النهار الاخباريه-وكالات
في الأسبوع الأول من أغسطس (آب) الحالي، أعلنت قوات البحرية الأميركية عن قيامها بأول تجربة طيران للطائرة المسيرة من نوع "MQ-4C Triton" المجهزة بتحديثات تستخدم في الاستطلاع وجمع المعلومات الاستخبارية، وقد أشار موقع البحرية الأميركية إلى وجود خطط مستقبلية، لنشر هذا النوع من الدرونز، في خمسة محاور في جميع أنحاء العالم.
في الوقت نفسه، كانت طائرات درونز تحلق في منطقة خليج عمان، بهدف إحداث أكبر ضرر ببعض السفن هناك، الأمر الذي أوقع قتيلين، وتسبب في خسائر معنوية واقتصادية، وأحدث اضطرابات في سوق النفط العالمية.
من أميركا إلى الشرق الأوسط وصولاً إلى الصين، نجد طفرة الدرونز تستلفت الانتباه، فقد أجرت الصين، أخيراً، اختباراً عسكرياً، استخدمت فيه أسراباً من المسيرات الانتحارية، أُطلقت من عربة ومروحية.
يستدعي مشهد زمن الدرونز، إن جاز التعبير، طرح عدة تساؤلات، في مقدمها: هل ستغير ثورة الدرونز من شكل الحرب التقليدية حول العالم، ولماذا يرى البعض أن هذا النوع من أدوات الحرب الحديثة، بات أقرب ما يكون من صندوق باندورا مليء بالشرور، وأنه ما من أحد قادر على ضبط هذا السباق الجديد من التسلح؟
ثم وهذا ربما هو الأهم، هل تعد الطائرات المسيرة أداة للتهديد أم لتعزيز الاستقرار العالمي؟
الدرونز... نظرة تاريخية أول الأمر
يمكن القطع بأن فكرة طائرات الدرونز، تعد من أحدث وسائل الحرب المتطورة، وتزداد القناعة بها يوماً تلو الآخر، وكذا العمل على تطويرها، بوازع أنها توفر الدم البشري، وكذا التكلفة المالية، فهي تساق من غير عناصر آدمية، وتكفي غرفة في ركن قصي من الأرض، لكي يقوم عدة أفراد بقيادة أسراب من تلك الطائرات.
ومن الناحية العسكرية، باتت الجيوش تفضل هذا النوع من المسيرات الهجومية، بسبب قدرتها على إصابة أهداف من ارتفاعات عالية، بسهولة ودقة، وفقاً لبرنامج محدد يتم برمجتها عليه، وفي حال ضربها أو استهدافها ستكون خسارتها أقل من خسارة طائرة حربية تقليدية.
والشاهد أن ذلك النوع من الطائرات، يعد من إفرازات الذكاء الاصطناعي، والقابل للتطوير ومن دون حد، وتختلف استخداماته، فلا تقف عند حدود العسكرة فحسب، بل بات يستخدم في أعمال مدنية متعددة من التصوير، إلى تسليم الأغراض، وبات متصلاً كذلك مع أحوال البيئة المتقلبة والمضطربة، إذ تساعد أنواع بعينها على سبيل المثال في إطفاء الحرائق.
يتساءل القارئ: متى كان الظهور الأول والاستخدام الفاعل للدرونز، وهل الاختراع حديث العهد، أم يرجع لعدة عقود خلت، وإن كانت وسائل الإعلام وقتها لم تعره انتباهها؟
من الواضح تاريخياً أن الفكرة أميركية، وقد كانت الحاجة إليها ماسة في نهاية الستينيات وأوائل سبعينيات القرن الماضي، وبالتحديد خلال أزمة حرب فيتنام، والصراع الدائر هناك في الأحراش، ما استدعى مواجهة غير تقليدية، لعبت فيها تلك المسيرات دوراً فاعلاً، بل وناجزاً على دمويته.
وفي توقيت مقارب، ولأن الترسانة العسكرية الأميركية، على الدوام متاحة لإسرائيل، فقد حاولت القوات الجوية الإسرائيلية استخدام تلك المسيرات في حرب السادس من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973، إلا أن كافة محاولاتها أخفقت بسبب وجود حائط الصواريخ المصري، الذي أسقط الطائرات الإسرائيلية المهاجمة.
