السبت 28 أيلول 2024

كيف تؤثر سيطرة تحالف “الشعب الحاكم” البرلمانية على فرص أردوغان بجولة الإعادة للانتخابات الرئاسية؟

النهار الاخبارية - وكالات 

في الوقت الذي حقق فيه حزب العدالة والتنمية إنجازاً فريداً في تاريخ السياسية التركية؛ بنجاحه في حصد أغلبية البرلمان التركي للعام 21 على التوالي، وتفرده بين بقية الأحزاب التركية كافة ببقائه في السلطة في البلاد دون انقطاع طوال هذه المدة، تتركز الأنظار على جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية.

ولا تبرز أهمية نتائج انتخابات البرلمان التركي في استمرار هيمنة العدالة والتنمية على البرلمان، بل تتعداها إلى تأثيرها المحتمل على جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية، وإمكانية أن تتسبب في ميل الكفة أكثر لأحد المرشحين.

يذكر أنه منذ تأسيس الحزب الحاكم في تركيا في أغسطس/آب 2001؛ خاض العدالة والتنمية 6 انتخابات برلمانية؛ حصد الأغلبية البرلمانية فيها جميعاً؛ منذ أول انتخابات خاضها بعد عام من تأسيسه في نوفمبر/تشرين عام 2002؛ إضافة إلى الانتخابات الأخيرة التي جرت في 14 مايو/أيار الجاري.

وبحسب النتائج الأولية للانتخابات البرلمانية التركية، حصد حزب العدالة والتنمية 267 مقعداً مقابل 130 مقعداً لحزب الشعب الجمهوري المعارض؛ فيما حصد حزب الحركة القومية 50 مقعداً؛ وحزب الجيد 45 مقعداً؛ وحزب اليسار الأخضر (الكردي) 61 مقعداً، وحزب الديمقراطية والتقدم 14 مقعداً؛ إضافة إلى 10 مقاعد لحزب المستقبل و10 مقاعد لحزب السعادة، و5 مقاعد لحزب الرفاه من جديد، و4 مقاعد لحزب العمال الكردي؛ و3 مقاعد للحزب الديمقراطي، ومقعد لحزب التغيير.

البرلمان والرئاسة
قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن إن فوز الرئيس التركي بالجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بات محسوماً بعد النجاحات التي تحققت في الانتخابات البرلمانية، وكذلك فارق الأصوات بين الرئيس ومرشح المعارضة التركية كمال كليجدار أوغلو.

وأوضح قالن في حوار مع قناة A HABER أن الجولة الثانية ستكون أسهل؛ لأن الفارق في الأصوات واضح جداً؛ بنحو 5 نقاط، ويقترب من 2.5 مليون صوت، "يبدو أنه لا توجد احتمالية لتعويض هذا الفارق من قبل المعارضة؛ إذا نجحنا في حماية أصواتنا؛ مع توقعات بأن يضيف الرئيس أصواتاً جديدة في الجولة القادمة"، على حد قوله.

من جانبه، قال سميح يلتشين نائب رئيس حزب الحركة القومية إن الأغلبية التي تحققت لتحالف الشعب الحاكم بقيادة الرئيس أردوغان ستسهل كثيراً من فوز الرئيس بالجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في 28 مايو/أيار الجاري.

وأضاف يلتشين في تصريحات تلفزيونية أن تجاوز حزب الحركة القومية لنسبة 10% بهذه الانتخابات سيدفع العديد من القوميين الذي صوتوا لمرشح تحالف الأجداد سنان أوغان في الجولة الأولى إلى العودة إلى صفوف حزبهم من جديد؛ وبالتالي دعم الرئيس أردوغان في الجولة الثانية من الانتخابات القادمة.

عقلية الاستقرار
من جانبه، يرى الباحث التركي باقي لالي أوغلو في حديثه لـ"عربي بوست" أن الناخب التركي لديه نفسية خاصة تجاه السلطة في تركيا، ويرى أن توزع السلطة بين أكثر من حزب قد يدفع هذه الأحزاب إلى التنازع بينها على السلطة، وقيادة البلاد إلى المجهول مثلما حدث في تسعينيات القرن الماضي.

وأضاف لالي أوغلو أن أردوغان قد يحصل على الأغلبية في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بسبب هذه الحالة لدى الناخب التركي والثابتة في علم الاجتماع بأن الناخب التركي يسعى إلى الاستقرار وعدم تنازع السلطات؛ خاصة بعد التجارب التي عاشها من قبل في ظل الحكومات الائتلافية.

ويرى الباحث في الشأن التركي أن حصول العدالة والتنمية وتحالف الشعب الحاكم على الأغلبية المطلقة في البرلمان التركي سيدفع كذلك العديد من ناخبي مرشح تحالف الأجداد سنان أوغان للتصويت لأردوغان بعد التأكد من حصوله على السلطة التشريعية، وبالتالي فإن نسبة الرئيس التركي في الجولة الثانية قد ترتفع إلى أكثر من 50% حال استمرت نسبة المشاركة من قبل الناخبين على قدر الجولة الأولى.

