الأحد 24 تشرين الثاني 2024

ما هي فرص الاستثمار بين مسقط والرياض؟


عادت العلاقة بين السعودية وعُمان إلى الازدهار مجدداً، وفق ما توحي به المبادرات المتبادلة بين الطرفين، ومنها إنشاء منفذ بري مباشر يختصر المسافة بين البلدين بأكثر من 800 كيلومتر، إضافة لتأسيس مجلس تنسيقي.
لكن الأبرز في تطور العلاقات بين الجانبين كان الزيارة التي قام بها سلطان عُمان هيثم بن طارق إلى السعودية، والتي توحي بتطلع أوسع لتكامل اقتصادي، والاستفادة من المرافق الطبيعية والمنشآت والموانئ في كلا البلدين، وخاصة في عمان، وإقامة المنطقة الصناعية السعودية على الأراضي العمانية عند المنفذ الحدودي بين البلدين.
وتتجه بوصلة العلاقات السعودية العُمانية في هذه المرحلة التاريخية إلى آفاق أرحب من العمل المشترك والاستثمار في المقدرات الوطنية كقيمة مضافة في مختلف المجالات، وهو الذي يضع تساؤلات عن أبرزها.

زيارة هامة واتفاقيات
استقبلت المملكة، في 11 يوليو، سلطان عُمان، في أول زيارة رسمية خارجية منذ توليه مقاليد الحكم خلفاً للسلطان الراحل قابوس بن سعيد، والتقى خلالها بالملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده محمد بن سلمان.
وفي إطار الزيارة، تم التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن إنشاء مجلس التنسيق العماني السعودي المشترك بين حكومتي البلدين، كما اتفقا على توجيه الجهات المعنية للإسراع في افتتاح الطريق البري المباشر والمنفذ الحدودي الذي سيُسهم في سلاسة تنقّل مواطني البلدين وتكامل سلاسل الإمداد في سبيل تحقيق التكامل الاقتصادي المنشود بين البلدين الشقيقين.
وأكد الجانبان عزمهما على رفع وتيرة التعاون الاقتصادي بين البلدين من خلال تحفيز القطاعين الحكومي والخاص للوصول إلى تبادلات تجارية واستثمارية نوعية تحقّق طموحات الشعبين وتساهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 ورؤية عُمان 2040، وعبر إطلاق مجموعة من المبادرات المشتركة، والتي تشمل مجالات تعاون رئيسة منها الاستثمارات في منطقة الدقم، والتعاون في مجال الطاقة، بالإضافة إلى الشراكة في مجال الأمن الغذائي، والتعاون في الأنشطة الثقافية والرياضية والسياحية المختلفة.

واتفقا على توجيه الجهات المعنية للقيام بدراسة فرص الاستثمار المتبادل بينهما في التقنيات المتطورة والابتكار ومشاريع الطاقة والطاقة المتجددة والصناعة، والمجال الصحي والصناعات الدوائية، والتطوير العقاري، والسياحة، والبتروكيماويات، والصناعات التحويلية، وسلاسل الإمداد والشراكة اللوجستية، وتقنية المعلومات والتقنية المالية التي تعود بالنفع على البلدين.

فرص الاستثمار
في تصريح قبيل زيارة سلطان عُمان إلى السعودية بساعات، قال وزير التجارة السعودي ماجد القصبي، إن العلاقات التجارية بين الرياض ومسقط تشهد تطوراً، مشيراً إلى أن مجلس الأعمال سيترجم الفرص الاستثمارية إلى شراكات ملموسة.
وشدد القصبي، في تصريح صحفي بمناسبة الزيارة على عمق ومتانة العلاقات الثنائية بين السعودية وسلطنة عُمان في المجالات كافة، وخاصة المجال التجاري، الذي يشهد تطوراً ملحوظاً نتيجة لرؤيتي البلدين الطموحتين، وحجم التبادل التجاري المتنامي.
وأوضح أن الزيارات المشتركة لكبار المسؤولين تعبّر عن الرغبة الجادة لتكريس الجهود وبناء شراكات استراتيجية قوية في مختلف المجالات لخدمة البلدين والشعبين، والارتقاء بحجم التبادل التجاري بين البلدين، الذي بلغ أكثر من 58.6 مليار ريال (22.820 مليار دولار) خلال السنوات الست الماضية.
وأكد الوزير السعودي أن قيادتي البلدين حريصتان على تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية، وتعزيز التعاون المشترك من خلال مجلس الأعمال السعودي العماني، الذي سيسهم في ترجمة الفرص التجارية والاستثمارية إلى شراكات ملموسة.
ازدهار العلاقات الاقتصادية
يرى الصحفي العُماني علي المطاعني أن كل السبل ممهدة لأن تزدهر العلاقات الاقتصادية بين السلطنة والمملكة العربية السعودية، "لكي تضاعف من الروابط التي تجمع بين البلدين والشعبين الشقيقين".
ويعتقد أن إعلان تأسيس مجلس للتنسيق الاقتصادي للإشراف على التعاون الاقتصادي بين الجانبين، "هو السبيل الأنجع لتطوير هذه العلاقات إلى ما نتطلع إليه جميعاً، والأداة الأهم التي بإمكانها تقييم ما وصلت إليه مجالات التعاون بين البلدين".
ويضيف لـ"الخليج أونلاين" قائلاً: "التعاون الاقتصادي بين السلطنة والسعودية ‏موجود، ويشهد تطوراً ملموساً في العديد من المجالات ويتمثل في الاستثمارات السعودية بوجود نحو 1079 شركة سعودية حتى نهاية 2020".

