الجمعة 22 تشرين الثاني 2024

تأجيل جديد لقمة الجامعة العربية في الجزائر


النهار الاخباريه وكالات 

ساهم وباء كورونا في تأجيل قمتي عام 2020 و2021 للجامعة العربية، لكن الواضح أن أسبابا أخرى دفعت نحو إعلان تأجيله مرتين أخريين في هذا العام، مرة على لسان حسام زكي، نائب الأمين العام للجامعة، وأخرى على لسان وزير الخارجية الجزائري رمطان العمامرة.
قال إعلان الجامعة العربية إن القمة تأجلت إلى نيسان/ ابريل، وذلك بالتشاور مع الجزائر، مبررا ما حصل بوجود «ارتباك بسبب كورونا» ونافيا أن تكون هناك أسباب سياسية وراء التأجيل، وردّت الخارجية الجزائرية بوصف حديث زكي بـ«المغالطة» لأن «تاريخ القمة لم يحدد أصلا» ثم أعلنت بعد ذلك أنها قررت عقد القمة في 1 تشرين ثاني/نوفمبر من هذا العام، لتزامنه مع ذكرى الثورة الجزائرية عام 1954.
يظهر التضارب في التواريخ المطروحة، وتبريرات الجهتين للتأجيل، ارتباكا لا يتناسب مع الدور المفترض للجامعة العربية، ولا مع حرفية الشخصيات الدبلوماسية التي تدير هذا الملف، ولا مع اللغة السياسية المستخدمة.
من المعتاد، في تقاليد التصريحات أن ينكر مسؤول الجامعة وجود أسباب سياسية للتأخير (رغم أن الجميع يعرف عكس ذلك) ولكن يبدو أن الإعلان لم يعجب الخارجية الجزائرية، مما دفعها لتخطي الحاجة إلى تخفيف كل أشكال التوتّر بحيث قامت بتأنيب مسؤول الجامعة العربية ووصفت كلامه بالمغالطة.
تناظرت هذه المبارزة اللفظية، مع جهود دبلوماسية جزائرية حثيثة كان آخرها زيارة الرئيس عبد المجيد تبون لنظيره المصري عبد الفتاح السيسي، وهي زيارة لم تؤد، على ما يظهر، إلى تغيير الوقائع التي أدت للتأجيل.
سبق تلك الزيارة الأخيرة عمل سياسي ودبلوماسي جزائري كبير واستثمار واضح في ملفّات عربية مهمة. زار الرئيس الجزائري تونس في بداية السنة الماضية والتقى رئيسها قيس سعيد، «لتوحيد المواقف في ملفات إقليمية ودولية» مع إعلان عن قرض بثلاثمئة مليون دولار، وقبلها كانت الجزائر قد قدمت وديعة بقيمة 150 مليون دولار للبنك المركزي التونسي، وتسهيلات في دفع فواتير المحروقات والغاز.
التقى تبون أيضا الرئيس الفلسطيني محمود عباس في كانون الأول/ديسمبر 2021، ورافق ذلك إعلان الجزائر دعما كبيرا للفلسطينيين، حيث تم إعلان منح السلطة الفلسطينية 100 مليون دولار، وتخصيص 300 منحة دراسية للطلاب الفلسطينيين، وتبعت ذلك جهود سياسية متواصلة للقاء الفصائل الفلسطينية كافة في الجزائر، والعمل على مصالحة بين حركتيها الرئيسيتين، فتح وحماس.
التقى تبون أيضا بملك العربية السعودية سلمان بن عبد العزيز عام 2020، ويمكن اعتبار زيارته الأخيرة إلى السيسي ضمن توجّه لضمان حضور السعودية ودول الخليج، وقد زار السيسي فعلا الإمارات والتقى خلالها ملك البحرين وحاكم دبي وولي عهد أبو ظبي.
رغم أن تلك الزيارة جاءت بعد الهجوم الحوثيّ على الإمارات، فالأغلب أن اجتماع القمة في الجزائر كان ضمن النقاط التي طُرحت، ورغم الاختلاف بين الجزائر والإمارات والبحرين على قضية التطبيع مع إسرائيل، فالطرفان هما الأقرب إلى طرح الجزائر فيما يخص إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية، وإضافة إلى كل ذلك فقد تم أيضا تبريد ملف المواجهات السياسية الساخنة مع فرنسا.
توقفت الدينامية السياسية الجزائرية، القادرة على التوفيق بين كل هذه التناقضات، أمام ملف المغرب، ويبدو أن الخلاف الجزائري مع الرباط الأكثر توتّرا، والأقل قابلية للحل، من بين كل القضايا الأخرى، ومع خلاف بهذا الحجم الذي يفوق في أولويته التناقضات مع كل الأنظمة العربية الأخرى، لا يبدو أن التأجيل وحده كاف لضمان اجتماع قمة عربية أخرى بعد 3 سنوات انقطاع!