السبت 23 تشرين الثاني 2024

مشروع قانون لتقييد الإنترنت في إيران قد يغلق المُتنفس الوحيد للتجارة


النهار الاخباريه- وكالات 
تجددت المخاوف من احتمال طرح مشروع قانون أمام البرلمان الإيراني بدعم من حلفاء الرئيس المتشدد الجديد إبراهيم رئيسي، مما سيقيد الوصول إلى الإنترنت للإيرانيين بشكل أكبر. وبحسب "واشنطن بوست"، يمكن أن يكون "إنستغرام" هو التالي على كتلة التقطيع الإيرانية، مما سيكون له أخطار كبيرة على المجتمع والتجارة. ويعد "إنستغرام" أشهر مواقع التواصل الاجتماعي في إيران وواحداً من المواقع القليلة التي لم تحجبها حكومة تسعى جاهدة إلى السيطرة على الكلام وتدفق المعلومات، وتفضل السلطات الإيرانية دفع المستخدمين إلى مواقع غالباً ما تكون في ركن الإنترنت الخاص بإيران، والتي يسهل تنظيمها ومراقبتها.
أجبرت جائحة كورونا الإيرانيين على التسوق عبر الإنترنت مما زاد من تعطيل الاقتصاد المتضرر بالفعل من العقوبات الأميركية والبطالة المرتفعة والتضخم، واستمر كثير من تجارة البلاد عبر الإنترنت، وأصبحت الشركات والمعلنون والمستهلكون يعتمدون بشكل كبير على "إنستغرام".
في الوقت نفسه، دفع المشرعون المحافظون دفعة جديدة لتشريع يلزم شركات وسائل التواصل الاجتماعي الأجنبية بالخضوع لقواعد ملكية البيانات الحكومية الإيرانية، بدءاً من الفترة التي تسبق تنصيب رئيسي يوم الخميس 5 أغسطس (آب). وحذرت جماعات حقوق الإنسان من أن رئيسي، الرئيس السابق للقضاء الإيراني، يمكن أن يشرف على مزيد من تقليص الحريات.
حجب شركات التواصل الاجتماعي الكبرى
ومن شأن مشروع القانون الذي يشق طريقه عبر البرلمان أن ينقل السيطرة على الإنترنت بعيداً من الحكومة المدنية، ويضعها تحت سلطة القوات المسلحة الإيرانية، ومن شأن التشريع أن يحظر شركات التواصل الاجتماعي الكبرى التي لن تكون قادرة على إكمال التسجيل المطلوب في إيران بسبب العقوبات الأميركية.
العديد من الإيرانيين الذين وقّع مئات الآلاف منهم على عريضة تعارض الإجراءات الجديدة لديهم سبب يدعو إلى القلق، فقد فتحت التجارة الإلكترونية عبر "إنستغرام" الأبواب لهم حتى في الوقت الذي أغلق فيه فيروس كورونا مصادر التسوق التقليدية في البلاد.
وقال مهشيد (38 عاماً) وهو مدرس سابق للغة الإنجليزية حين تحدث للصحيفة، مثل جميع الإيرانيين الذين تمت مقابلتهم في هذه القصة شرط استخدام اسمه الأول وحسب، إن "حظر إنستغرام سيكون ضاراً بالاقتصاد بأكمله وبالنسبة إلي شخصياً". وأضاف، "لدي ابنة تبلغ من العمر أربع سنوات وأعيش مع والدتي البالغة من العمر 75 عاماً، لذلك لا يمكنني المخاطرة بالخروج في هذا الوباء كثيراً". وتابع، "نحصل على كثير من حاجاتنا من خلال هذه المنصة، من الأطباء إلى المعلمين إلى السلع المنزلية".
لطالما كان هناك تذمر من أن المتشددين سيحاولون حظر البرنامج، في حين أن السياسيين الذين يُنظر إليهم على أنهم إصلاحيون براغماتيون، بقيادة الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، عارضوا الحظر التام. وفي أواخر يناير (كانون الثاني) استدعى القضاء محمد جواد آذري جهرمي وزير الاتصالات في حكومة روحاني لإخفاقه، بحسب ما ورد، في الامتثال لأمر المجلس الأعلى للفضاء الإلكتروني في إيران بتقييد "إنستغرام"، في حين تعرض كثير من مستخدمي البرنامج للرقابة والسجن بسبب المحتوى الذي ينشرونه على المنصة، ومع ذلك ينشط العديد من القادة الإيرانيين، بما في ذلك المرشد الأعلى للبلاد آية الله علي خامنئي، على "إنستغرام" والمنصات المحظورة بما في ذلك "تويتر" و"تيليغرام" و"فيسبوك".
