هل تفتح بعبدا الباب الحكومي بإعلان سقوط الثلث المعطل؟
اللواء
إذا صح ان المفاوضات المتصلة بتأليف الحكومة، والتي لا يخفى ان باريس على متابعة يومية لها، سواء عبر عين التينة أو بيت الوسط، أو قصر الصنوبر، تجاوزت بعض النقاط العالقة، سواء العدد أو «الثلث المعطل» فإن التبريد الجاري للموقف، الهدف منه امتصاص الغضب الخارجي، واراحة الأجواء بين الجمعة العظيمة والفصح المجيد، لرؤية ما يتعين فعله، بعدما باتت محطات الانتظار بلا معنى، سواء لجهة الاستحقاقات الخارجية، أو الاجندات ذات الصلة بها، وسط معلومات دبلوماسية، تجزم بأن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، لم تقل كلمتها بعد في ما خص الوضع في لبنان وسوريا، وان جل ما يساق من مواقف هو من «عنديات» دبلوماسيي حقبة الرئيس السابق دونالد ترامب، سواء ما تدلي به السفيرة الأميركية دورثي شيا أو ما سبق، واعلنه مساعد وزير الخارجية مايك بومبيو، ديفيد شنكر، الذي ترك الخارجية ويتجه لمعاودة عمله السابق في السلك الجامعي.
وما زالت تفاصيل التحركات والاتصالات الجارية لحلحلة الازمة الحكومية محصورة في نطاق طرح الافكار واستكشاف المواقف منها، مع تفادي الاعتراف بكون ما يطرح بالمبادرة خشية عرقلتها او افشالها تجنبا لتداعياتها وزيادة منسوب الاحباط لدى اللبنانيين.
لكن ما كشفته مصادر متابعة لعملية تشكيل الحكومة، يشير الى اتصالات مستمرة بعيدة من الاضواء، يقوم بها اكثر من طرف وجهة فاعلة وفي مقدمتهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لتذليل الخلافات وطرح صيغ مقبولة لدى المعنيين بعملية التأليف، لافتة الى انها بلغت مرحلة مقبولة، لجهة صيغة الحكومة المرتقبة، بينما لا يزال مطلوبا تبديد عقبات قد تطيح بكل التحركات والوساطات وتعيد الأمور إلى نقطة الصفر. وحددت المصادر هذه العقبات التي ماتزال تقف حائلا امام تشكيل الحكومة، مطالبة رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه بحصة الثلث المعطل باي تشكيلة وزارية، والمطلوب حاليا صدور موقف قاطع من قبل الرئاسة الاولى يرفض هذا الطلب وهو ما يجري العمل على بلورته نهائيا. إضافة لذلك هناك من يطالب باعادة توزيع الحقائب من جديد، فيما يصر رئيس الجمهورية على إنهاء الخلاف الحاصل بين الرئيس المكلف وصهره جبران باسيل وتحقيق المصالحة بينهما، وتردد ان بري لم يمانع القيام بدور في هذا الخصوص.
واعتبرت المصادر ان هناك تطورات مستجدة شكلت عوامل ضاغطة لتسريع الخطى باتجاه حلحلة ازمة تشكيل الحكومة ومنها، التردي المتسارع للوضع المعيشي للبنانيين، الضغوط الاقليمية والدولية المتسارعة وارتفاع لهجة فرض عقوبات اميركية واوروبية على قيادات ومسؤولين عن عرقلة التشكيل.
ولفتت المصادر إلى ان موقف الامين العام لحزب الله حسن نصرالله بالامس من موضوع تشكيل الحكومة، يعتبر مؤشرا مساعدا لدفع الاتصالات والمشاورات لتشكيل الحكومة العتيدة نحو الامام، وان كان الحديث عن احتمال تحقيق اي تقدم ايجابي، مايزال مبكرا وينتظر بلورة نتائج الوساطات الجارية الى وقائع ملموسة على الأرض.
وفهم من مصادر سياسية مطلعة أن التحرك الحكومي الحاصل لا يزال في إطار تبادل الأفكار وقالت هذه المصادر لـ«اللواء» أن هناك معطيات إنما لا تزال تحتاج إلى روتشة نهائية و هذا يتم من خلال الاتصالات التي تجري الآن ولفتت إلى أن هناك لقاءات مختلفة منها لقاءات المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم.
