السبت 23 تشرين الثاني 2024

قانون الانتخابات الرئاسية... أزمة جديدة في الملف الليبي


النهار الاخباريه  وكالات 
بدأت خريطة الطريق الدولية تتجه بالأزمة الليبية إلى نفق مسدود، مع توسع الخلافات بين أطرافها حول أكثر من بند فيها، كان آخرها النزاع الذي اندلع حول القاعدة القانونية المنظمة للانتخابات الرئاسية، التي أقرها البرلمان ورفضها مجلس الدولة، وعاضده في موقفه تيار الإسلام السياسي في غرب البلاد.
ويتمحور الخلاف المحتدم في شأن قانون الانتخابات الرئاسية بين الطرفين، حول طريقة انتخاب رئيس البلاد، وصلاحياته التي تمنحها له القاعدة المحالة من لجنة الحوار السياسي في جنيف إلى مجلس النواب في طبرق، التي وافق عليها الأخير.
اعتماد قانون الانتخابات الرئاسية
أحال مجلس النواب الليبي في طبرق قانون انتخاب رئيس الدولة بشكل مباشر من الشعب إلى المفوضية العليا للانتخابات وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بينما رفض مجلس الدولة، في طرابلس، الاعتراف بالقانون وتسلم نسخة منه.
وقال المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب، فتحي المريمي، إن "رئيس البرلمان عقيلة صالح أحال قانون انتخاب رئيس الدولة وتحديد اختصاصاته لمفوضية الانتخابات، بعد أن رفضه مجلس الدولة الاستشاري".
وأوضح المريمي، في تصريح خاص، أن "القانون أحيل أيضاً للبعثة الأممية وكل جهات الاختصاص الليبية"، مشدداً على "أحقية مجلس النواب في إصدار قوانين الانتخابات والتشريعات اللازمة لها، بالاستناد إلى الإعلان الدستوري".
شروط وصلاحيات الرئيس
يحتوي القانون المُقر من مجلس النواب على (77) مادة، حدد من خلالها الاختصاصات والمهام والشروط الواجب توافرها في المرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، وفي الناخب، وآلية انتخاب الرئيس.
وتنص المادة (11) من القانون على أنه يلزم لقبول الترشح لرئاسة الدولة، أن يقدم المرشح تزكية من عدد لا يقل عن خمسة آلاف ناخب من المسجلين بقاعدة بيانات الناخبين، كما تنص المادة (5) على أن المرشح يعد فائزاً إذا حصل على (50+1) من إجمالي عدد الأصوات، وفي حال عدم حصول أي من المرشحين على هذه النسبة، فإن الحاصلين على أكبر عدد من الأصوات يشاركون في جولة ثانية من التصويت.
ويعد كل مواطن، سواء أكان مدنياً أو عسكرياً، متوقفاً عن العمل وممارسة مهامه قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر، وإذا لم ينتخب فإنه يعود إلى سابق عمله، وتصرف له مستحقاته كاملة بحسب المادة (12) من القانون.
وبخصوص صلاحيات رئيس الدولة، نصت المادة (15) من القانون على أن يتولى تمثيل الدولة في علاقاتها الخارجية، واختيار رئيس الوزراء وتكليفه بتشكيل الحكومة وإقالته، كما يختار نائباً لرئيس الدولة ورئيس الوزراء من غير الإقليم الذي ينحدر منه الرئيس.
ومنح القانون للرئيس الجديد لليبيا صلاحيات القائد الأعلى للجيش، وتعيين وإقالة رئيس جهاز المخابرات العامة بعد موافقة البرلمان، إلى جانب تعيين السفراء وممثلي ليبيا لدى المنظمات الدولية، بناءً على اقتراح من وزير الخارجية، وعقد الاتفاقات والمعاهدات الدولية، على أن لا تكون نافذة إلا بعد مصادقة البرلمان عليها.
انقسام في الغرب الليبي
قوبل القانون الخاص بالانتخابات الرئاسية فور الإعلان عنه من قبل مجلس النواب باعتراضات كثيرة وكبيرة عليه في الغرب الليبي، وتحديداً من قبل تيار الإسلام السياسي، وتسبب في انشقاق نادر في الموقف السياسي بالمنطقة الغربية، بين هذا التيار وبعض حلفائه طيلة السنوات الماضية، خصوصاً في مدينة مصراتة.
واعتبر رئيس المجلس الأعلى للدولة، والقيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمين، خالد المشري، أن قانون انتخاب الرئيس الصادر عن مجلس النواب "معيب وغير مقبول"، مضيفاً، "القانون يخرق نصوص الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي"، متهماً مجلس النواب بـ"الاستحواذ على السلطة وعرقلة الانتخابات". وداعياً إلى "تفعيل الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا للقيام بواجبها المنوط بها بوقف (المخالفات الدستورية)، وتعطيل (القانون أحادي الجانب)".

