الجمعة 22 تشرين الثاني 2024

لماذا يحذر قائد أمريكي من معركة بين الصين والولايات المتحدة في 2025؟

النهار الاخبارية - وكالات

الحرب بين الصين وأمريكا قد تنشب بعد عامين، صدر هذا تحذير من قائد أمريكي كبير مؤخراً بما يحمله من خطر اندلاع حرب عالمية ثالثة بعد أن حلل تطور قدرات الجيش الصيني وأهدافه السياسية والعسكرية.

هذه المذكرة الصادمة صدرت عن أحد كبار جنرالات الجيش الأمريكي وهو القائد البارز في القوات الجوية مايكل مينيهان، وهي تمثل الحلقة الأخيرة في سلسلة التنبؤات المقلقة بأن القوتين العسكريتين الأبرز في العالم تواجهان خطر الاصطدام بشكلٍ مباشر، وسيحدث ذلك لتحديد مصير تايوان على الأرجح، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Washington Post الأمريكية.

وعزا الجنرال مايكل مينيهان مخاوفه إلى رغبة الرئيس الصيني شي جين بينغ في ضمان ولايةٍ ثالثة في السلطة، وإلى الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل في تايوان، وقال إنهما من الأسباب الرئيسية التي تستلزم تسريع عملية إعداد القوات.

وقد تتوسع الحرب بين الصين وأمريكا إلى حرب عالمية ثالثة، خاصة مع احتمال انضمام اليابان لواشنطن وكذلك سيول وأستراليا، إضافة لاحتمالات مشاركة بعض الدول الأوروبية، ولا سيما بريطانيا، رغم أن مظلة حلف الناتو لا تشمل آسيا، ولكن ميثاق الحلف يؤكد أن أي اعتداء على دولة بالحلف هو اعتداء على بقية الأعضاء.

كما أن الهند غريم للصين، وقد يسعدها تقديم بعض المساعدة على الأقل لواشنطن ضد بكين دون التورط المباشر، بينما قد يكون لروسيا موقف داعم مماثل لبكين.

أما الخطر الأكبر في مثل هذه الحرب، فهو احتمال لجوء الطرفين للأسلحة النووية، علماً بأن هناك فارقاً كبيراً في الأسلحة النووية وقدرات توصيلها بين الصين وأمريكا لصالح الأخيرة، إلا أن بكين صاحبة أعلى معدل توسع في الرؤوس النووية في العالم، وكذلك توسع قدرات إيصالها، إضافة لجهودها لتعزيز قدرات الدفاع الجوي لحماية نفسها من أي هجوم أمريكي.

لماذا تشعر الولايات المتحدة بالقلق الشديد من الصين؟
يحاول المسؤولون الأمريكيون تبرير مخاوفهم من الصين وتهديدها العسكري المزعوم بطموحات الرئيس الصيني عادةً؛ حيث يقولون إن شي تخلى عن مبدئه المتمثل في أن الصين يجب عليها أن "تنتظر فرصتها وتخفي قوتها"، واتجه إلى تأجيج مشاعر القومية وتبنّي المواقف الدبلوماسية الحازمة.

ويشيرون إلى أن الرئيس الصيني يقول إن مشكلة تايوان لا يمكن أن تُمرَّر من جيلٍ إلى جيل، مما دفع بعض المحللين الغربيين إلى المجادلة بأنه يعتبر توحيد الصين بمثابة مهمته التي يجب أن ينهيها.

وبينما يقدمون تايوان بأنها القضية الأكثر حساسية في العلاقات الثنائية بين البلدين، فإنهم لا يركزون على حقيقة أن قلق أمريكا من صعود الصين كقوة عظمى سياسية واقتصادية وعسكرية منافسة لها، كسببٍ للخلاف بين البلدين، وصحيح أن تايوان قد تكون حليفاً مهماً لأمريكا، إلا أنها أيضاً أحياناً أداة في يدها لمناوءة الصين وتعطيل صعودها وتخويف محيطها الآسيوي منها.

الحرب بين الصين وأمريكا
أول حاملة طائرات صينية "لياونينغ" تشارك في عرض عسكري في بحر الصين الجنوبي/ رويترز
وتتم عادة تجاهل دور السياسات الأمريكية والتايوانية في استفزاز بكين، بينما يتم التركيز على ردود فعل بكين على اختراق واشنطن وتايبيه للأعراف السائدة في هذه القضية، والتي ضمنت عدم انفجارها لعقود.