ورأت أن الرئيس بري يتحرك في اتجاه الضغط حول هذا الملف منسقا مع اللواء ابراهيم خطواته واعتبرت أن صيغة الـ٢٤ لا تزال تتقدم وتنتظر موافقة نهائية من رئيس الحكومة المكلف الذي لا يزال يدرس بعض التفاصيل وقالت ان لا كلام يتم تداوله إلا ذلك المتعلق بصيغة ٨-٨-٨ من دون ثلث معطل معلنة أن التأخير في ترتيب بعض الأمور يعود إلى جس نبض مهمة اللواء ابراهيم فضلا عن إمكانية اعادة التواصل بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف إلا إذا حضرت الطبخة والتقيا للتوقيع عليها وهذه مسألة تكشفها الأيام المقبلة.
وعليه، تسير مساعي الرئيس بري بين حدّي النجاح والفشل، وهو مستمر بها برغم بعض العراقيل القائمة، يعاونه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، العائد من باريس، والذي زار عين التينة امس، حيث عرض مع الرئيس بري، للاوضاع العامة والمستجدات الامنية والسياسية. وعلمت «اللواء» ان اللواء ابراهيم زار ايضاً رئيس الجمهورية ميشال عون امس بعيداً عن الاعلام.
كذلك عرض الرئيس بري التطورات السياسية والحكومية وشؤونا تشريعية، مع الامين العام لحزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان.
وعلمت «اللواء» من مصادرمطلعة على موقف الرئيس المكلف سعد الحريري، «انه منفتح على اي حل لتشكيل الحكومة يقترحه الاصدقاء والحلفاء كالرئيس بري ووليد جنبلاط، بما يعني موافقته على توسيع الحكومة الى 24 وزيرا من الاختصاصيين، لكن من دون التنازل عن موقفه الرافض منح الثلث الضامن لأي طرف، لأن التجارب الحكومية السابقة تدل على فشل هكذا حكومات».
واوضحت المصادر ان الحريري ينتظر بلورة موقف الرئيس عون من هذا الطرح والذي ربما يكون قد نقله اليه امس اللواء ابراهيم، ليُبنى على الشيء مقتضاه، لأنه كان يقول انه لم يتلقَ اي شيء رسمياً عن مبادرة بري الجديدة.
نصر الله: جهود جادة
وفي السياق الحكومي، أشار الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله في الحفل التأبيني الذي أقامه «تجمع العلماء المسلمين» بعد ظهر امس، للشيخ القاضي أحمد الزين، أن الكل يُجمع أن المدخل الذي يضع الأمور على طريق الحل في لبنان هو تشكيل حكومة. وتابع «البلد استنفد وقته وحاله وروحه وآن الأوان لأن نضع كل الأمور جانباً ونذهب في محاولة جادّة لانهاء المأزق الذي يعيشه البلد حالياً.
وأضاف: أقول للبنانيين، لا تيأسوا، وهناك جهود جادة وجماعية للتعاون في محاولة لتذليل بقية العقبات.
عون وبستان جدّه
الى ذلك، اكد رئيس الجمهورية ميشال عون في حديث لقناة «الجديد» انه «لا يمكن التراجع عن معركة التدقيق الجنائي، والتدقيق رح يصير». مشيراً الى ان المصرف المركزي علم يرد حتى الان على وزارة المالية وأسئلة «الفاريز اند مارسيل» وقال: «بعد ما ردو، عم يجربو يتهربو بس لوين رح يهربو».
اضاف: «شغل كان بينعمل بأسبوع، صرلهم 4 أشهر مراسلات ومكاتيب، وبعدها الناس بتسأل مين ما بدو التدقيق الجنائي؟».
واستذكر عون «عشرات القوانين التي تقدّم بها ودفنت في أدراج المجلس النيابي، وركّز على مشروع قانون إنشاء محكمة خاصة للجرائم المالية التي تشمل صلاحيتها الجرائم الواقعة على الأموال العمومية، الذي تقدّم به عام الفين وثلاثة عشر. مشيراًإلى عقبات وضعت في وجهه نائباً ورئيس تكتل «إلى أن تحوّلت الى أصفاد كبلت رئاسته».