على أن إسرائيل نجحت لاحقاً وبشكل كبير في استخدام تلك المسيرات في مواجهتها مع القوات السورية عام 1982، يوم كادت الضربات المتبادلة بين تل أبيب ودمشق، تحدث حرباً عالمية.
تختلف الدرونز عن الطائرات المقاتلة التقليدية في عدة نقاط، ربما أهمها صغر حجمها، وقلة وزن الذخائر التي تحملها، غير أن هذا القصور يُعوض من خلال متفجرات شديدة الفاعلية والخطورة معاً.
الدرونز يتم تشغيلها عن بعد، ما يعطي مجالاً واسعاً للمناورة والمداورة، في حين مجال الطائرات التقليدية يكاد يكون محدوداً، تطير الدرونز بسرعة أبطأ، وتستهلك وقوداً أقل، وهذا يعتبر عند التقنيين العسكريين ميزة لا عيباً، إذ يمكنها من أن تبقى طويلاً في الجو، ما يحقق لها فاعلية أوسع في اصطياد أهدافها، ومن هنا يمكن القول إن البحث عن الأهداف وإطلاق النار هما الاستخدامان الرئيسان للطائرات العسكرية بلا طيار اليوم.
أميركا والدرونز... دوماً في المقدمة
تبدو العلاقة بين الطائرات الدرونز والولايات المتحدة الأميركية في واقع الأمر، أقدم بكثير من حرب فيتنام، فقد تأسست بعد الحرب العالمية الأولى، وتطورت تدريجياً إلى أن وصلت إلى وضع الاستخدام العملي في أوائل الستينيات على يد مهندس الطيران الإسرائيلي، أبراهام كاريم الذي بدأ عمله من مرأب في ولاية كاليفورنيا.
كانت وكالة مشروعات البحث الدفاعي المتقدمة والمعروفة باسم "داربا"، هي من قدمت المنحة المالية اللازمة لإكمال البحث العلمي.
عبر بضعة عقود باتت الولايات المتحدة ومن دون منازع، سيدة الدرونز، عبر شركتها الأشهر "جنرال أتوميكس" صانعة الدرونز الأكثر شهرة، والأشد فتكاً في ميادين القتال.
ولعل ما يجعل الاهتمام بالدرونز من قبل الولايات المتحدة أمراً مطلوباً ومرغوباً بشدة، هو أنها تصون الأميركيين نفساً وجسماً، من مخاطر المستنقعات البشرية التي عرفتها صفوف القوات الأميركية في النصف الثاني من القرن العشرين، كما الحال في فيتنام ولبنان، ثم تالياً في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، في أفغانستان والعراق.
كانت تلك الجولات سبباً مباشراً في ارتفاع أصوات الانعزاليين في الداخل الأميركي، أي أولئك الساعين إلى وقف تمدد بلادهم حول العالم، ذلك أن الدرونز تمكن القوات المسلحة الأميركية وبخاصة سلاح الجو، من مد يدها طويلاً حول العالم، لتبقي على دور الشرطي ولو من بعيد.
الأمر الآخر هو أن الدرونز، تكنولوجيا حربية توفر عنصر الاستقلال والمباغتة، ومن هذا المنطلق فإن غالبية جيوش العالم تسعى إلى حيازتها بهدف تطوير جيوشها، ما يعني حفاظ الولايات المتحدة على المكانة الأولى حول العالم في تصدير الأسلحة، ومع ما للأمر من مردود على واقعها الاقتصادي.
ومن ناحية أخرى، فإن واشنطن تبدو كمن يخلق الفيروس ويبتكر له المصل المضاد، فأخيراً جرى الحديث عن تطوير شركات متخصصة نظاماً جديداً لمواجهة وتعطيل هجمات الطائرات المسيرة عن بعد، بخاصة في ظل تنامي التهديدات من أسراب الدرونز حول العالم.
النظام الجديد الذي تم تسميته "ليونايدس"، يعتمد على استخدام موجات "ميكرووف"، لتعطيل الإلكترونيات التي تشغل الطائرات المسيرة عن بعد، ويمكنه توجيه آلاف الموجات في الثانية، بحيث يمكن اختيار طائرة واحدة أو سرب كامل من الطائرات.
