النهار الاخباريه وكالات
قال مسؤول بوزارة الخارجية الروسية، الإثنين، إن روسيا تعتزم إجلاء جزء من موظفي سفارتها في كابول، عقب استيلاء "طالبان" السريع على العاصمة الأفغانية.
وفي المقابل أجلت القوات الأميركية موظفي سفارتها وأجانب آخرين الأحد، مع دخول قوات الجماعة المتمردة كابول وانهيار الحكومة الأفغانية.
ولقي ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص مصرعهم في الفوضى التي اندلعت في مطار كابول الأحد، حيث حاول آلاف الأفغان الفرار من المدينة بحسب صحيفة "ذا موسكو تايمز".
اجتماع مرتقب
وصرح مسؤول وزارة الخارجية والمبعوث الرئاسي إلى أفغانستان زامير كابولوف لراديو "إيكو موسكفي"، بأن سفير روسيا في كابول دميتري غيرنوف يعتزم الاجتماع مع أعضاء "طالبان" الثلاثاء لمناقشة الإجراءات الأمنية للدبلوماسيين الروس الذين ما زالوا في مناصبهم.
وقال كابولوف، "لدينا سفارة كبيرة نسبياً في أفغانستان يبلغ عدد أفرادها نحو 100 شخص، وسيجري إرسال بعض موظفينا في إجازة أو إجلاؤهم بطريقة أخرى حتى لا نخلق كثيراً من الوجود في أفغانستان". وأضاف كابولوف أن الجماعة المسلحة "أقامت بالفعل محيطاً حول السفارة الروسية".
ويأتي تصريح كابولوف الأخير بعد يوم من إعلانه أن روسيا ليس لديها خطط لإخلاء سفارتها في كابول، وأن موسكو ستقرر الاعتراف بحكومة "طالبان" الجديدة "على أساس سلوك السلطات الجديدة"، وقال "سنرى بعناية مدى المسؤولية التي يحكمون بها البلاد في المستقبل القريب، وبناء على النتائج فإن القيادة الروسية ستتوصل إلى النتائج الضرورية".
في غضون ذلك انتقدت متحدثة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الولايات المتحدة لعدم إجلاء المواطنين الأفغان، على الرغم من إدانة واشنطن المتكررة انتهاكات حقوق الإنسان.
وكتبت زاخاروفا عبر قناتها على "تيليغرام"، "إن الولايات المتحدة تطبع عادة بيانات عن قضايا حقوق الإنسان الفردية على مدار الساعة، حتى من دون أخذهم استراحة غداء (متهكمة). الأفغان يقتحمون الطائرات ويطلبون من واشنطن التي قدمت تأكيدات لتحالفهم لسنوات عدة ليس للمساعدة، لكن من أجل الخلاص".
وكانت روسيا سعت خلال السنوات الأخيرة إلى التواصل مع "طالبان"، واستضافت ممثلين عن الحركة في موسكو مرات عدة آخرها الشهر الماضي بحسب "ذا موسكو تايمز".
وتراقب موسكو احتمال امتداد عدم الاستقرار إلى دول الاتحاد السوفياتي السابق المجاورة في آسيا الوسطى، حيث تحتفظ بقواعد عسكرية هناك.
وقالت المستشارة في المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية إلينا سوبونينا خلال اتصال هاتفي من روسيا مع "اندبندنت عربية"، إن موسكو "تراقب بحذر شديد المشهد السياسي المتحول في أفغانستان"، مؤكدة أن بلادها "ستبقى في حال تريث"، وهذا يعني أن روسيا مستعدة للتعامل مع حركة "طالبان"، "إذا كان سلوكها مقبولاً وحضرياً، ولم تنفذ إعدامات أو عمليات انتقامية".
تعزيزات أمنية حدودية
وعن القلق الروسي من تصدير حركة "طالبان" للراديكالية إلى دول الاتحاد السوفياتي سابقاً، وامتلاك روسيا قواعد عسكرية في دولها السابقة قالت سوبونينا، "القاعدة العسكرية الروسية موجودة في دولة طاجيكستان المجاورة حدودياً لأفغانستان، وموسكو ساعدت طاجيكستان ودولاً أخرى في تعزيز إمكاناتها الدفاعية، بخاصة معدات وعمليات المراقبة على الحدود حتى لا يعبر الأفغان أو تحدث عمليات تهريب عبر الحدود الجبلية الوعرة والدروب الضيقة بسهولة، وبالتالي فروسيا ما زالت تراهن على تعامل دبلوماسي مع حركة طالبان ولاعبين آخرين، لكن في الوقت نفسه نقوم بمناورات عسكرية مشتركة مع طاجيكستان".
وحول ما إذا كانت روسيا وطاجيكستان ستحشدان عسكرياً على الحدود الطاجيكية تحسباً لأية مفاجأة من "طالبان"، أضافت المستشارة في المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجية أنه "تحسباً لأية مفاجأة هناك القاعدة الروسية العسكرية هناك، لكن حتى الآن التوقعات القائمة تقول إن حركة طالبان ستبقى داخل الحدود الأفغانية، وروسيا لا تريد أن تتدخل في الداخل الأفغاني".
ومنذ اليوم الأول لاجتياح "طالبان" مدناً أفغانية قالت موسكو إنها تقبل "أهون الشرين"، أي أن سيطرة "طالبان" على البلاد يمكن تتجرعها خلافاً لسيطرة تنظيم القاعدة الذي رابط في أفغانستان سنوات طويلة، وخاض حروباً شرسة هناك، وعما إن كانت روسيا بالفعل قد قبلت بواقع سيطرت حركة طالبان على سدة الحكم في أفغانستان تشرح سوبونينا، "طالبان لا تزال على القائمة السوداء الروسية، وفي حال غيرت من سلوكها المتشدد فقد تفكر روسيا مع الآخرين بالاعتراف بها، لكن الاعتراف حالياً مستبعد حتى تكشف الحركة عن نواياها ونهجها في إدارة البلاد، وكيف ستكون طبيعة علاقاتها مع دول الجوار".
انسحاب مُخجل
ووصفت سوبونينا الانسحاب الأميركي والغربي من أفغانستان بـ "المخجل"، قائلة إن "الرئيس الأميركي جو بايدن وضع أهدافاً أنانية سياسية واقتصادية، واليوم هو ماض في تحقيق هذه الأهداف في السياق الأميركي، لكن الانسحاب السريع الذي حدث في أفغانستان كان مخيفاً ومخجلاً ومبكياً".
وتابعت، "لا نستبعد بروز كثير من المشكلات الجديدة لأن الراديكاليين يفهمون الانسحاب الأميركي الغربي على أنه ضعف ونوع من الانتصار بالنسبة إليهم، وقد يشكل ذلك مستقبلاً خطراً حتى على العمق الغربي".