ذكّرت حركة "طالبان"، الجمعة 17 سبتمبر (أيلول)، بتشددها خلال فترة حكمها الأولى قبل أكثر من عشرين عاماً. فقد ألغت وزارة شؤون المرأة واستبدلت بها وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وتزامنت هذه الخطوة مع إصدار مجلس الأمن الدولي قراراً طالب فيه "طالبان" بمشاركة النساء في الحياة المجتمعية واحترام حقوق الإنسان، وبينها (حقوق) النساء والأطفال والأقليات.
وعلى الرغم من تأكيد "طالبان" أنها ستحكم بشكل أكثر اعتدالاً مقارنة بفترة حكمها البلاد بين عامي 1996-2001، لم تسمح لمعظم النساء بالعودة إلى العمل وفرضت قواعد في شأن لباسهن في الجامعات، ولم تضم الحكومة التي أعلنتها "طالبان" قبل أسبوعين أي امرأة.
وشوهد عمال يضعون لافتة تحمل عبارة وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على مبنى وزارة شؤون المرأة في العاصمة.
وظهرت منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الماضية، تظهر موظفين في الوزارة يتظاهرون أمام المبنى احتجاجاً على خسارتهم وظائفهم، وفق ما قالوا.
وكتبت ناشطة على "تويتر" ساخطةً، "لا أحد يسمع نساءنا"، بينما سأل ناشط آخر، "ما الذي يمكن أن ننتظره من هؤلاء؟".
ولم يرد أي مسؤول في "طالبان" على طلبات وكالة الصحافة الفرنسية للتعليق على التقارير.
وعلى الرغم من أن النساء الأفغانيات ما زلن مهمشات، فإنهن اكتسبن حقوقاً أساسية طوال العشرين عاماً الماضية، خصوصاً في المدن، حيث أصبحن برلمانيات وقاضيات وسائقات طائرات وضابطات شرطة. ودخل مئات الآلاف منهن إلى سوق العمل، غالباً بدافع الضرورة، بعد أن أصبح العديد منهن أرامل أو يعولن على أزواج معاقين بعد عقدين من النزاع.
لكن، منذ عودة "طالبان" إلى السلطة في 15 أغسطس (آب)، لم تظهر أي استعداد لضمان حقوقهن. وتقول الحركة إن النساء أُمرن بالبقاء في المنزل حفاظاً على سلامتهن، لكن سيسمح لهن بالعمل بمجرد ضمان إمكان الفصل بين الجنسين.
وكانت النساء مستبعدات إلى حد كبير من الحياة العامة خلال حكم "طالبان" الأول، ولم يكُنّ قادرات على مغادرة منازلهن إلا مع مُرافق.
وكان حينها وكلاء وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر معروفين بجلد النساء اللاتي يمشين بمفردهن. وكانوا مسؤولين عن تطبيق التأويلات الصارمة الأخرى للإسلام، مثل وجوب حضور الصلاة وحظر حلق اللحى.
تمديد مهمة الأمم المتحدة
في الأثناء، مدّد مجلس الأمن الدولي، الجمعة، لستة أشهر، حتى 17 مارس (آذار) 2022، عمل بعثته السياسية في أفغانستان.
وشدد القرار، الذي صدر بإجماع أعضاء المجلس الـ15، على "أهمية تشكيل حكومة جامعة وذات صفة تمثيلية".
وأعدت إستونيا والنرويج نص القرار، وسرعان ما أشادت أوسلو بـ"رسالة موحدة" لمجلس الأمن في ما يخص أفغانستان.
وفي أغسطس، حظي قرار للمجلس طالب بتأمين حرية الحركة للأفغان الراغبين في مغادرة البلاد بتأييد 13 صوتاً بعد امتناع روسيا والصين عن التصويت.
وشدد المجلس في قراره، الجمعة، على "الدور المهم الذي ستواصل منظمة الأمم المتحدة أداءه في تعزيز السلام والاستقرار في أفغانستان".