ويستطيع هذا النظام تكوين مجال خاص للقوة أثناء توجيهه عن بعد تجاه أي من طائرات الدرون، ليجعل مهمة التحكم فيها مستحيلة، وبمجرد مرورها منه فهذا يعني سقوطها بالضرورة.
هنا تبدو الولايات المتحدة كما العهد بها دائماً، تقدم نوعيات من الأسلحة إلى دول وجماعات بعينها، وفي الوقت عينه، تقدم المضادات اللازمة لإبطال مفاعليها، لدى الجماعات المعادية لها، لتحكم هي في نهاية المشهد قبضتها على الجميع، ولتحتفظ لنفسها بأدوات القوة منفردة.
غير أن ذلك الظن الأميركي لا يمكن أن يستقيم مرة وإلى الأبد، إذ إن هناك أطرافاً أممية أخرى، تعمل في ذات الطريق... ماذا عن ذلك؟
لدرونز الصيني والأمن القومي الأميركي
في الأسبوع الأول من يوليو (تموز) الماضي، قالت وزارة الدفاع الأميركية، إن الطائرات المسيرة التي تنتجها شركة "دا جيانغ إنوفيشنز" الصينية تشكل تهديداً محتملاً للأمن القومي الأميركي، ووصفت تقريراً إخبارياً زعم موافقة الحكومة الأميركية على شرائها بأنه غير دقيق.
القصة تعود إلى صحيفة "هيل" الأميركية التي نشرت تقريراً يفيد بأن مراجعة البنتاغون وجدت أن طائرتين مسيرتين صممتهما شركة "دا جيانغ" لاستخدام الحكومة الأميركية لا تحتويان على "أي شفرة أو نية خبيثة"، وأوصت باستخدامهما من قبل الهيئات الحكومية والقوات العاملة مع الأجهزة الأميركية.
البنتاغون يقول إنه حظر استخدام جميع الطائرات المسيرة الجاهزة للاستخدام بسبب مخاوف تتعلق بالأمن الإلكتروني في 2018، وفي العام التالي أصدر الكونغرس الأميركي قانوناً يحظر استخدام الطائرات المسيرة والمكونات المصنعة في الصين.
لماذا تخشى أميركا من الدرونز الصيني، أكان تجارياً أو عسكرياً؟
بحسب وكالة "بلومبيرغ"، تبدو الشركات الصينية المصنعة للطائرات المسيرة، وكأنها قلبت السوق العالمية رأساً على عقب، وباتت تنافس بقوة نظيراتها في الولايات المتحدة وإسرائيل، بعد ما لجأت دول عدة إلى استخدام المسيرات الصينية، ما أثار قلقاً في واشنطن.
تمضي الصين قدماً في إطار رؤية تبدأ من حيث ينتهي الطرف الأميركي عادة، وقد برعت ولا تزال أجهزة استخباراتها في مطاردة آخر الاختراعات الأميركية، ومن هنا يفهم المرء كيف أبرمت "شركة صناعة الطيران الصينية" (أفيك)، المملوكة للدولة، صفقات كثيرة، صدرت بموجبها عشرات الطائرات المسيرة، وقد نقلت "بلومبيرغ" عن هيذر بيني، وهي باحثة في معهد ميتشل لدراسات الفضاء، ويقع في ولاية فرجينيا قولها: "إن تلك الطائرات اختبرت الآن في معارك"، مضيفة أن "الصينيين تمكنوا في تصنيعهم من تطبيق الدروس المستفادة".
تدرك واشنطن أن شركة "أفيك" باتت تحتل مركزاً متقدماً في تجارة الأسلحة بالعالم، نتيجة الطائرات المسيرة، لا سيما وأنها تتمتع بميزتين مهمتين تسهلان بيعها، هما أنها أرخص من الطائرات المماثلة المصنعة في الولايات المتحدة أو إسرائيل، كما أن الصين لا تهتم كثيراً بكيفية استخدامها، أو كما تقول أولريكي فرانكي، وهي باحثة في "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية"، ومقره لندن، أن الصين مستعدة لتصدير طائرات مسيرة إلى أي جهة تقريباً.