بينما ما  لا يتم التركيز عليه في الغرب أن سياسة الصين تجاه تايوان لم تتغير كثيراً؛ بل ما تغير هو سلوك واشنطن وتايبيه.

فما تزال "إعادة التوحيد السلمية" تمثل الخيار المفضل لدى الحزب الشيوعي من أجل حل خلافاته مع تايبيه؛ لكن الصين لن تتخلى عن حقها في استخدام القوة عند الضرورة أبداً، على حد تعبير شي في اجتماعٍ بكبار مسؤولي الحزب مؤخراً؛ حيث أردف أن الصين تريد إبقاء هذا الخيار مطروحاً حتى تردع "قوى الاستقلال في تايوان" وكذلك "التدخلات الخارجية"؛ أي: الولايات المتحدة الأمريكية.

ومنذ تطبيع العلاقات بين الصين وأمريكا في السبعينيات، رفضت بكين التعهد لواشنطن بأن تتخلى عن حقها في اللجوء للقوة لإعادة توحيد تايوان والصين، وفي الوقت ذاته كانت سياسة بكين المعلنة أنها تفضل اللجوء للوسائل السلمية لتحقيق هذا الهدف.

وترى بكين أن الولايات المتحدة هي المسؤولة الأولى والأخيرة عن التوترات الدبلوماسية والعسكرية؛ حيث أصدرت الصين الورقة البيضاء الرسمية الخاصة باستراتيجية تايوان، بعد زيارة نانسي بيلوسي الأخيرة، واتهمت خلالها واشنطن "باستغلال تايوان لاحتواء الصين".

الغرب يتراجع واقعياً عن التزامه بسياسة "الصين الواحدة"
تتجاهل التقارير الغربية التي تتناول سياسة الصين تجاه تايوان، أن جزءاً من المشكلة سببه الغرب؛ لأنه سياسته تتجاهل بل تستفز مبدأ الصين الواحدة الذي تعترف به كل الدول الغربية بما فيها الولايات المتحدة، حيث إن كل الدول الغربية تقريباً لا تقيم علاقات دبلوماسية رسمية مع تايوان.

والمفارقة هنا أن تايوان والصين نفسهما كانتا تتفقان منذ انشقاق الجزيرة على سياسة الصين الواحدة، ولكن تختلفان على من يمثلها بكين أم تايبيه، إلا أن تايوان بدأت في التخلي عن هذا المبدأ.

ولكن التوجهات الانفصالية ازدادت قوة في البلاد مؤخراً بدعم من الغرب، وقد يكون بسبب سياسة الرئيس الصيني الحالي الأكثر تشدداً.

وتعترف الولايات المتحدة حالياً بجمهورية الصين الشعبية، باعتبارها الحكومة الشرعية الوحيدة للصين، وقبل ذلك كانت تعترف بأن حكومة تايوان هي بمثابة حكومة الصين الشرعية الوحيدة.

في 23 مايو/أيار 2022، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أن الولايات المتحدة ستتدخل عسكرياً إذا قامت الصين بغزو تايوان من جانب واحد، وقال: "هذا هو الالتزام الذي قطعناه على أنفسنا"، في إشارة واضحة إلى قانون العلاقات مع تايوان، الذي يضمن الدعم العسكري لتايوان، على الرغم من أن القانون لا يضمن على وجه التحديد العمل العسكري المباشر من قِبَل الولايات المتحدة في تايوان.

صرح بايدن لاحقاً بأن ملاحظاته لا تمثل تغييراً عن الوضع الراهن وموقف الولايات المتحدة من الغموض الاستراتيجي، كما ألقى وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن خطاباً ذكر فيه أن سياسة الولايات المتحدة بشأن الجزيرة لم تتغير، وقامت وزارة الخارجية الأمريكية بتحديث صحيفة الحقائق الخاصة بها لإعادة سطر يقول: "نحن لا ندعم استقلال تايوان".

وبكين تواصل بإصرار تطوير جيشها
تحت إصرارٍ من شي، يُحرز الجيش الصيني تقدماً سريعاً نحو هدفه المتمثل في أن يصبح قوةً محاربة عالمية على نفس مستوى الولايات المتحدة بحلول عام 2050. ولا تتمتع القوات الصينية بخبرةٍ قتالية فعلية، لكن ميزانية الدفاع الرسمية ارتفعت من 114.3 مليار دولار عام 2014 إلى 230 مليار دولار عام 2022. وربما يكون الرقم الحقيقي أكبر بكثير.

