الجمعة 4 تشرين الأول 2024

ناشونال إنترست: تركيا لن تكون حصناً ضد روسيا وإيران


كتب مايكل روبن في موقع مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، أنه منذ عقود صارت تركيا حليفاً قوياً لواشنطن إبان الحرب الباردة، وهي واحدة من بين عضوين في حلف شمال الأطلسي كانا يحدان الإتحاد السوفياتي، وذهبت تركيا بعيداً في شراكتها مع الولايات المتحدة.
عندما عين أردوغان عام 2010 حقان فيدان رئيساً للإستخبارات، فإن أجراس الإنذار قرعت في العواصم الغربية لأن نظراءه الغربيين يعرفون عنه تعاطفه مع إيران إن لم يكن وديعة إيرانية بحد ذاتهوساهمت أنقرة بجنود للحلف أكثر من ألمانيا وفرنسا مجتمعتين. وانضمت تركيا إلى حلف بغداد، وقاتل الأتراك إلى جانب الولايات المتحدة في الحرب الكورية. وخلف الكواليس، لعبت تركيا دوراً أساسياً في عدد من عمليات التجسس ومكافحة الإرهاب.
ومع انتهاء الحرب الباردة، بقيت العلاقات الثنائية قوية، على الأقل حتى تولي رجب طيب أردوغان رئاسة الوزراء. وببطء لكن عن تصميم، أخذ أردوغان بالإبتعاد عن الغرب. واختار القتال، واثقاً من أنه سيجد سفراء سابقين وآخرين في وزارة الخارجية والبيت الأبيض ومراكز الأبحاث المدفوعة الأجر، ممن يؤيدون سياساته. ولعب بمهارة وكافأ أولئك الذين يميلون إلى تبرير أي غضب تركي أو يريدون الحفاظ على التحالف بأي ثمن. ومع وصول إدارات أمريكية جديدة-على الأقل مقارنة بالعقدين الأخيرين في تركيا- فإن هذا يعني أن أردوغان كان بإمكانه دائماً العثور على مسؤول أمريكي راغب في إعادة ضبط العلاقات. ومراراً، يجادل الساعون إلى تعزيز التقارب مع تركيا، بأن إصلاح العلاقات ضروري من المنظور الإستراتيجي الأوسع لمواجهة الطموحات الجيوسياسية لروسيا وإيران.
فقاعة اسطنبول
 ورأى الكاتب أن الفكرة القائمة على أنه يمكن تركيا تشكيل حصنٍ ضد روسيا وإيران، هي فكرة سحرية. إذ انها تستند إلى فقاعة اسطنبول ولا تمثل التفكير التركي الأوسع، وتعتبر قبولاً شاملاً لفكرة أن وصف تركيا لأعدائها وسرديتها للتاريخ، هي مسألة دقيقة، فضلاً عن فكرة عفا عليها الزمن تقوم على أن تركيا لم تتغير على مدى عقود.
ولعل فكرة تتجاهل الإيديولوجيا والتقلبات التي زرعها أردوغان في المجتمع التركي، مماثلة لفكرة تأييد الإصلاحيين الإيرانيين علهم يحدون من نفوذ القائد الأعلى. وعلى نحوٍ مماثل، فإن الإعتقاد بأن عقدين من الأردوغانية لم يغيرا المجتمع التركي، مشابه للإعتقاد بأن عشرين عاماً من الخمينية لم تغير إيران. لكن كلا الحالتين مجرد أوهام.
ولنأخذ مثلاً فكرة أن تركيا ستقف في وجه روسيا. ففي 10 مايو (أيار) 2010، وقعت روسيا وتركيا اتفاقات تعاون في مجال الطاقة من أجل حصول أنقرة على أول مفاعل نووي، بمساعدة شركات الطاقة الروسية. وفي أوائل هذا العام، احتفل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وأردوغان معاً ببدء بناء مفاعل أكيويو الجديد.
وبات مثل هذا التعاون القاعدة أكثر مما هو استثناء. واشترت تركيا من روسيا صواريخ إس-400، ليس لأن العقد مغرٍ وإنما لأن دمج هذه الصواريخ بنظام الدفاع الجوي التركي، يتطلب تسليم شيفرة إلكترونيات وكومبيوترات حلف الأطلسي للمهندسين الروس. وحتى لو أبقت تركيا الصواريخ على نظام منفصل، فإنه يمكن استخدامها لتعقب وجمع بيانات برامج حلف الأطلسي.
وفي 2016، وقع البلدان اتفاق أنبوب الغاز تورك ستريم وفي 8 يناير (كانون الثاني) 2020، بدأ العمل به.
وفي 24 يناير 2017، وقعت روسيا وتركيا وإيران اتفاقاً لإنشاء مناطق خفض التصعيد في سوريا والتعاون لإيجاد مناطق نفوذ في سوريا.
حصن ضد النفوذ الإيراني
وعلى نحوٍ مشابه، يبدو من قبيل المهزلة الإعتقاد أن تركيا يمكن أن تقف حصناً ضد النفوذ الإيراني. وعندما عين أردوغان عام 2010 حقان فيدان رئيساً للإستخبارات، فإن أجراس الإنذار قرعت في العواصم الغربية لأن نظراءه الغربيين يعرفون عنه تعاطفه مع إيران إن لم يكن وديعة إيرانية بحد ذاته.
وتواصل تركيا فرش السجاد الأحمر لأولئك الذين يصدقون سرديتها وتقدم مظلات ذهبية لديبلوماسيين يقدرون مصالحها. وعلى العكس، فإنها تقيد الوصول لأكاديميين ومحللين سياسيين لا يتفقون معها. وعلى رغم ذلك، فإن هذا الإغراء ليس عديم النزاهة من الناحية الفكرية، لكن يترتب عليه وصفات سياسية مسيئة، وبينها بشكل رئيسي الفكرة التي تقول بأن تركيا يمكن أن تكون حصناً ضد روسيا وإيران.