الأحد 24 تشرين الثاني 2024

مصر وتركيا.. علاقات اقتصادية لم تتأثر برياح الخلافات السياسية


بالرغم من استمرار الشقاق السياسي بين مصر وتركيا، لا سيما حول ليبيا كما يتضح من مؤتمر برلين الثاني الذي عقد في 23 يونيو/حزيران، إلا إن القاهرة تظل أكبر شريك تجاري لأنقرة في القارة الأفريقية.

وفي مؤتمر صحفي في 25 يونيو/حزيران في أنقرة، وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية "تانجو بيلجيتش" هذه العلاقات بأنها حاسمة لاستقرار وازدهار المنطقة، قائلًا إن مصر هي أكبر شريك تجاري لتركيا في أفريقيا.
وقال "بيلجيتش": "نعلق أهمية كبيرة على العلاقات التاريخية والثقافية المشتركة بين شعبينا، كما حدث مؤخرا من خلال إنشاء مجموعة صداقة بين البلدين في البرلمان التركي". وأضاف: "تركيا تسعى إلى زيادة نقاط الاتفاق بشأن القضايا الثنائية والإقليمية وتطوير تفاهم مشترك مع مصر".

وبلغ التبادل التجاري بين البلدين 4.675 مليار دولار العام الماضي، بحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر.
وفي مقابلة مع وكالة "الأناضول" في 7 أبريل/نيسان، أعرب رئيس جمعية رجال الأعمال الأتراك والمصريين، "أتيلا أتاسفين"، عن استعداد تركيا لزيادة حجم التجارة مع مصر بـ4 أضعاف.
تقارب دبلوماسي
وقال وزير الخارجية المصري "سامح شكري" في تصريحات متلفزة في 25 يونيو/حزيران إن المحادثات الاستكشافية بين القاهرة وأنقرة تم تعليقها الآن، وأنه لم يتحدد موعد بعد لزيارة وفد من القاهرة لأنقرة من أجل استئناف الحوار.

وأضاف: "نتوقع أن تستند العلاقة المصرية التركية إلى المبادئ التي تحكم علاقات دولية مستقرة، بما في ذلك عدم التدخل في الشؤون الداخلية وحسن الجوار بعيدا عن أي نشاط يهدف إلى زعزعة استقرار أي دولة أخرى".
وأوضح "شكري" أن "هناك تمثيلًا دبلوماسيًا متبادلًا على مستوى القائمين بالأعمال الذين يجرون حوارًا سياسيًا طبيعيًا".
وفي مارس/آذار، أعلنت تركيا عن استئناف اتصالاتها الدبلوماسية مع مصر، كما طلبت السلطات التركية من وسائل الإعلام المصرية المعارضة، التي تبث من الأراضي التركية، تخفيف لهجتها تجاه النظام المصري.
وفي 5 و6 مايو/أيار، عقد وفد تركي يرأسه نائب وزير الخارجية "سادات أونالي" محادثات استكشافية في القاهرة مع المسؤولين المصريين بقيادة نائب وزير الخارجية "حمدي لوزا"، في زيارة هي الأولى من نوعها منذ عام 2013، عندما جرى الإطاحة بالرئيس المصري "محمد مرسي".

التجارة لم تتأثر بالخلافات
وقال مساعد وزير الخارجية المصري السابق "حسن هريدي" لموقع "المونيتور" إن التجارة بين مصر وتركيا لم تتأثر بالاختلافات السياسية في السنوات الأخيرة، وأنه من الطبيعي أن تكون القاهرة أكبر شريك تجاري لأنقرة في أفريقيا بالنظر إلى سهولة الاتصال والحركة بين البلدين".
وأضاف "هريدي" أن تركيا تسعى إلى دور أوسع في أفريقيا، ومن مصلحتها زيادة التبادل التجاري مع مصر، التي تعد دولة محورية في كل من أفريقيا والشرق الأوسط.
ولدى سؤاله عن النزاع السياسي بين البلدين بشأن ليبيا، قال "هريدي" إن "وجود القوات التركية في طرابلس يشكل تهديدا للأمن القومي المصري والعربي، وهو ما أعرب عنه المشاركون في مؤتمر برلين، وأضاف أن هناك توافقًا دوليًا بشأن الحاجة إلى إخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2510".
وأكد "بشير عبدالفتاح"، وهو باحث في الشؤون التركية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الاختلافات بين البلدين تمنع أي تطور أو زيادة في التبادل التجاري بالرغم أن العلاقات الاقتصادية تتواصل بشكل معقول".
الطفرة الدبلوماسية مستبعدة
ورأى "عبدالفتاح" أنه "بالرغم من تصريحات المسؤولين الأتراك حول التقارب مع مصر، فإن الأتراك لم يفعلوا شيئا لتحسين العلاقات، ولا يكفي فقط إغلاق المنصات الإعلامية".
وقال: "لا أتوقع طفرة في العلاقات السياسية بين مصر وتركيا طالما أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في منصبه، لكننا قد نشهد تقاربًا بعد مغادرته بشأن مختلف الملفات، بما في ذلك ليبيا وسوريا والعراق".
كما استبعد "عبدالمنعم سعيد" عضو مجلس الشيوخ المصري، إجماعا سياسيا بين مصر وتركيا على المدى القريب. ومع ذلك، فقد قال لموقع "مونيتور" إن ذلك لا يعرقل الحوار المستمر بين المسؤولين في البلدين.

واعتبر "سعيد" أن تعزيز التجارة والتعاون الاقتصادي في المستقبل يمكن أن يكون أساسا لتحسين العلاقات السياسية.

ولفت "عادل عامر"، الخبير الاقتصادي ورئيس المركز المصري للدراسات السياسية والاجتماعية، إلى أن الاقتصاد التركي والمصري من بين أكبر الاقتصادات في الشرق الأوسط، لذلك فإن التعاون بين البلدين له أهمية قصوى لاستقرار المنطقة.

المصدر | محمد حنفي/ المونيتور