أخيراً، تحدث تقرير لموقع "ناشيونال إنترست" عن مشاهد لوصول طائرات مسيرة مصنعة في الصين إلى جبهات القتال في ليبيا، ما يعني أن الدرونز الصيني بات بالفعل مهدداً لاستقرار العديد من مناطق الشرق الأوسط، وقد جاء في التقرير نفسه، أن بكين مستعدة "لبيع الطائرات المسيرة لأي جهة لتلبية الطلب على سوق الطائرات الحربية الآلية، بينما ترفض الولايات المتحدة أن تقوم بسد حاجة هذه السوق، فقوانين التصدير بها تمنع الشركات الأميركية التي تصنع مثل هذه الطائرات المسيرة من بيعها لبعض البلدان.
هنا يتذكر المرء ما فاه به مالكوم ديفيس، كبير المحللين في المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية في تقرير سابق له من أن "الخصوم الاستبداديين لا يحتاجون إلى إجراء نقاش داخلي حول الأسلحة الذاتية الفتاكة مثل الديمقراطيات الليبرالية الغربية، لأنهم ليسوا مسؤولين أمام شعوبهم".
عن ضحايا الدرونز... عمليات واغتيالات
لم يعد الحديث عن عمليات تشارك طائرة الدرونز فيها حديثاً مستقبلياً، بل هو واقع حي معاش على الصعيد العالمي، وإن تصاعدت حدة العمليات في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، ومنذ بداية رئاسة باراك أوباما في الولايات المتحدة، وهذا ما أماطت عنه اللثام وكالة الأنباء الأميركية الشهيرة "أسوشيتدبرس"، بشأن قرار استخدام الدرونز في مطاردة العناصر الإرهابية بنوع خاص.
والثابت أن القوات الجوية الأميركية قد استطاعت بالفعل القيام بعمليات اغتيالات ناجحة لعناصر رأت أنها إرهابية وتهدد أمنها القومي، ومصالحها الاستراتيجية، كما الحال مع أنور العولقي القائد المتقدم في تنظيم "القاعدة" في اليمن، وعلى الرغم من أنه يحمل الجنسية الأميركية، فإن ذلك لم يمنع الرئيس الأسبق أوباما في سبتمبر (أيلول) من عام 2011 من أن يصدر قراراً بقتله، وقد تكفلت غارة جوية من دون طيار بقتله هو وستة من مرافقيه في منطقة جبلية شرق العاصمة اليمنية.
بعده بنحو عام أي في 2012، أسقطت الدرونز الأميركية بلال البرجاوي، القيادي في "حركة الشباب المجاهد" في الصومال، بعد أن صال وجال من قبل في أفغانستان.
وهناك العديد من الأسماء التي يمكن رصدها في هذا الإطار مثل أبو الخير المصري، وسالم عبد الله التيسي، وأبو علي الخزعلي، وغيرهم العديد.
ومع دخول الرئيس ترمب إلى البيت الأبيض، عام 2017، رسم الرجل سياسة جديدة بتوسيع استخدام الدرونز المسلح خارج ساحات القتال التقليدية، وفتح المجال للجيش الأميركي لتنفيذ ضربات قاتلة باستخدام الدرونز في كل موقع وموضع يشك أن به خلايا إرهابية، وتم تطبيق الأمر على الصومال بنوع خاص.
على أن الصيد الأميركي الثمين عبر الدرونز، تمثل في مطلع عام 2020، حين استخدمت أميركا طائراتها المسيرة، في اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، بينما كان في موكب سيارات خارجاً من مطار بغداد، كما قتلت تسعة ركاب مهمين آخرين برفقته، من بينهم أبو مهدي المهندس، زعيم ميليشيات "حزب الله" العراقية.
هل هناك وجه كارثي للدرونز، لا سيما إذا خرج الاستخدام عن سياق الجيوش النظاميه سلاح الميليشيات وجماعات الإرهاب
يبدو الوجه الآخر للدرونز مخيفاً إلى حد الرعب، ذلك أن وصوله إلى أياد إرهابية، وميليشيات منفلتة، أمر يجعل سلام العالم وأمانه من أحاديث الماضي.
أخيراً، وفي مقال تحليلي نشر عبر موقع "فوربس"، تطالعنا الأنباء عن إمكان استخدام "داعش" و"القاعدة" عما قريب لتقنيات الطائرات المسيرة في ارتكاب عمليات إرهابية متقدمة ومخيفة، وقد جاءت الدرونز لتزخم تلك الجماعات ببديل ناجع عن العبوات الناسفة التقليدية خلال معاركها ضد الجيوش النظامية.