المعارضة: لا يأس
على الجانب الآخر، يرى الكاتب التركي المعارض مراد صابونجي أن نجاح حزب العدالة والتنمية في البرلمان لم يكن على المستوى المأمول، بعد خسارته نحو 6% من أصوات ناخبيه في انتخابات 14 مايو/أيار.

وتابع صابونجي أن انخفاض نسبة العدالة والتنمية في البرلمان التركي؛ كفيل بحمل رسالة إلى الجماهير مفادها أن التغيير يمكن أن يحدث، وأن من تخلى عن الحزب في انتخابات البرلمان يمكنه التخلي عن أردوغان الذي انخفضت أصواته بصورة كبيرة عن انتخابات عامي 2014 و2018، ودخل في جولة إعادة للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية التركية.

وأضاف الكاتب التركي في حديثه لـ"عربي بوست" أن أمل المعارضة في مواجهة أغلبية البرلمان التي حققها تحالف الشعب الحاكم إلى جانب قدرات الدولة جميعها التي تم استخدامها على نطاق واسع في هذه الحملة الانتخابية هي التعاون مع مرشح تحالف الأجداد سنان أوغان.

ويرى صابونجي أن أوغان استطاع وحده وبدون حملات دعائية كبرى وأغانٍ ومسيرات جماهيرية في حصد أصوات نحو مليونين و800 ألف صوت وهي كفيلة لمرشح تحالف الأمة المعارض للفوز بالانتخابات الرئاسية حال استطاع التعاون مع أوغان، ولكن دون الإخلال بتعاونه مع أحزاب الأكراد، وهذه هي المعضلة التي إذا نجحت المعارضة في تجاوزها فسيكون الرئيس 13 لتركيا هو كمال كليجدار أوغلو.

تشريح ثلاثي للانتخابات
من جانبه، يرى الكاتب التركي تولغا شاردان أن نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التركية؛ توحي بوضوح أن أردوغان سيكون سيد المجمع الرئاسي في "بيش تبه" – مقر المجمع الرئاسي في أنقرة- للسنوات الخمس القادمة؛ رغم أن هذا الحديث سابق لأوانه.

وأضاف شاردان في مقال بصحيفة T24 أن حزب الشعب الجمهوري استهان بالانتخابات البرلمانية ولم يتعامل معها بالشكل المناسب؛ ما اضطره لإبقاء عدد من قياداته خارج القوائم الانتخابية؛ على أمل أن يتم تعيينهم وزراء حال فوز كليجدار أوغلو بالانتخابات الرئاسية؛ وهو ما لم يحدث.

وأوضح الكاتب التركي أن الحزب حال خسارته الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية؛ ستكون كتلة الحزب في البرلمان القادم بدون أكبر عدد من قياداتها المؤثرة خلال الفترات الماضية مثل سيلين سايكبوك، أحمد أكين، محرم أركك، إنجين أوزكوتش.

وأضاف شاردان أن أغلبية البرلمان في يد العدالة والتنمية ستعطي أردوغان أفضلية كبرى، وأنه ينبغي على المعارضة الاستعداد من الآن لذلك وترتيب أوراقها وفق الوضع الحالي، والبحث عن القيادات القادرة مستقبلاً على هزيمة العدالة والتنمية الذي انخفضت نسبة التصويت له بنسبة 6%، وكذلك أردوغان الذي انخفض التصويت له بنسبة 3% من أصوات الناخبين.

أهمية البرلمان
بحسب النظام الرئاسي في تركيا، يُمكن لرئيس الجمهورية إصدار مرسوم بقانون، ولكن في المقابل بإمكان البرلمان التركي إصدار قانون آخر في نفس الموضوع، وعندها سيكون قانون البرلمان هو الأكثر قوة في مواجهة مرسوم الرئيس الذي سيكون بلا جدوى، ويجب على رئيس الجمهورية نشره في الجريدة الرسمية.

وبينما يُمكن لرئيس الجمهورية التركية إعلان حالة الطوارئ؛ ورغم ذلك؛ يجب على البرلمان التركي قبول حالة الطوارئ. بعبارة أخرى، يمكن للبرلمان، الذي تمثل أغلبيته في المعارضة (حال حدوث ذلك)، منع الرئيس من استخدام سلطة إصدار حالة الطوارئ.

بإمكان أغلبية البرلمان تعديل دستور البلاد شرط موافقة ثلثي أعضاء البرلمان البالغ عدده 600 عضو، وإن لم يحدث ذلك في التصويت الأول فيمكن للأغلبية تعديل الدستور بموافقة 360 عضواً في التصويت الثاني. وفي حال حصول المعارضة على أغلبية البرلمان فيمكنها وقف ومعارضة كل قرارات الرئيس.