ويؤكد أن الطريق المباشر بين السلطنة والمملكة والذي سوف يختصر المسافة بين البلدين بأكثر من 800 كم، مقارنة مع الطريق الحالي الذي يبلغ طوله 1638 كم، سيسهم في تفعيل الأنشطة الاقتصادية وتسهيل الحركة بين البلدين وزيادة التبادل التجاري والسياحي إلى مستويات تتواكب مع تطلعات أبناء السلطنة والمملكة.

ويضيف: "الاستفادة المتبادلة في المجالات الاقتصادية بين البلدين ربما تكون عنوان التعاون في المرحلة القادمة، خاصة أن المملكة تعد أكبر الدول الاقتصادية في الشرق الأوسط، وتمتلك قواعد اقتصادية متنوعة وتنفذ رؤية 2030، التي تتوافق مع ما تطبقه السلطنة برؤية عمان 2040؛ ومن ثم فمسار البلدين للتنويع الاقتصادي يلتقيان في العديد من الجوانب التي من شأنها أن تدفع بهذا التعاون إلى ما يتطلع إليه الجميع".

ويشير المطاعني إلى أن "الكرة في ملعب القطاعين العام والخاص لتفعيل الاتفاقيات التي تم توقيعها خلال زيارة السلطان هيثم، والاستفادة من زخم العلاقات وتوظيفها بشكل أفضل مما هي عليه، والعمل بتسارع تفرضه مقتضيات المرحلة وظروفها الاقتصادية والصحية".
التبادل التجاري 
بلغ حجم الاستثمارات العُمانية المرخصة في السعودية أكثر من 318 مليون ريال (74.780 مليون دولار).
وتأتي السعودية في المرتبة الـ7 ضمن الدول المصدرة إلى عُمان، في حين تأتي مسقط في المرتبة الـ19 في قائمة الدول المصدرة إلى المملكة.

والعام الماضي، بلغ إجمالي حجم التبادل التجاري بين المملكة وعمان 3.36 مليارات دولار، شملت منتجات الحديد والصلب ومنتجات كيميائية عضوية.
فيما بلغت قيمة الصادرات السعودية غير النفطية إلى السلطنة 1.16 مليار دولار، شملت منتجات معدنية ومصنوعات من الحديد أو الصلب والأغذية. 

وكانت وكالة الأنباء السعودية قالت إن "من أهم المكتسبات للبلدين الجارين على المدى القريب استكمال مشروع المنفذ البري الرابط بين المملكة وعُمان، ليسهم بعد افتتاحه في تسريع وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين، لاختصاره نحو 800 كم من زمن الرحلة".

ومن المنتظر أن يفتح الطريق قريباً المجال أمام حركة البضائع من المملكة مروراً بالطرق البريّة في السلطنة وصولاً إلى موانئها، ومنها تصدّر لمختلف دول العالم.
تنسيق متسارع
وبدأت المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان مؤخراً بحث تعزيز العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري في ظل الفرص الاستثمارية والخطط الجديدة التي يطرحها البلدان لدعم الاقتصاد المحلي وتنويع مصادر الدخل.

وفي يونيو الماضي، أجرى وفد عُماني برئاسة وكيلة وزارة التجارة أصيلة بنت سالم الصمصامية، مشاورات موسعة مع وزيري التجارة والاستثمار السعوديين، ومع اتحاد الغرف التجارية بالمملكة، بهدف إيجاد مساحات مشتركة لتعزيز التبادل التجاري والشراكة الاقتصادية في عدد من المجالات.
ويسعى البلدان في إطار رؤية السلطنة 2040 ورؤية المملكة 2030 لتنويع مصادر الدخل وتعزيز فرص الاستثمار الأجنبي، وتقديم مزيد من التسهيلات لجذب رأس المال الخارجي.
وسعياً لتعزيز حجم الاستثمارات بين البلدين عقد وزير التجارة العُماني، قيس اليوسف، اجتماعاً مرئياً (الثلاثاء 1 يونيو) مع وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، حيث بحث المسؤولان فرص الاستثمار المتاحة بين البلدين.
وقال التلفزيون العُماني إن الجانبين ناقشا المشروعات القابلة للاستثمار المشترك في إطار رؤيتي 2030 و2040.