سيمنع المسؤولين من امتلاك حسابات
قانون الحظر قيد النظر حالياً، وفي حال تم سنّه سيمنع المسؤولين الحكوميين من امتلاك حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي المحظورة، كذلك سيمنع الإيرانيين من بيع أو توزيع الشبكات الخاصة الافتراضية، أو الشبكات الخاصة الافتراضية (في بي إن)، وهي طريقة رئيسية للوصول إلى الخدمات المحظورة مثل "تويتر" و"فيسبوك"، وتجاوز الرقابة الأخرى عبر الإنترنت.
من الصعب جمع الأرقام الدقيقة، ولكن من خلال حسابات الحكومة فإن مليون شخص على الأقل يستمدون رزقهم من "إنستغرام"، وهذا العدد آخذ في الازدياد بحسب ما قال نائب وزير الاتصال الإيراني أمير نظامي للخدمة الإخبارية التي تديرها الدولة "إرنا" في وقت سابق من هذا العام، في حين أن حوالى 28 في المئة من صفحات "إنستغرام" الإيرانية مرتبطة بالأعمال التجارية، وهي ثاني أكبر مجموعة بعد الترفيه.
ووفقاً لتقدير آخر، فإن 58 في المئة من الشركات عبر الإنترنت في إيران تستخدم "إنستغرام" مقارنة بنسبة 11 في المئة على "تيليغرام" وتسعة في المئة على "فيسبوك".
البديل "سروش" الإيراني
قالت شادي (35 عاماً) وهي مهندسة وصاحبة شركة تموين في طهران، إنها تشعر بالقلق بعد أن أجبر الفيروس العملاء على إغلاق مقاهيهم وتعطيل سلاسل التوريد، لكنها شهدت منذ ذلك الحين زيادة في عدد عملاء "إنستغرام"، وتحقق الآن حوالى 90 في المئة من مبيعاتها على المنصة على حد قولها.
وكان الإيرانيون واجهوا مثل هذا الازدهار إلى جانب حالة عدم اليقين من قبل، ففي مايو (أيار) 2018، حظرت إيران تطبيق "تيليغرام" للمراسلة الذي كان حتى ذلك الحين الأكثر شعبية في البلاد ومنصة الذهاب إلى الأعمال. ولا يزال "تيليغرام" يستخدم على نطاق واسع في إيران، على الرغم من الحظر من طريق الوصول إلى (في بي إن)، لكن "تيليغرام" لم يسترد دوره بالكامل كمحرك اقتصادي، وبدلاً من ذلك روجت الحكومة لتطبيقها الخاص الأقل شهرة وهو "سروش"، وحتى الآن لم يُصدر الزعيم الإيراني بديلًا عن "إنستغرام".
وقالت شادي إنها لا تثق في منصات الإنترنت التي تدعمها الحكومة الإيرانية بسبب مخاوف الرقابة، ولكن إذا حظرت الحكومة "إنستغرام" وأطلقت البديل الخاص به، فمن المحتمل أن تتحول إليه من أجل البقاء الاقتصادي. وأضافت، "لقد توقعت أن يظل الشباب على إنستغرام عبر شبكات في بي إن، لكن العملاء الأكبر سناً سيهاجرون إلى النظام الأساسي الجديد".
في كلتا الحالين، يظل عدم الاستقرار السياسي في البلاد وسرعات الإنترنت المنخفضة عبئاً مستمراً لأولئك الذين يستخدمون التطبيق، على حد قولها.
وقالت، "لقد حدث مرات عدة أننا ندفع مقابل إعلان من أحد المؤثرين، وقاموا بالإعلان في التاريخ المتفق عليه، ولكن يتزامن ذلك مع بعض الاضطرابات السياسية في إيران أو غيرها من الأعذار التي تمنع بها الحكومة سرعة الإنترنت أو تقللها".
وكانت إيران أوقفت الوصول إلى الإنترنت خلال احتجاجات ضخمة مناهضة للحكومة استمرت لمدة أسبوع في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، قتلت خلالها قوات الأمن حوالى 300 شخص وفقاً لمنظمة العفو الدولية، وعندما تم قطع الوصول إلى الإنترنت ظلت التطبيقات والمواقع المحلية في إيران قابلة للوصول.
وقال مهرناز (31 عاماً) ويمتلك شركة ملابس في مدينة رشت الإيرانية ولديه أكثر من 100 ألف متابع على "إنستغرام"، إنه اضطر في السابق إلى إعادة بناء علامته التجارية وقاعدة عملائه بعد أن فقد 11 ألف متابع على "تيليغرام" عندما تم حظره، ولقد حافظ على نشاطه التجاري على قيد الحياة خلال الوباء من خلال نقله بالكامل إلى "إنستغرام" بعد أن أُجبر على إغلاق متجره، ومع ذلك فإنه لا يزال حريصاً على الصور التي ينشرها ولا تتضمن عارضات أزياء لتجنب انتباه الشرطة الإلكترونية الإيرانية، على حد قوله. وقال، "لقد اعتاد عملاؤنا العثور على ما يحتاجون إليه أو يعجبهم من خلال هذه المنصة وطلبها"، وأضاف أن من شأن حظر "إنستغرام" أن يتسبب في "ضرر كبير".