احمد صلاح عثمان – قسم التحليل
خلفية تاريخية وفكرية
منذ انتصار الثورة الإيرانية عام 1979، بدأت طبقات واسعة من "الإسلام السياسي" في العالم الإسلامي تنظر إلى التجربة الإيرانية بإعتبارها نموذجًا ناجحًا لتأسيس دولة إسلامية
ورغم الفوارق المذهبية بين التشيع الإيراني والسنيّة التي يمثلها الإخوان فإن بعض مفكري الإخوان ــ كما وثّق في بعض التقارير اعتبروا في السنوات الأولى من الثورة أن "جمهورية ولاية الفقيه" تمثل طريقًا ممكنًا لنهوض إسلامي شامل
هذا التلاقي الفكري فتح الباب لعلاقات غير معلنة، تستند إلى "أعداء مشترَكين"، أهمهم: النفوذ الغربي في العالم الإسلامي، وخيار التطبيع مع إسرائيل.
مصالح سياسية وأمنية
مواجهة النفوذ الغربي والإسرائيلي دفع كِلا الطرفين أن يرى في الصراع مع الغرب وإسرائيل مشروعًا مشتركًا — الإخوان كحركة سياسية مقاومة للأنظمة الداعمة للغرب، وإيران كدولة مقاومه.
وعلى رغم سيطرة إيران على الساحة الشيعية، فإن ربطها بجماعة تتمتع بإنتشار واسع في العالم السني يمنحها ورقة نفوذ إضافية، خصوصًا عبر فروع ذات حضور كبير في دول عربية.
إذن ايران تحتاج الى ورقه عبور سنيه لإيصال نفوذها إلى جمهورعربي أوسع وهو ما لا يمكن أن توفره لها الجماعات الشيعيه المرتبطه بها لذلك فان حركة الاخوان المسلمين تمثل لإيران تلك الرافعه والواجهه العملية .
من وجة نظر إستخبارتيه إن هذا النوع من التحالفات غير الرسميه يتيح لإيران إستخدام الغطاء الدينى الاجتماعي ويعزز وجودها فى مجتمعات ذات أغلبيه سنيه بشكل سهل وسلس .
لذلك فإن إي إعتماد مفرط على إيران وحدها قد يُضعف من إستقلاليتها ويجعلها عرضه للأستهداف الداخلى والخارجي والدولي لذلك التحالف مع حركة الاخوان المسلمين يعطي اكثر شرعيه فى مواجهة اسرائيل والعالم الغربي المتحالف معها.
ولكن ماذا اذا فشل المشروع الايراني الاخوانى وتحميل الاخوان تحميل تبعات النزاعات الاقليمه هل ستحمل ايران هذا الفشل للجماعه ؟؟
تحالف مصلحة هش بقياسات متناقضة:
العلاقة إن صحّ أن نسميها تحالفًا بين الإخوان وإيران، ليست مبنية على انصهار أيديولوجي بل هي عقد موّقت قائم على المصالح المشتركة: مقاومة النفوذ الغربي مع رفض التطبيع مع اسرائيل واستثمار النفوذ المجتمعي لصالح ايران .
ولكن الفوارق العقائدية والمصالح الوطنية المختلفة تجعل هذا "التحالف" هشًّا، قابلًا للانفجار وغير مضمون النتائج.
في هذا المناخ، لن يكون الفوز لأحد الأطراف وحده بل لآخر من يعرف كيف يُوظّف هذا التداخل بين الأيديولوجيا، السياسة والأمن من أجل مكتسب دائم.
والإخوان رغم ما لديهم من فعالية وتنظيم عليهم أن يوازنوا بين "التحالف الاستراتيجي" وبين "الهوية العقائدية.
غطاء أيديولوجي مرن:
لا يمكن ان تتطابق القراءة الفقهية للإخوان مع نظريات ولاية الفقيه لكن المشتركات في الخطاب ضد الهيمنة الغربية والتشبّع بالخطاب المقاوم وفّرت أرضية للتعاون غير الرسمي غالبًا في سرّ بينهما.
مع ذلك، علاقة الإخوان وإيران ليست تحالفًا صادقًا أو دائمًا:
- التباين المذهبي بين السني والإيراني الشيعي يولّد حذرًا دائمًا. كثير من الفروع الإخوانية — خاصة في بعض الدول كـ سوريا — أعلنت رسميًا رفضها لأي محاولات "التحالف مع إيران" رغم تشابه الأهداف
- الإخوان يعتمدون في أغلب دول العالم على العمل السياسي والتنظيمي داخل النظام ــ أو على الأقل ضمن معادلة قانونية بينما إيران تميل إلى "التصدير الثوري" والدعم المسلح ما يجعل التعاون معقدًا وله مخاطر عالية، خاصة من حيث التبعية والاستقلالية التنظيميه.
لماذا هذا "التحالف" يفرض نفسه الآن سياسياً وأمنياً؟
في المشرق العربي وفلسطين، التوترات والصراعات المتجددة تمنح للإخوان وإيران مساحة مشتركة في "محور المقاومة" وهذا يرفع رهان الطرفين على التنسيق، خصوصًا بعد تراجع الدعم الشعبي للإسلام السياسي المعتدل في كثير من الدول.