق عليه "السلام"، ويعمل دائما على العدوان والاحتلال والاذلال وفرض الشروط وتحقيق أهدافه العدوانية.
لذلك، إعلان إنهاء حالة الطوارئ لا يعني وقف سياسة الحرب والعدوان والحصار والابتزاز في قطاع غزة، وإن تراجعت لكن القيادة الاسرائيلية ستعمل على توسيع اقتحاماتها واجتياحاتها لمناطق ومدن الضفة الغربية والقدس، وسيصعد من نشاطاته العدوانية والاستيطانية و مصادرة الأراضي وبناء المستوطنات.
وفي لبنان أيضا، ستعمل القيادة الاسرائيلية على استغلال تراجع العمليات العسكرية في غزة، من أجل تصعيد عدوانها وغاراتها واستهدافاتها في لبنان، بالتزامن مع تدفق الموفدين الدوليين والعرب إلى لبنان من أجل ضمان عدم التصعيد العسكري وعدم الانزلاق لحرب واسعة على الجبهة اللبنانية.
لكن الوفود التي وصلت الآن إلى لبنان، تسعى من أجل إيجاد حلول تضمن حصر السلاح بيد السلطة الشرعية اللبنانية أي سحب سلاح حزب الله حتى لا يكون مبرر لجيش الاحتلال بمواصلة الاعتداءات على لبنان( وإن كان هذا العدو لا يحتاج لمبرر لعدوانه)، أيضا فتح ثغرة في الجدار الفاصل بين بيروت وتل أبيب لمفاوضات مباشرة تؤدي إلى معالجة قضايا الصراع بين الطرفين.
لا شك أن الوضع قاتم، وينذر بالسوء، لأن تل أبيب بالتعاون الكامل مع الادارة الأمريكية تسعى عسكريا وبآلة الحرب الوحشية لإخضاع المنطقة، وحققت الخطوات المتقدمة لكسر إرادة المواجهة، وتعمل أيضا في مسار السلام على استثمار انتصاراتها العسكرية وتحقيق أهدافها على طاولة المفاوضات، لكن هذه الأهداف ستؤدي إلى ويلات سياسية واقتصادية وأمنية على دول المنطقة وشعوبها، مما يجعل انفجار البركان أمرا حتميا.