وقال ردا على سؤال: «بس رجعت بالـ 2005 قالو عني تسونامي. صحيح وقدرت أقضي على جزء كبير من الاقطاع السياسي وما بقى إلا كم واحد. لكن ما كنت متخيل أنه رح كون مكبّل هلقد، ما كنت متوقع انه المنظومة هلقد ومحصنة، حتى بالقضاء وهو المرجع الذي اعتمدناه لخوض معاركنا، تبين أنه حلقات، حتى لو تجاوزنا حلقة واحدة، نصطدم بعقبات وحلقات كثيرة».
و»بين الجنرال التسونامي المتحرّر من كل قيد، والرئيس المكبل هل من مفاضلة»؟ يجيب الرئيس عون: «من فترة قلتلها لمرتي يا ريت ورتت بستان جدي وما عملت رئيس جمهورية».
القضم النفطي السوري؟
وكأن، حبل الأزمات موصول بكل الاتجاهات، فقد قفز الملف النفطي البحري الى الواجهة من جديد، من بوابة الشمال هذه المرة، اثر توقيع الحكومة السورية منذ ايام اتفاقية مع شركة «كابيتال الروسية»، لتقوم الاخيرة بموجبه بعملية المسح والتنقيب عن النفط في مناطق، مثبتة لبنانيا حسب المستندات. ويتبين من خلال العقد المبرم بين دمشق والشركة، أن الحدود البحرية التي رسمها الجانب السوري وخاصة في البلوك رقم واحد، مُتداخلة مع البلوك رقم 1 والبلوك رقم 2 من الجانب اللبناني، ستضع بموجبه دمشق اليد على نحو 750 كلم مربعا من البلوكات اللبنانية.
ووسط صمت رسمي حيال القضية، غرد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عبر تويتر سائلا «لماذا فجأة مات ملف ترسيم الحدود البحرية مع اسرائيل برعاية الامم المتحدة حول النفط والغاز والتي عمل الرئيس بري على مدى عشر سنوات على تحديدها ونجح الامر الذي يعطي فرصة امل للاقتصاد اللبناني في انتظار التسوية بين الـ١٨ او الـ ٢٤ ؟ ومن وراءها؟».
وغرّد عضو تكتّل «الجمهورية القوية» النائب جورج عدوان على «تويتر»: «السيادة الوطنية كلّ لا يتجزأ: الحكومة مطالبة فوراً ومسؤولة عن اتخاذ التدابير الحازمة لحفظ حقوق لبنان شمالاً كما جنوباً في ما يتعلّق بحدوده البحرية والبرية. عدم التحرك والاعتراض يحمّل الحكومة ولو مستقيلة المسؤولية الكاملة القانونية والتاريخية عن التخلي عن السيادة والحقوق الوطنية».
وسألت عضو كتلة المستقبل النائبة رولا الطبش عن «ما صحة قضم سوريا للحدود اللبنانية البحرية بأكثر من ألف كيلومتر مربع، وضمها لحصتها وتوقيع عقد مع روسيا للتنقيب عن النفط والغاز فيها؟ أين السلطات اللبنانية الرسمية مما يجري؟ وما هذه الغيبوبة المشبوهة؟ لقد انتظرنا الخرق من الجنوب، من العدو، فإذا به يأتي من الشمال، من الشقيقة».
واعتبر عضو تكتل «لبنان القوي» النائب سيزار ابي خليل، في حديث تلفزيوني أن «ثمة اعتداء ورقيا سوريا على حقوق لبنان».
واذ رأى أن «الترسيم السوري يتعارض مع الترسيم اللبناني»، اكد أن «الخط السوري المرسوم يصيب البلوك 1 و2»، وأشار إلى أن «الترسيم السوري لا يعتمد اي اسس منطقية او علمية لترسيم الحدود البحرية بين الدول».
وذكر بان «السوريين اقدموا على هذه الخطوة منذ أعوام، ويومها اعترض لبنان عبر وزارتي الطاقة والخارجية، وتم ابلاغ الجانب السوري والامم المتحدة بالاعتراض».
وشدد على أن «السوريين مطالبون باتباع الاصول بين الدول المتجاورة والتنسيق مع الحكومة اللبنانية، وهم يعرفون ان ما رسموه ليس من حقهم، ولا يمكن فرضه أمرا واقعا، بل المطلوب منهم العودة عن الامر».