ولأن جماعات الإرهاب قد أدركت أن هناك تحسينات قد جرت على المركبات العسكرية بشكل قوي، فلم تعد تتأثر بالعبوات المزروعة على الأرض، لذا اعتبرت أن الدرونز توفر لها خدمة غير مسبوقة، وهذا ما بدأ بالفعل منذ عام 2016، حين استخدم الدواعش "درونز" مروحية رخيصة ومتوفرة تجارياً لإلقاء قنابل يدوية على دوريات التحالف الدولي.
وفي فبراير (شباط) الماضي، أكد قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكينزي، أن الطائرات المسيرة تعد الخطر الأكبر على القوات الأميركية في العراق بعد أن كانت العبوات الناسفة تحتل المرتبة الأولى.
وبحسب موقع "آرمي تايمز"، قال ماكينزي "إننا لا نتحدث عن طائرات مسيرة ضخمة وذات تكلفة عالية، بل عن درونز صغيرة يمكن شراؤها من المحلات التجارية مقابل مبلغ لا يتجاوز ألف دولار".
ونوه ماكينزي إلى أن الجماعات الإرهابية قادرة على تطوير وإجراء تعديلات على تلك الطائرات الصغيرة لتصبح أسلحة فتاكة وقاتلة، مشيراً إلى أن قوات سوريا الديمقراطية كشفت خلال حربها مع تنظيم "داعش" عن امتلاكه مصانع وورشاً لتصنيع طائرات مسيرة وصغيرة.
وعلى صعيد آخر يتضح الخطر القاتل للدرونز من خلال مثال الميليشيات الحوثية في اليمن، وقد باتت تلك المسيرات خطراً على الداخل اليمني أول الأمر، وعلى بقية منطقة الخليج العربي لاحقاً.
عطفاً على ذلك، تبدو إرهاصات تهديد الملاحة في منطقة الخليج العربي، مثيرة للقلق من جراء استخدام الدرونز، وعليه يحق للمرء أن يتساءل ومن جديد: هل فتحت أميركا صندوق باندورا الدرونز بالفعل؟
بايدن يقيد الضربات الخارجية
في أوائل أبريل (نيسان) من عام 2019 انتقدت صحيفة "نيويورك تايمز"، بيانات البنتاغون عن أن الغارات الجوية في الصومال لم تتسبب في مقتل أي مدنيين، منذ أمر الرئيس ترمب بتصعيد الهجمات على متشددي حركة الشباب الإسلامية.
منطلق "نيويورك تايمز" الرافض لفتح المجال على مصراعيه لتلك الضربات، هو أن غياب الشفافية حول الضحايا المدنيين يساعد الأعداء على تقديم سرديات خطأ ويجعل من الصعب على الحلفاء الدفاع عن الأفعال الأميركية.
هل جاء بايدن ليصحح الوضع؟
أواخر مارس (آذار) الماضي، قالت إميلي هورن، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي لموقع "ذا إنترسبت" إن إدارة الرئيس جو بايدن فرضت قيوداً مؤقتة على ضربات الطائرات من دون طيار، والتي تستخدم لمكافحة الإرهاب.
هل في الأمر مراجعة أميركية للجني الذي انفلت من قمقمه؟
مؤكد أن مثل تلك المراجعات الأميركية تتطلع إلى المزيد من الشفافية بشأن مكافحة الإرهاب، غير أن ذلك لا يعني أن بقية دول العالم تسعى السعي نفسه.
الحقيقة المؤكدة هي أن العالم أمام تحد غير مسبوق يدخل ضمن آليات وأساليب الجيوش الفقيرة والميليشيات المتطرفة، ومع قليل من الإبداع التقني وتقبل الأضرار الجانبية، تعوض هذه الأطراف ضعف الوسائل التقنية الحربية التي تكون غالباً باهظة الثمن.
إلى أين تمضي مسيرة المسيرات؟
يخشى الناظر من أن تكون هناك فصول أشد هولاً ورعباً، لا سيما حال حملت تلك المسيرات بعبوات غير تقليدية، كيماوية، بيولوجية، أو حتى نووية.