تستعد ليبيا لأسبوع بالغ الأهمية على مسار تحديد مصير العملية السياسية وخريطة الطريق التي رُسمت برعاية دولية لتخرج البلاد من أزمتها التي تجاوزت عامها العاشر. ويفترض أن يشهد هذا الأسبوع حسم ملفات مهمة أثارت خلافات عدة بين أطراف الحوار السياسي خلال الفترة الماضية، وهي اعتماد القاعدة الدستورية للانتخابات ومرور الموازنة العامة لحكومة الوحدة من تحت قبة البرلمان وتقاسم المناصب السيادية للدولة بين أقاليمها الثلاثة (طرابلس وبرقة وفزان).
وتترقب الأوساط السياسية والشعبية الليبية باهتمام كبير جلستَين مهمتَين لحسم هذه الملفات الشائكة، تُعقدان منتصف الأسبوع المقبل، الأولى سيناقش خلالها مجلس النواب اقتراح الموازنة المعدّل من قبل حكومة الوحدة وتعيينات المناصب السيادية، بينما تلتئم الثانية بين أعضاء لجنة الحوار السياسي لتحديد مصير مشروع القاعدة الدستورية، الذي أنجزته اللجنة القانونية قبل أيام، بعد مداولات طويلة.
البرلمان يناقش الموازنة المعدلة
ودعت هيئة رئاسة مجلس النواب الليبي، في بيان الأعضاء كافة إلى حضور جلسة يوم الاثنين المقبل، في مقر البرلمان في مدينة طبرق، وذلك لمناقشة بند مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للعام الحالي، وبند تولّي المناصب القيادية والوظائف السيادية.
وكانت الحكومة الموحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة خفّضت قيمة الموازنة المقترحة من 98 مليار دينار ليبي (21 مليار دولار) إلى نحو 93 مليار دينار (20 مليار دولار) بناءً على طلب البرلمان الذي رفض اعتماد الموازنة بالقيمة السابقة.
وقال رئيس لجنة المالية في مجلس النواب عمر تنتوش إن "الحكومة عدّلت كل الملاحظات المرسلة إليها من النواب. ويُعتبر مشروع الموازنة المعدلة متكاملاً حالياً، والدور يبقى على البرلمان لتحديد مصيره".
ونوّه تنتوش إلى أن "القيمة المحددة للموازنة تغيرت تغييراً طفيفاً، ومَن يتحكّم بالأرقام هو سعر الصرف، ولكن بعض البنود خضعت للتعديل". وأضاف "نرى أن المعالجات المؤقتة تُعتبر مسكّنات موضعية، وهدفنا هو خفض سعر الصرف وتوحيد مرتبات الليبيين وهذه توصياتنا للحكومة".
من جانبه، صرّح عضو مجلس النواب عبد المنعم بالكور، أنه "يتوقع أن تمرّ الموازنة هذه المرة في جلسة يوم الاثنين المقبل، مع إجراء تعديلات عليها"، معتبراً أنه "من المستحيل اعتماد الموازنة بالقيمة الحالية، التي تُقدّر بنحو 93 مليار دينار".
لجنة الحوار تناقش القاعدة الدستورية
ونشرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الأربعاء 19 مايو (أيار) الحالي، اقتراح القاعدة الدستورية للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، والذي اتفقت بشأنه اللجنة القانونية لملتقى الحوار السياسي الليبي خلال اجتماعها في تونس في شهر أبريل (نيسان) الماضي.
وقالت البعثة إنها "ستعقد اجتماعاً افتراضياً لملتقى الحوار السياسي الليبي يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين، لاستكمال مقترح اللجنة القانونية"، لافتةً إلى أنها "ستحيل نتائج مداولات الملتقى حول هذا المقترح إلى مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة للنظر فيها، مع التنويه بوجوب مراعاة الموعد النهائي للإطار الدستوري والانتخابي المحدد في 1 يوليو (تموز) المقبل، على النحو الذي دعا إليه قرار مجلس الأمن 2570، وذلك لتمكين المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من الإعداد للعملية الديمقراطية".
وعبّرت بعثة الأمم المتحدة عن أسفها لـ"المحاولات الأخيرة لتضليل الرأي العام وتقويض العملية السياسية في ليبيا، من خلال تداول وثائق مزورة على وسائل التواصل الاجتماعي بزعم أنها القاعدة الدستورية للانتخابات". ودعت "الليبيين والأطراف المعنية إلى الاعتماد فقط على الوثائق التي تصدر عن البعثة، والمتاحة على موقعها الرسمي ومنصات التواصل الاجتماعي الرسمية الخاصة بها".
كيف يُنتخب رئيس الدولة؟
ويُنتظر أن تشهد جلسات ملتقى الحوار السياسي الليبي الأسبوع المقبل، نقاشات ساخنة حول طريقة انتخاب الرئيس، إن كانت بالانتخاب المباشر من الشعب أو غير المباشر عن طريق البرلمان الجديد، الذي سيُنتخَب أيضاً نهاية العام الحالي، وهي المسألة التي أخّرت صدور القاعدة الدستورية من اللجنة القانونية، إذ فشل أعضاؤها في حسمها وأُحيلت المسألة إلى ملتقى الحوار السياسي.
ووفق المقترح المقدم من اللجنة القانونية الذي نشرته بعثة الأمم المتحدة، فإن أمام لجنة الحوار السياسي مقترحَين للاختيار من بينهما طريقة انتخاب الرئيس المقبل.
زاهد هدية- اندبندنت