وعن مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري حيال تأليف الحكومة، أعلن أن «تكتل «لبنان القوي» ينتظر الطرح مكتملا ليتمكن من التعليق عليه وإبداء الرأي»، لكنه أوضح أن «طرح 24 وزيرا ايجابي، اذ يردنا الى منطق الاختصاصيين ويسمح بأن يكون لكل وزير حقيبة واحدة من دون الدمج بطريقة غير منطقية كما حصل في طرح الرئيس المكلف سعد الحريري حين جمع بين الخارجية والزراعة.
أكد أن «لا مشكلة في الثلث المعطل ولا مطالبة به، بل الموضوع في من يسمي الوزراء»، مذكرا بـ»أننا في نظام ديموقراطي برلماني، وأن هناك ميثاقية يضمنها رئيس الجمهورية».
الاجتماع العاصف
على أن الأخطر، ما كشف عن اجتماع عاصف ونقاش حاد بين رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة خلال الاجتماع الذي عقد في السراي الكبير، الجمعة الماضي، حول ترشيد الدعم الذي يقدمه مصرف لبنان للسلع الضرورية، والذي بلغ الخط الأحمر الفاصل.
وتحدثت المعلومات المسربة انه وخلال الاجتماع طالب دياب حاكم مصرف لبنان بدفع 30 مليون دولار لوزير الطاقة من اجل تأمين مبالغ لصيانة معامل الكهرباء. عندها رفض سلامة كلياً دفع اي مبلغ لـ»الطاقة» ولمؤسسة كهرباء لبنان، قبل ان يقر مجلس النواب قانون سلفة بقيمة 200 مليون دولار لمؤسسة الكهرباء، وأكد سلامة انه لن يدفع من اموال المودعين الـ200 مليون دولار!
عند هذا الحد انفعل دياب وأصر على ان سلامة ملزم بتنفيذ قانون السلفة، فأكد حاكم المركزي ان القانون لا يلزمه بتحويل السلفة المقرة إلى دولارات، وخصوصاً ان السلفة تلزم وزارة المال بتأمين المبلغ وليس مصرف لبنان، وأن على الحكومة ومجلس النواب تأمين التغطية المالية لأي سلفة يقرونها أو اي إنفاق، وأن الأمر ليس من مسؤولية مصرف لبنان.
وعلى وقع هذه الوقائع اليومية، انلطقت مسيرة من وسط بيروت، وجالت في الشوارع للمطالبة بحكومة انتقالية، وردد المشاركون شعارات تندد بفساد الطبقة الحاكمة ومجلس النواب، تحت شعار «الدستور مش لعبة بأيديكم».
تحركات نقابية
وهذا التأزم المعيشي فرض نفسه على النقابات التي دعت للتحرك في الشارع، فأعلن رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري بسام طليس ان الاربعاء المقبل يوم إضراب عام وتحرك ومسيرات سيارة لقطاع النقل البري على كل الاراضي اللبنانية، على ان تعقد الاتحادات الثلاثاء مؤتمراً صحافياً لإعلان آلية التحرك وبرنامجه. ورأى المجلس التنفيذي للاتحاد العمالي العام ان «إمعان المنظومة السياسية – المالية في التلكؤ في تأليف حكومة انقاذ ومواجهة واجبها الأساسي في وقف الانهيار والتفكك الذي يتعرض له المجتمع والوطن بعماله ومؤسساته، إنما هو جريمة موصوفة في حق جميع اللبنانيين»، محملاً «القوى السياسية الممسكة والمعنية بالقرار كامل المسؤولية عن المضي في ارتكاب هذه الجريمة الخطيرة إذ أن سعر الدولار ارتفع عشرة أضعاف، وفقدت الأجور في القطاعين العام والخاص اكثر من 85% من قيمتها الشرائية، وارتفعت نسبة البطالة إلى اكثر من 60% في مختلف القطاعات، وانهار القطاع التعليمي والصحي، بالاضافة إلى انهيار القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية والمالية والمصرفية».
468400 إصابة
صحياً، سجلت وزارة الصحة في تقريرها اليومي 3393 إصابة جديدة بفايروس كورونا ة50 حالة وفاة خلال الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 468400 إصابة مثبتة مخبرياً بدءا من 21 شباط 2020.