ومع ذلك، لا تساوي تلك الميزانية سوى جزء صغير من ميزانية الدفاع الأمريكية، التي تحددت عند 816.7 مليار دولار للسنة المالية 2023.

ولكن عند الوضع في الاعتبار أن القوة الشرائية للدولار في الصين أعلى كثيراً من الولايات المتحدة؛ حيث تبلغ النسبة 1 إلى 1.67، أي إن قيمة النفقات الدفاعية الصينية الفعلية وفقاً للقيمة الشرائية للدولار، في الصين نحو 385 دولاراً، ولكنها تظل أقل بشكل ملحوظ من النفقات الدفاعية للولايات المتحدة.

ويتمثل الهدف الرئيسي لتطوير الجيش الصيني في اكتساب القدرة على الاستيلاء على تايوان بالقوة. وقد رفع جيش التحرير الشعبي وتيرة عروض قوته في الأشهر الأخيرة. كما أجرت بكين تدريباً على حصار تايوان رداً على زيارة بيلوسي في أغسطس/آب.

وعادةً ما تُحلّق المقاتلات الصينية بالقرب من المجال الجوي التايواني. ولم نكن نسمع برحلات جوية تخترق الحدود غير الرسمية بطول مضيق تايوان قبل عام 2021، لكنها تحولت إلى أمر روتيني بنهاية 2022.

إليك المواعيد المحتملة لتنفيذ الصين لهدفها بتوحيد تايوان
يجري طرح الكثير من التواريخ عند الحديث عن الغزو العسكري المحتمل لتايوان. ويتمثل أحد التواريخ في عام 2027، الذي سيشهد الذكرى المئوية لتأسيس جيش التحرير الشعبي. بالإضافة إلى عام 2035، الذي يريد شي للصين أن "تُنهي تحديثها الاشتراكي الأساسي" خلاله. وكذلك عام 2049 الذي سيمثل الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية. ويبدو أن تاريخ 2025 أصبح احتمالية مطروحةً الآن وفقاً لمينيهان.

وسنجد أن أولئك الذين يدقون نواقيس الخطر حيال الغزو الصيني الوشيك بحسب وجهة نظر الغرب (أو التوحيد بحسب وجهة نظر بكين) يستشهدون في حديثهم بتغير موازين القوى العسكرية، وكذلك خطاب شي الذي يصفونه بالعدواني الذي يُعبر عن عزمه على تحقيق الوحدة خلال عهده، حسب قولهم. لكن الخبراء انقسموا حول ما إذا كان لدى الزعيم الصيني تاريخ محدد في ذهنه أم إنه لم يضع جدولاً زمنياً من الأساس.

إذ قال تشو فينغ، العميد التنفيذي لمعهد الدراسات الدولية في جامعة نانجينغ: "يمثل الردع العسكري الطريقة الوحيدة المضمونة لمنع تايوان من المضي قدماً في خطط الاستقلال، وذلك من وجهة نظر بكين"؛ لكن الصين لا تزال غير مستعدةٍ للحل العسكري، وتُدرك أن استخدام القوة قد يُولِّد بيئةً دولية عدائية، تشبه تلك التي تواجهها روسيا منذ هجومها على أوكرانيا.

ويشعر تشو بالقلق من أن "كل جانب قد يواصل تأطير القضية بطريقته الخاصة، تاركين التوترات العالقة لتجبرهما على السير نياماً في اتجاه الصراع العسكري". ومن هذا المنطلق، يرى تشو أن مذكرة مينيهان تمثل تنبيهاً جاء في وقته للطرفين، ليُدركا أن "عليهما التوقف عن التعامل بتعالٍ مع القضية التايوانية".

إليك حجم القوات الضرورية لأي غزو صيني لتايوان
تشير بعض التقديرات إلى أن عدد القوات المطلوبة لأي غزو صيني لتايوان يمكن أن يصل إلى مليونَي مقاتل (أي معظم قوات الجيش الصيني العاملة).

وتشكك المصادر الغربية في كفاءة المعدات الصينية، وخبرات الجيش الصيني المعزول نسبياً عن العالم، مقارنة بِصلات جيش تايوان الوثيقة مع الجيوش الغربية.