وأقر القرار بـ"ضرورة تكثيف الجهود لتأمين مساعدة إنسانية لأفغانستان"، مكرراً، "أهمية مكافحة الإرهاب" في البلاد.
وأفادت مصادر دبلوماسية بأن "طالبان" لم تُبدِ اعتراضاً على تمديد مهمة الأمم المتحدة.
واعتبر متخصص في الملف في الأمم المتحدة لم يشأ الكشف عن هويته، "أنهم مجبرون على أن يكونوا أكثر ليونة"، و"هم أكثر براغماتية" مما كانوا عليه خلال حكمهم السابق في التسعينيات. وأضاف أن "طالبان تحتاج إلى الأمم المتحدة، وتلك هي رافعتنا" للتمكن من التأثير في قراراتها.
كذلك، طلب أعضاء المجلس من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إطلاعهم على الوضع في أفغانستان وعلى أنشطة البعثة الأممية كل شهرين حتى منتصف مارس، وأن يقدم إليهم تقريراً مكتوباً في موعد أقصاه 31 يناير (كانون الثاني) يتناول فيه مستقبل البعثة الأممية.
وأوضح القرار أن التقرير المذكور يجب أن يتضمن "توصيات عملانية واستراتيجية في ضوء آخر التطورات السياسية والأمنية والاجتماعية".
وفي الأسابيع الماضية، شددت منظمات غير حكومية بينها منظمة العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش" على وجوب أن تبقي الأمم المتحدة بعثتها في أفغانستان بهدف الإبلاغ عن أي انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان.
"طالبان" تنشد الاعتراف بحكومتها وتحرير الأرصدة المجمدة
وفي الإطار ذاته، دعا المتحدث باسم حركة "طالبان"، ذبيح الله مجاهد، المجتمع الدولي إلى الاعتراف بحكومة "طالبان" المؤقتة، وطالب برفع التجميد عن الأرصدة المجمدة.
وقال مجاهد في مقابلة حديثة مع هيئة الإذاعة اليابانية، إن الحركة تريد علاقات دبلوماسية إيجابية مع بقية العالم، مؤكداً أن الغرض من تشكيل حكومة مؤقتة هو العمل مع العالم، بحسبما نقلت وسائل إعلام أفغانية.
تأتي هذه التصريحات بعد أن أعلن صندوق النقد الدولي في وقت سابق، أنه يشعر بقلق بالغ إزاء الوضع الاقتصادي في أفغانستان، محذراً من أزمة إنسانية تلوح في الأفق تواجه هذا البلد بعد سيطرة "طالبان" على السلطة الشهر الماضي.
برادر ينفي تقارير عن إصابته في اشتباك
ونفى نائب رئيس الوزراء الأفغاني عبد الغني برادر، الأربعاء، التقارير التي ترددت عن إصابته في اشتباك مع فصيل منافس لحركة "طالبان".
وقال في مقابلة مع التلفزيون الرسمي "لا. هذا ليس صحيحاً. أنا بخير وبصحة جيدة... وسائل الإعلام تقول، إن هناك خلافات داخلية. ليس هناك شيء بيننا هذا غير صحيح".
سداد رواتب القطاع العام
قالت وزارة المالية، الخميس، إن حكومة أفغانستان تعكف على حل سلسلة من المشكلات التي تعوق سداد رواتب موظفي القطاع العام، في الوقت الذي تواجه فيه الإدارة الجديدة لـ"طالبان" صعوبات لتنشيط الاقتصاد المتعثر.
وحتى قبل سيطرة الحركة على كابول الشهر الماضي، قال العديد من العاملين في القطاع العام، إنهم لم يتلقوا رواتبهم منذ أسابيع، وفي ظل فرض البنوك قيوداً صارمة على السحب النقدي بينما ارتفعت أسعار السلع الأساسية، يواجه كثيرون ظروفاً معيشية صعبة.
