النهار الاخباريه بيروت
مع تزايد الحديث عن احتمالات أمنية مقلقة في الأفق، بدأت حركة لافتة في الأيام الأخيرة تشهدها المناطق الساحلية والجبلية في لبنان، خصوصا في المتن وكسروان والشوف، حيث ارتفع الطلب بشكل ملحوظ على استئجار الشقق المفروشة.
واللافت أن معظم المستأجرين الجدد هم من أبناء الضاحية الجنوبية لبيروت والجنوب اللبناني، ممن سبق لهم أن نزحوا من هذه المناطق خلال الحرب الأخيرة، وها هم اليوم يتحركون مجددا كإجراء احترازي، في مشهد يعيد إلى الأذهان أياما غير بعيدة.
وكان جنوب لبنان والضاحية من بين أهداف إسرائيل في غاراتها الأخيرة على البلاد، إذ تقول إنها تستهدف بنى تحتية وقادة لحزب الله، رغم وقف إطلاق النار.
وبين الحذر لمن قرر أن "الاحتياط خير من الندامة" ومن يرى أن "لا شيء سيتغير"، تبقى هذه التحركات مؤشرا على قلق كامن في نفوس كثيرين من اللبنانيين، وحنين لمناطق لطالما اعتبرت ملاذا آمنا خلال العواصف.
لكن هذه المرة، قد يتعارض الأمان مع الغلاء، فهل تقدر العائلات على تحمل كلفة "الفرار الاستباقي"؟
ملاذات صيفية مبكرة
"منذ أسبوع أبحث عن شقة بمنطقة برمانا، وكلما وجدت بيتا مناسبا يكون مستأجرا أو يقفز السعر فجأة"، هذا ما قالته منى لموقع "سكاي نيوز عربية"، وهي أم لثلاثة أولاد من سكان حي ماضي في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وبرمانا إحدى القرى من قضاء المتن في محافظة جبل لبنان، على الساحل الغربي للبلاد.
وأضافت: "نحن لا ننتظر شيئا ليحدث لكننا لا نريد مفاجآت. جربنا النزوح من قبل ونريد أن نكون جاهزين هذه المرة".
أما أبو أحمد، وهو موظف متقاعد من حارة حريك في الضاحية أيضا، فاستأجر شقة صغيرة في عاليه بمحافظة جبل لبنان أيضا، لمدة 3 أشهر قابلة للتمديد.
وقال: "أنا لا أريد الهروب، بس أسعى لضمان الأمان لأولادي إذا انفلت الوضع".
وبدأت هذه الحركة تنعكس مباشرة على سوق العقارات في بعض مناطق لبنان.
فأسعار الإيجارات في المناطق الجبلية والساحلية ارتفعت بنسبة تتراوح بين 20 و30 بالمئة في أقل من شهر وفق تقديرات غير رسمية، خاصة أن هذه الفترة تسبق موسم الصيف الذي يشهد أصلا ذروة في الطلب.
وقال المحلل في الشؤون الاقتصادية منير يونس لموقع "سكاي نيوز عربية": "إذا استمر هذا السيناريو فنحن نعود إلى ما شهدناه خلال أيام الحرب".
وتابع: "في بعض المناطق سيكون هناك طلب مرتفع، لكن هذه المرة ستكون الأسعار أعلى بسبب اقتراب موسم الصيف، حيث يزداد الطلب على العقارات بشكل موسمي".
ويضيف يونس: "إذا عادت حالة الحرب فإن الأمر يعتمد على مدى امتدادها وحجمها والمناطق التي ستتركز فيها. إذا كانت محدودة فالأمر سيكون مختلفا عن حرب شاملة. في حال كانت الحرب كبيرة فقد تختفي العقارات الموسمية، خصوصا في الصيف".
وإلى جانب الضغط على المناطق الجبلية والساحلية، من المتوقع أن يخف الطلب على العقارات داخل الضاحية الجنوبية مؤقتا، وفق يونس، مع احتمال عرض المزيد من الشقق للإيجار، مما قد يؤدي إلى استقرار أسعارها أو حتى انخفاضها إذا طالت الأزمة، وهو أمر يعتمد على تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في المرحلة المقبلة.