وشبّه الخبراء الاستراتيجيون التايوانيون المياه التي تفصلهم عن الصين بالطريق إلى كييف؛ حيث تصدى الجيش الأوكراني للجيش الروسي في بداية الحرب.

ولعل أهم حلفاء تايوان يتجسدون في الجغرافيا الخاصة بها ومناخ المضيق. ليس هناك إلا 14 شاطئاً يمكن اعتبارها مناسبة لأي عملية إنزال صيني طموحة. وبعد ذلك، هناك المياه الغادرة والرياح في المضيق، التي تسمى "الخندق الأسود"؛ مما يعني أنه ليس هناك سوى فرصتين سنوياً من أجل أي غزو واقعي: بداية من أواخر مارس/آذار حتى نهاية أبريل/نيسان، وبداية من أواخر سبتمبر/أيلول حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول. 

وبالتالي لن يكون غزو تايوان سهلاً على الصين، بسبب البحار المحيطة بالجزيرة وطبيعتها الوعرة والتحصينات التي بنتها تايوان، إضافة إلى الدعم الغربي المحتمل، رغم أن المناورات الصينية الأخيرة أظهرت أن بكين سوف تبدأ أي عملية عسكرية بمحاصرة الجزيرة؛ لمنع الولايات المتحدة من تزويدها بالمعدات.

وإضافة إلى طبيعة الجزيرة المحصنة، فدوماً المدافعون -لا سيما المتحصنين- يتمتعون بميزة نسبية على المهاجمين، ويميل العسكريون إلى وضع معادلة مبسطة، وهي أنه في حال تساوِي القدرات ونوعية الأسلحة، فإن المهاجمين يلزمهم أعداد تعادل ثلاثة أضعاف أعداد المدافعين؛ لكي يتغلبوا عليهم.

وهذه المعادلة يبدو أنها لم تُحقَّق في روسيا، حيث إن نسبة عدد سكان روسيا لأوكرانيا وأعداد قواتها المشاركة في الحرب أقل من الفجوة العددية الهائلة بين الصين وتايوان.

والطابع المحصن لتايوان بسبب كونها جزيرة، يجعل العملية أصعب بالنسبة للصين مقارنة بالغزو الروسي لأوكرانيا الذي ينطلق فيه الجيش الروسي من أراضي بيلاروسيا وروسيا الملاصقتين لأوكرانيا عبر حدود برية سهلة وغير وعرة، كما أن موسكو لديها ميليشيات موالية لها في إقليم دونباس الأوكراني.

لكن الزمن في صالح الصين على عكس روسيا
غير أنه في المقابل، هناك متغير مهم موجود في الأزمة الصينية التايوانية غير موجود في الحالة الروسية الأوكرانية، هو عدد السكان الضخم للصين الذي يبلغ نحو 55 ضعف عدد سكان تايوان، بينما عدد سكان روسيا يبلغ أقل من أربعة أضعاف سكان أوكرانيا.

والأهم أن عدد السكان الضخم للصين هذا يعيش أكبر عملية تحديث ونمو اقتصادي وعسكري في التاريخ، وهي عملية إن سارت حتى بمعدل أقل من المعدل الحالي، فإنها ستجعل القوة العسكرية الصينية خلال سنوات تتضاعف بشكل يعمق الفجوة بينها وبين تايوان، ويسهل أي عملية غزو صيني لتايوان، وقد يتزامن ذلك مع تعزيز اعتماد الصين على نفسها في التقنيات التي تستوردها حالياً من الغرب وحلفائه الآسيويين ومنها تايوان، إضافة إلى تعزيز استهلاكها الداخلي، مما يغنيها عن الحاجة لأسواق أمريكا وأوروبا، ويحرر يديها من القيود الحالية الاقتصادية والعسكرية التي تمنعها من تنفيذ حلمها بضم الجزيرة التي تعتبرها منشقة.

وعلى عكس الأمر في روسيا التي تبدو دولة عظمى من زمن غابر، حيث أصبح عدد سكانها في التسعينيات يمثل نحو نصف عدد سكان الاتحاد السوفييتي السابق، وعانت البلاد من أزمة ديموغرافية ومالية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، أدت لانكماش هائل في حجم سكانها واقتصادها، وهو انكماش لم يتم تعويضه بشكل كامل في ظل التعافي الذي حدث في سنوات حكم بوتين.