من جهته، أصدر حزب العدلة والبناء، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، الجمعة، بياناً حول قانون انتخابات رئيس الدولة الذي أقره رئيس مجلس النواب، قال فيه، إن "عقيلة صالح اعتمد القانون بصورة أحادية تمثله شخصياً، متجاوزاً نصوص الاتفاق السياسي واللوائح الداخلية المنظمة لعمل مجلس النواب".
وأعلن الحزب رفضه الإجراء الذي مُرّر به هذا القانون من قبل رئيس مجلس النواب، مؤكداً "ضرورة التزام عقيلة صالح باللوائح المنظمة لمجلس النواب وعدم الالتفاف عليها، فالمعلوم أن هذا القانون لم يخضع لتصويت صحيح في البرلمان".
ودعا البيان إلى "التمسك بنصوص الاتفاق السياسي التي تؤكد ضرورة التشاور بين مجلسي النواب والدولة، حفاظاً على ظروف التوافق ومناخه، وإنجاز الاستحقاق الانتخابي بشكل لا يجعله عُرضة للطعن أو مدخلاً لرفض النتائج".
قبول في مصراتة
في مصراتة، وعكس التوقعات، رحّبت قيادات سياسية بارزة في المدينة بإقرار قانون انتخاب الرئيس من البرلمان، في مقدمتهم النائب في المجلس الرئاسي الأسبق أحمد معيتيق، ووزير الداخلية السابق فتحي باشاغا.
ووصف نائب رئيس المجلس الرئاسي الأسبق أحمد معيتيق، قانون انتخاب الرئيس بأنه "خطوة إيجابية لاستقرار البلاد". ودعا "كل الأطراف الليبية إلى دعمه لاستقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية في ليبيا".
وتابع، "القانون خطوة إيجابية تدفع لإنشاء بيئة سياسية واقتصادية مستقرة، وتدفع كذلك نحو توحيد المؤسسات المنقسمة، وندعو كل الأطراف الليبية لدعمه".
واتفق وزير الداخلية الليبي السابق فتحي باشاغا، مع ما ذهب إليه معيتيق، معتبراً القانون الخاص بانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب "خطوة مهمة وإيجابية جداً من أجل إجراء الانتخابات في موعدها المقرر، وإنهاء الانقسام الذي يسود المشهد الليبي". وطالب باشاغا "كافة الجهات المحلية والدولية بدعم القانون، واستكمال باقي الإجراءات التي تسهل العملية الانتخابية".
انتقادات للمعترضين
وانتقدت آمال بوقعيقيص، عضو اللجنة القانونية بملتقى الحوار السياسي، محاولة بعض الأطراف عرقلة إصدار القانون الخاص بالانتخابات الرئاسية، قائلة إن "المتربصين للطعن في قانون انتخاب الرئيس أمام المحكمة سعيهم خاسر"، مشيرةً إلى أن "المبادئ الدستورية العالمية تتفق على أن مصلحة الدولة العليا تستلزم أحياناً التضحية ببعض النصوص الإجرائية الدستورية من أجل بقاء الدولة واستقرارها".
وواصلت بوقعيقيص، "ليبيا اليوم في أمسّ الحاجة إلى تجديد الشرعية السياسية للمؤسسات، وعلى رأسها السلطة التشريعية، وإنهاء هذه المجالس التي تآكلت".
وخلصت إلى أنه "على الشعب التمسك بحقه الدستوري في انتخابات حرة، الكلمة الفصل فيها للصندوق الذي يُرسي مبدأ التداول السلمي على السلطة، وهذا أضعف الإيمان".
المفوضية جاهزة
من جانبها، عبرت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا، عن تحمسها لوصول القانون الخاص بالانتخابات الرئاسية، على لسان عضوها عبدالحكيم بالخير، الذي صرح بأن "المفوضية ستتخذ عدة خطوات حال وصول القوانين إليها، وستعلن عنها في حينها".
ونوّه بالخير بأن الوقت المتبقي على الموعد المحدد للانتخابات بات يضغط على الجميع، "الوقت يداهمنا، وننتظر الانتهاء من إصدار القانون، بعد أن وصل عدد المسجلين بالمنظومة إلى قرابة مليونين و900 ألف ناخب في الداخل والخارج".