وقالت الوزارة إن "مشكلات فنية" أدت إلى تأخر سداد الرواتب لكن أطقماً متخصصة تعكف على حل المشكلات الخاصة بالرواتب في أسرع وقت ممكن. وقالت الوزارة في بيان على صفحتها بموقع "فيسبوك" "بمقدور موظفي الإدارة العامة المحترمين مواصلة عملهم دون قلق من أي نوع".
وخلا البيان من أي تفاصيل إضافية، ولم يتضح الموعد المحتمل لسداد الرواتب. ويأتي ذلك في الوقت الذي تكابد فيه الحكومة الجديدة نقصاً شديداً في السيولة، بينما لا تزال أكثر من تسعة مليارات دولار من الاحتياطيات المُحتفظ بها خارج أفغانستان محظور الوصول إليها.
منع وقوع أزمة إنسانية في أفغانستان
وحذر صندوق النقد الدولي من أن أفغانستان تواجه "أزمة إنسانية تلوح في الأفق" لكن تمويله للبلاد يظل معلقاً. وأعرب المتحدث باسم صندوق النقد جيري رايس للصحافيين عن قلقه حيال مصير الأفغان مع تعليق وصول الموارد المالية من الصندوق إلى أفغانستان.
وقال رايس "نحن على أهبة الاستعداد للعمل مع المجتمع الدولي من أجل اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع وقوع أزمة إنسانية تلوح في الأفق". وأضاف أن صندوق النقد يؤيد "السماح بتدفق الحوالات المالية والتحويلات الصغيرة" إلى أفغانستان.
وأشار رايس إلى أن صندوق النقد الدولي لا يمكنه استئناف التعامل المباشر مع أفغانستان "حتى يكون هناك وضوح داخل المجتمع الدولي بشأن الاعتراف بالحكومة".
وقال "نحن نشعر بقلق عميق بالنسبة للوضع الاقتصادي الصعب في أفغانستان، وكذلك الوضع الإنساني، وقلنا إن التركيز الفوري يجب أن ينصب على هذا الوضع الإنساني (...) والمساعدات لإغاثة الشعب الأفغاني".
وبعد سقوط الحكومة المدنية في كابول بشكل سريع واستيلاء "طالبان" على السلطة، قام صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بتعليق أنشطتهما في البلاد، ما أدى إلى حجب المساعدات عن هذه الدولة إضافة إلى 340 مليون دولار مخصصة لها من حقوق السحب الخاصة.
وتواجه أفغانستان أزمة سيولة مع قيام واشنطن بمنع وصول حكومة "طالبان" إلى جزء كبير من احتياطاتها المالية البالغة 9 مليارات دولار، والموجودة في الخارج.
استقالة وزيرة خارجية هولندا
من جانب آخر، قدمت وزيرة الخارجية الهولندية سيغريد كاغ استقالتها، الخميس، بعدما دان نواب البرلمان رسمياً طريقة تعاملها مع أزمة الإجلاء في أفغانستان.
وقالت كاغ في بيان للبرلمان "يعتبر مجلس النواب أن الحكومة تصرفت بشكل غير مسؤول... لا يمكنني إلا قبول عواقب هذا الحكم بصفتي الوزيرة ذات المسؤولية النهائية".
وأضافت "رؤيتي لنظامنا الديمقراطي ونهج إرادتنا تحتم على الوزير الاستقالة في حال عدم الموافقة على سياسته. لذا سأقدم استقالتي كوزيرة للخارجية إلى جلالة الملك".
وأكدت كاغ أنها ستبقى زعيمة لحزب "دي 66" من اليسار الوسط الذي يشكل ائتلافاً حكومياً مع رئيس الوزراء مارك روته، بعدما فاز بثاني أكبر عدد من المقاعد في انتخابات مارس (آذار).
وأتت استقالتها غداة إقالة وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب بسبب طريقة تعامله مع الوضع في أفغانستان.