وحتى إذا لم تحدث الأزمة الأوكرانية، فإن نمو الاقتصاد الروسي كان أقل بكثير مما تشهده الصين، التي تتجه لتصبح أكبر اقتصاد في العالم، (حالياً لدى اقتصاد الصين ثاني أكبر ناتج محلي بعد أمريكا، والأكبر إذا احتسب وفقاً للقوة الشرائية للدولار في الصين).

وفعلياً بكين لديها أكبر قاعدة صناعية في العالم والجيش الأكثر نمواً، خاصة فيما يتعلق بعدد السفن الحربية التي ستكون السلاح الرئيسي لأي غزو صيني لتايوان. 

إن رهان الغرب على تشجيع تايوان على الانشقاق عن الصين قد يكون ناجحاً في الوقت الحالي، وقد لا تستطيع بكين عسكرياً تنفيذ غزو بحري وجوي ضد الجزيرة المحصنة، وقد تخشى فرض عقوبات غربية عليها أو منعها من التكنولوجيا اللازمة لصناعتها.

ولكن الزمن يعمل لصالح العملاق الصيني، وعاجلاً أو آجلاً ستكون بكين قادرة على تنفيذ حلمها، وستزداد احتمالات وقوع غزو صيني لتايوان بعد أقل من بضعة عقود، ووقتها سيكون دعم الغرب أقل فاعلية من دعمه الحالي لأوكرانيا.

فلن يستطيع الغرب ساعتها محاصرة الصين التي تمثل أكثر من خُمس سكان العالم مثلما فعل مع روسيا بعد غزوها لأوكرانيا.

إليك التاريخ الذي حذر منه وزير الدفاع التايواني
خالف شي المتعارف عليه في البلاد بتوليه الأمانة العامة للحزب الشيوعي للمرة الثالثة؛ مما دفع العديدين في تايوان إلى القلق من أن الحرب أصبحت قريبةً اليوم أكثر مما كانت عليه طيلة عقود، وبدأوا في الاستعداد بما يتناسب مع ذلك القلق.

ويرى المسؤولون في تايوان أن الجيش الصيني أصبح جاهزاً. حيث قال وزير الدفاع التايواني تشيو كو تشينغ في العام الماضي إن الجيش الصيني سيكون مستعداً للغزو بالكامل بحلول عام 2025.

لكن الأمر لا يتوقف على قوة الصين العسكرية فقط. إذ يرتبط كذلك بما إذا كانت مستعدةً للمخاطرة بمواجهة مع الولايات المتحدة أم لا، وكذلك التداعيات الدولية الناجمة عن محاولة فرض مطالبات السيادة بالقوة.

يُذكر أن تايبيه عززت علاقاتها الدبلوماسية غير الرسمية مع حلفائها الديمقراطيين في عهد الرئيسة تساي إنغ وين، ومنهم الولايات المتحدة. كما تروج تايوان نفسها كحصنٍ في مواجهة ما تصفه بالتوسع الاستبدادي داخل المنطقة.

ما موقف الشعب التايواني؟
ولكن افتراض أن النهج الانفصالي هو السائد في تايوان دون منازع، كما يقول الغرب أمر يحتاج للمراجعة.

كانت تايوان تعتبر نفسها ممثلة الصين برمتها ولا تعترف بحكم الحزب الشيوعي للصين، أما اليوم فتسعى حكومة تايوان لانفصال الجزيرة عن البلد الذي كانت تعتبر نفسها يوماً الممثلة الوحيدة له.

كان أول مظاهر التغيير، في عام 1991، عندما أشار الرئيس التايواني في ذلك الوقت لي تنغ هوي إلى أنه لن يتحدى السلطات الشيوعية لحكم الصين القارية. هذه نقطة مهمة في تاريخ العلاقات عبر المضيق، حيث لم يعد رئيس تايوان يطالب بالسلطة الإدارية على البر الرئيسي للصين. 

بعد ذلك، اكتسبت حركة استقلال تايوان دفعة سياسية، وتحت إدارة التايواني "لي" لم تعد القضية هي مَن يحكم الصين، بل مَن يدعي السلطة الشرعية على تايوان والجزر المحيطة بها.

وأصبحت سياسة الصين الواحدة قضية خلال الانتخابات الرئاسية لتايوان عام 2004. حيث تخلى تشين شوي بيان عن غموضه السابق ورفض علناً مبدأ الصين الواحدة زاعماً أنه يعني ضمناً أن تايوان جزء من جمهورية الصين الشعبية. أيد خصمه ليان تشان علناً سياسة "الصين الواحدة، مع تفسيرات مختلفة"، في نهاية انتخابات 2004، أعلن ليان تشان وزميله في الترشح، جيمس سونغ، لاحقاً أنهما لن يطرحا التوحيد النهائي، باعتباره هدف سياستهما عبر المضيق، ولن يستبعد احتمال استقلال تايوان في المستقبل. 

في مقابلة صحفية قبل الانتخابات الرئاسية لعام 2004، استخدم تشين نموذج ألمانيا والاتحاد الأوروبي كأمثلة لكيفية توحيد البلدان، والاتحاد السوفييتي لتوضيح كيف يمكن أن تتفتت دولة ما.

في عام 1992، أكد حزب الكومينتانغ، الذي أسس تايوان، أن كلاً من جمهورية الصين الشعبية وجمهورية الصين قد اتفقتا على وجود "الصين الواحدة"، لكنهما اختلفتا حول ما إذا كانت "الصين الواحدة" هذه تمثلها جمهورية الصين الشعبية، أم جمهورية الصين (تايوان).

الحرب بين الصين وأمريكا
الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس التايواني السابق ما ينج جيو، الذي ينتمي لحزب الكومينتانغ، خلال لقاء بينهما في سنغافورة عام 2015 رويترز أرشيفية
في عام 2008 انتخب ما ينج جيو الذي ينتمي لحزب الكومينتانغ رئيساً لتايوان، ونشأت حقبة جديدة من العلاقات الأفضل بين جانبي مضيق تايوان. وزار مسؤولو حزب الكومينتانغ البر الرئيسي للصين، والتقوا المسؤولين الصينيين في بكين، وتم إنشاء رحلات الطيران العارض المباشر.

في أول اجتماع من نوعه بين الجانبين منذ نهاية الحرب الأهلية الصينية، التقى الرئيس التايواني ما ينج جيو في 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في سنغافورة، وشي هو من تتهمه المصادر التايوانية والغربية حالياً بتنفيذ سياسات قومية متطرفة.

وجد استطلاعٌ للرأي أُجرِيَ في تايوان خلال أغسطس/آب 2022 أن نحو 12% من المشاركين لا يزالون مؤيدين للتوحيد مع الصين. بينما كشفت استطلاعات أخرى أن الرقم يتراوح بين 5% و10%. وتراجع الرقم بالتأكيد على مدار السنوات، لكن يظل هناك قطاعٌ عنيد يقول "نعم للصين"، مما يُشير إلى وجود مجموعة كبيرة من التايوانيين الذين لا يتبنون فكرة الاستقلال مثل بقية مواطنيهم. 

وبعد أزمة زيارة نانسي بيلوسي لتايوان، فاز حزب المعارضة الرئيسي "الكومينتانغ" (Kuomintang)، بانتخابات رئاسة البلديات والمقاطعات، والتي أجريت في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، وحصل الحزب على 13 مقعداً من أصل 21 مقعداً جرى التنافس عليها، بما في ذلك مقعد العاصمة تايبيه.

ولكن بعد ذلك فازت رئيسة تايوان التي تتهم بأنها مؤيدة للاستقلال في انتخابات الرئاسة، علماً بأنها تجنبت الإشارة أو التركيز على هذا المسعى.

ومع ذلك، هناك عامل قد يقلل من احتمال نشوب حرب بين الصين وأمريكا بسبب تايوان، وهو  قناعة شي الظاهرة بأن الوقت لا يزال في صالحه، وذلك وفقاً للأستاذ السابق في جامعة تامكانغ التايوانية لين شونغ بين. حيث تطرق بين إلى قناعة الزعيم الصيني بأن "الشرق آخذٌ في الصعود بينما يهبط الغرب"، واعتبرها دليلاً على اعتقاد شي بأن لديه رفاهية الانتظار.

وأوضح لين أن نهج الصين يعتمد على "الردع العسكري الحدودي" الذي يضغطون بموجبه حتى أقرب مسافةٍ ممكنة، دون اجتياز الخطوط المؤدية إلى الصراع المفتوح مطلقاً. وأردف: "رغم ارتفاع وتيرة عمليات جيش التحرير الشعبي البحرية والجوية بطول مضيق تايوان، وحول الجزيرة، لم نشهد وقوع أي أضرار مادية أو سفك لأي دماء حتى الآن".